أقلية شيعية في شمال لبنان تهدد بتعطيل الانتخابات بسبب إقصائها

«القوات اللبنانية» أطاحت بالتعايش

TT

لا يبدو أن إقصاء الأقلية الشيعية عن انتخابات بلدة صغيرة لا يزيد عدد ناخبيها عن 130 شخصا سيمر مرور الكرام. فقد أصدرت الطائفة الشيعية في بلدة متريت الشمالية الواقعة في قضاء الكورة ذي الغالبية المسيحية يوم أمس بيانا أعلنت فيه مقاطعتها للانتخابات البلدية التي ستجرى في الثلاثين من الشهر الحالي إثر نقض اتفاق جرى بين سكان القرية (%75 موارنة و%25 شيعة). ويقضي الاتفاق السابق بأن ينتخب للمجلس البلدي المكون من تسعة أعضاء سبعة موارنة وشيعيان على أن يتناوب على رأس المجلس البلدي شيعي وماروني كل ثلاث سنوات مداورة، وهو ما كان يعتمد. وجرى تجديد هذا الاتفاق قبل ثلاثة أسابيع بموافقة أهل البلدة، لكن وبحسب رئيس بلدية متريت السابق سلامة سلامة، فإن مجموعة من أهل القرية قرروا الانقلاب على الاتفاق، وتشكيل لائحة ذات غالبية من «القوات اللبنانية» ستحظى بحكم الميول المعروفة لأهل القرية بغالبية الأصوات وتتمكن من الوصول إلى المجلس البلدي. وبالتالي يفضل سحب المرشحين الشيعيين. ويقول رئيس «جمعية إنعاش القرى الخمس» الدكتور ماهر حسين التي تعنى بتنمية القرى القليلة التي لا يتجاوز عددها السبع في شمال لبنان ويقطنها شيعة يصل عددهم إلى خمسة آلاف نسمة إنه اتصل بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان وشرح له الظلم الذي يقع على الطائفة، وهو بدوره سيوجه رسالة إلى البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، يلفت نظره من خلالها أن ممارسة «القوات اللبنانية» في هذه البلدة وإقصاء التمثيل الشيعي هو مس بالعيش المشترك الذي نص عليه الدستور اللبناني.

ويقول الدكتور حسين وهو طبيب جراح يعمل في بيروت، ويرأس هذه الجمعية الإنمائية في الشمال التي أسسها والده منذ عام 1961: «لن نسكت عن هذا التجاوز، سنسحب المرشحين الشيعيين، وليشكلوا مجلسا بلديا من لون واحد إن استطاعوا.

إن لم تحل المشكلة حتى يوم غد (اليوم) فنحن سنتوجه إلى وزير الداخلية باعتراض لإيقاف العملية الانتخابية في متريت كما أوقفت في منطقتين أخريين لأنها لا تراعي أصول العيش المشترك، وتقصي طائفة عن التمثيل».

وجدير بالذكر أن سبع قرى في منطقة الكورة شمال لبنان يسكنها شيعة. هناك قريتان بنهران وزغرتا المتوالية (تمييزا لها عن زغرتا المارونية) شيعيتان خالصتان، فيما يشكل الشيعة %30 من سكان قرية بحبوش، و%25 من سكان متريت، و%10 من سكان قرى دير بلا وبزيزا وراس مسقا. وتشارك غالبية هذه القرى في الانتخابات النيابية، لكن القرية الوحيدة التي تشارك في الانتخابات البلدية وتتواجد فيها الطائفة الشيعية بنسبة عالية هي متريت، التي كانت تابعة لبلدة بشرى قبل أن يصبح لها بلدية مستقلة عام 2004.

ويصر رئيس بلدية متريت السابق سلامة سلامة على التذكير بأن الوجود الشيعي في هذه المنطقة قديم، وسبق الوجود المسيحي فيها، وأن المنطقة بقيت مثالا للتعايش حتى في أحلك الظروف. وهو ما يؤكده أيضا الدكتور ماهر حسين الذي يحدثنا عن مؤسسات خيرية، ومدارس ومستوصفات، ومؤسسات رعاية أقامتها جمعيته يستفيد منها أبناء هذه القرى، بصرف النظر عن طائفتهم ويضيف: «والدي كان يعمل إلى جانب الإمام موسى الصدر وأسس معه حركة أمل، وأنا ابن الصدر الروحي، وتوجهاتنا ليست مذهبية ولا طائفية وإنما هي إنسانية بالدرجة الأولى. هكذا كان وجودنا في المنطقة وهكذا سيبقى». وينفي الدكتور حسين أن تكون هذه الأقلية الشيعية في الشمال مدعومة من الحزبين الشيعيين الأساسيين «أمل» و«حزب الله» من الناحية التمويلية، «فنحن لا نفيدهم انتخابيا ولا نستطيع أن نصوت لهم، فلماذا يعنون بنا».

وعن سبب إصرار «القوات اللبنانية» على نقض الصيغة التي كانت سائدة يقول الدكتور حسين: «التنافس الحاد بين التيار الوطني الحر و(القوات اللبنانية) على عدد البلديات التي سيحصدها كل منهم إثر الانتخابات أدى إلى أن يضرب بعرض الحائط بالكثير من الاعتبارات. التيار ضعيف في متريت، والغالبية الساحقة ميولهم قواتية، وهو ما تستفيد منه (القوات اللبنانية)، لتقول إنها كسبت بلدية كاملة، علما بأن عضوين في المجلس لن يغيرا من واقع الأمر شيئا، لكن عدم وجودهما يعني أن هناك تهميشا لطائفة، وهذا ما لن يكون لصالح أحد».