حركة «حفل الشاي» تثبت قدميها في الواقع السياسي الأميركي

لعبت دورا حاسما في انتخابات محلية أخيرة.. وتساؤلات حول اتجاهها لكسر احتكار الحزبين الرئيسيين

امرأتان ترفعان شعارات خلال تجمع لحركة حفل الشاي في فلاغستاف بولاية أريزونا (رويترز)
TT

شهدت الأسابيع الماضية مؤشرات تدل على تغيير في الواقع السياسي الأميركي توج بحصول حركة «حفل الشاي» على أول انتصار سياسي ملموس، تمثل في فوز مرشحها ليكون المرشح الجمهوري لولاية كنتاكي في الانتخابات المقبلة في الكونغرس.

وكان من المفترض أن تكون الانتخابات المحلية يوم الثلاثاء الماضي لتحديد مرشح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات مجلس الشيوخ أمرا محليا لا يثير الكثير من الاهتمام، إلا أن فوز مرشح «حفل الشاي» راند بول فاجأ الكثير في ولاية كنتاكي وخارجها، إذ إنه أول مرشح للحركة الشعبية الأميركية يستطيع أن يحصل على دعم كبير من الأقطاب المحافظة في الولاية ويتقدم على مرشح الحزب الجمهوري المفضل تري غريسون.

وبينما اعتبر فوز بول أول نصر سياسي واضح للحركة التي ازدادت توسعا وانتشارا منذ انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة نهاية عام 2008، فإن الحركة استطاعت أن تلعب دورا في الانتخابات المحلية مما ينذر بدور أكبر لها في الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقد لعبت حركة «حفل الشاي» دورا في قرار عدد من الجمهوريين بعدم الترشح للانتخابات المقبلة بسبب خسارتهم مؤيدين لصالح الحركة اليمينية المحافظة. وأعلن السيناتور عن ولاية يوتاه، بوب بينيت، عدم نيته في إعادة الترشح لمقعده في مجلس الشيوخ مجددا هذا العام، في قرار عزاه المحللون نسبيا إلى معاداة حركة «حفل الشاي» له. كما أن مرشحا جمهوريا فاز بمقعد ماساشتوستس هذا الربيع بسبب تأييد حركة «حفل الشاي».

ويؤمن مؤيدو حركة «حفل الشاي»، التي تأخذ اسمها من حدث تاريخي في الولايات المتحدة ساعد في الثورة ضد بريطانيا واستقلال أميركا، بثلاثة مبادئ أساسية هي: المسؤولية المالية، أي تقليص الضرائب، ومنع الصرف الحكومي العالي، والحكومة ذات السلطة المحددة، أي تقليص دور الحكومة في حياة الفرد والأسواق الحرة. وهناك جانب اجتماعي مهم للحركة مبني على المبادئ المحافظة التي تعتبر أساسية لها وتزيد من عدد المؤيدين لها، خاصة في الولايات المعروفة تقليديا بأنها محافظة.

ويذكر أن داعمي حركة «حفل الشاي» ينتمون إلى اليمين الأميركي وغالبيتهم من مؤيدي الحزب الجمهوري، فالتأثير المباشر في الانتخابات التشريعية المقبلة سيكون على الحزب الجمهوري، إلا أنه في الوقت نفسه، تراقب الأوساط الديمقراطية نمو الحركة واستخدامها وسائل شبيهة بتلك التي اعتمدتها حملة الرئيس باراك أوباما عندما كان مرشحا في سباق الرئاسة الأميركية عام 2008. فمثل حملة أوباما، تعتمد حركة «حفل الشاي» على الإنترنت للتواصل بين مؤيديها وجمع التبرعات.

وتقول الحركة في بيان حول أهدافها وطريقة عملها إنها «تقر وتدعم قوة التنظيم الشعبية التي يقويها النشاط والمسؤولية المدنية على المستوى المحلي». كما أن حركة «حفل الشاي» والقائمين عليها يحاولون تصويرها كبديل للواقع السياسي الحالي. فبينما تبنى أوباما شعار «التغيير» لطريقة عمل واشنطن خلال حملته، تبنت الحركة خطابا مبنيا على اعتبار أن الحزبين غير قادرين على خدمة الشعب خارج المصالح السياسية الضيقة.

وفي تأكيد على ارتباطه بحركة «حفل الشاي» وتشديد على أهمية اختياره مرشحا للحزب الجمهوري، اعتبر بول، أول من أمس، أن نجاحه بمثابة «تصويت لصالح حركة (حفل الشاي)». وأضاف في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الإخبارية اليمينية: «رسالة (حفل الشاي) مفادها أنه يتعين علينا حقا أن نعيد السيطرة على الحكومة. يجب تقليص (صلاحيات) واشنطن». وكان منافس بول الرئيسي غريسون يتمتع بدعم رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل، بالإضافة إلى مساعدة أقطاب رئيسيين في الحزب، لكن ذلك لم يكن كافيا لفوزه بترشيح الحزب. وتنشغل الأوساط الإعلامية والسياسية الأميركية في تحليل حركة «حفل الشاي» ليس فقط لتأثيرها على الانتخابات المقبلة مباشرة ولكن لمعرفة ما إذا كان هناك مجال في المشهد السياسي الأميركي لحركة أو حزب ثالث، إذ تقليديا بقي النظام الأميركي معتمدا على الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الرغم من محاولات عدة لسياسيين مثل رالف نادر، لكسر سيطرة الحزبين على الواقع السياسي.

وفي حين يستبعد محللون تحول حركة «حفل الشاي» إلى حزب ثالث، فإن قدرتها على هزيمة شخصية معروفة في الحملة الانتخابية التمهيدية في كنتاكي أعطت مؤشرا عن قوة الحركة. وبينما لم توضح شخصيات مؤثرة في حركة «حفل الشاي»، وأبرزها المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي سارة بالين، ما إذا كانت الحركة ستنضم رسميا إلى الحزب الجمهوري، فإن قدرتها على تحريك جزء كبير من مؤيدي الحزب الجمهوري التقليدي، يعطيها قوة في التفاوض مع قيادة الحزب الجمهوري بشأن دورها في المستقبل إذا شاءت أن تنضم رسميا إلى الحزب.

وتراقب إدارة الرئيس أوباما التطورات فيما يخص حركة «حفل الشاي»، في وقت تخشى من تأثير عامل معروف في السياسة الأميركية بأنه «معاداة الحاكم»، أي ضجر الناخب الأميركي ممن يتولى الحكم وتحميله مسؤولية المشكلات الداخلية. ومع الأزمة الاقتصادية ونسبة بطالة بلغت نحو 10 في المائة ومعارضة داخلية لعمل الكونغرس الحالي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ولديه نحو 30 في المائة فقط من التأييد الشعبي، تمثل حركة نشطة مثل حركة «حفل الشاي» تحديا حقيقيا لأعضاء الكونغرس الذين يواجهون سباقا انتخابيا صعبا الخريف المقبل.