نصر الله يدعو الجنوبيين لإقامة الأعراس الانتخابية مقابل نزول الإسرائيليين إلى الملاجئ

لبنان: زحمة موفدين دوليين يطلبون عدم تقديم الذرائع لإسرائيل.. وحزب الله يجهز قواته

زعيم حزب الله حسن نصر الله يلقي كلمة في احتفال بمناسبة افتتاح معلم سياحي في جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

سأل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله: «لماذا كل الزيارات الأميركية والأوروبية والعربية إلى لبنان؟ وما الذي يحصل في لبنان؟»، وحض أبناء الجنوب على عدم الخوف من مناورات العدو الإسرائيلي وأن يمارسوا حقهم في الانتخابات البلدية بكل حرية.

وقال نصر الله في كلمة ألقاها أمس خلال افتتاح «المعلم السياحي الجهادي» في بلدة مليتا - إقليم التفاح: «لا تخافوا من مناورات العدو، فنحن سنقدم مشهدا على طرفي الحدود: في الجنوب أعراس انتخابية وفي الجانب الآخر (الإسرائيلي) الملايين الذين ينزلون إلى الملاجئ ويقدمون خطة طوارئ خوفا من المقاومة. أقيموا يوم الأحد أعراسا للتحرير وحولوا الانتخابات إلى عرس وليس إلى استفتاء، وثقوا أن المقاومة التي تشكل أرض مليتا موقعا من مواقعها استطاعت أن تمتد بمليتا كرمز إلى كامل أرض جبل عامل لتكون حاضرة في كل المعادلات الإقليمية والدولية»، معتبرا أن «تاريخ لبنان موضوع معقد وشائك وصعب ومن أصعب الملفات، نتيجة التعقيدات الموجودة في البلد؛ التعقيدات المذهبية والطائفية والمناطقية». وأضاف: «إننا في حاجة إلى الجهد لندون تاريخ المقاومة من دون تزوير وبقول الحقيقة كما هي»، مشيرا إلى أن «التاريخ يأخذ بعين الاعتبار الأدوار الحقيقية، فلا يستثني أحدا ولا يتجاهل أحدا».

وتطرق إلى الانتخابات البلدية ودعا إلى المشاركة فيها بكثافة، ودعا أهل صيدا «إلى الهدوء» فـ«لا شيء يحرز»، وكذلك في جزين ومرجعيون وحاصبيا، و«حيث هناك تنافس فليقدم أهل الجنوب نموذجا، نحن لا نقيم استفتاء فالانتخابات النيابية كانت استفتاء، وحزب الله و(أمل) ليسا في حاجة إلى استفتاء على شعبيتهما لأن حجمهما السياسي معترف به ومثبت وطنيا وعربيا ودوليا». وختم نصر الله سائلا: «لماذا كل هذا التدفق والزيارات الأميركية والأوروبية والأجنبية والعربية إلى لبنان؟ ماذا يحصل في لبنان؟ لن أجيب اليوم وتبقى بقية الكلام إلى يوم المقاومة والتحرير في 25 مايو (أيار) الحالي». وقال نصر الله في كلمة ألقاها عبر شاشة عملاقة أمام مئات احتشدوا في المكان، إن كل «الجيوش التي تخوض حروبا وتنتصر في الحروب تنشئ متاحف وتعرض منجزاتها في هذه الحروب». وأضاف أن المعلم الواقع في مليتا في إقليم التفاح شمال نهر الليطاني، أي خارج منطقة انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، هو «خطوة متواضعة نسبة إلى تاريخنا وتاريخ شعبنا ولحجم التضحيات التي قدمت وحجم الانتصارات التاريخية التي تحققت». وتابع «نحاول من خلال هذا المتحف أن نقدم جهدا على طريق حفظ التاريخ وإحيائه وتقديم صورة مشرقة وواقعية وحقيقية عنه»، مشددا على أنه «من أهم مسؤولياتنا جميعا أن نرعى تاريخ المقاومة».

وأوضح نصر الله أن الهدف كان إنشاء «متحف على أرض المقاومة»، مشيرا إلى أن مليتا موقع عسكري انطلقت منه عناصر حزب الله لشن عمليات ضد الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي المتعامل معه خلال فترة الاحتلال (1978 - 2000). وقال: «هنا جزء من ثقافة المقاومة وأخلاق المقاومة... وهذا هو جوهر المقاومة».

الى ذلك استمر توافد المسؤولين الدوليين إلى لبنان بالتزامن مع الجولة العربية - الإقليمية التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري والتي يختتمها الأحد المقبل بزيارة واشنطن ثم الأمم المتحدة. ولا تزال التهديدات الإسرائيلية «طبقا رئيسيا» على مائدة المباحثات اللبنانية - العربية - الدولية، سواء من خلال جولة الحريري واتصالاته الخارجية، أو من خلال الوفود الغربية التي تستمر في الوصول إلى لبنان، وآخرها كان أمس، حيث زيارة قام بها وزير خارجية ألمانيا غيدو منستيرفيلي، بينما يصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى بيروت الأحد المقبل للتأكيد على «تمسك فرنسا بالاستقرار الإقليمي، وباستعدادنا للمساهمة فيه».

وبينما كان حزب الله يعلن عن إرسال آلاف المقاتلين إلى المنطقة الحدودية ردا على المناورات الإسرائيلية الكبيرة التي ستنطلق الأحد وتحاكي حربا على لبنان وغزة في الوقت نفسه، قال مسؤولون لبنانيون لـ«الشرق الأوسط» إن الوفود الغربية حذرت لبنان من «توفير ذرائع» لإسرائيل لشن حرب على لبنان، منبهين إلى أن الحرب إن وقعت ستكون لها نتائج «كارثية على الواقع اللبناني». وأشار مصدر لبناني واسع الاطلاع إلى أن إسرائيل تسعى للحصول من الولايات المتحدة على القبول بتوجيه ضربة لإيران، وفي حال حصل ذلك فإن الساحة اللبنانية ستكون في قلب الحدث. ونقلت المصادر أن المسؤولين اللبنانيين تلقوا وعودا بممارسة ضغوطات شديدة على إسرائيل، لكن بعضهم أشار إلى أن هذه الوعود «صيفية» فقط ولا ضمانات باندلاع مواجهات خريفية، انطلاقا من تطورات الملف النووي الإيراني.

وقال وزير الدولة عدنان السيد حسين إن وجود المقاومة وتأثير لبنان في محيطه وترؤسه مجلس الأمن الدولي، هي عوامل الازدحام الدبلوماسي في لبنان، مشددا على أن المقاومة من العوامل الأساسية في هذه الحركة. مشيرا إلى أن لبنان أبلغ رسالة دعم وأخذ الحيطة من العدو الإسرائيلي الذي يفتش عن فرصة للاعتداء على لبنان، وأن لبنان أبلغ المعنيين أنه يعرف كيف يمكن أن يدافع عن نفسه، وأنه يتطلع إلى مزيد من الاستقرار وتحقيق السلام.

وأعلن مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، أن الحزب «أطلق اليوم (أمس) تدريبات للآلاف من عناصره في الجنوب بالتزامن مع المناورات العسكرية التي تطلقها إسرائيل يوم الأحد». وأشار إلى أن الحزب «دعا عناصره إلى البقاء على أهبة الاستعداد للرد على المناورات الإسرائيلية»، قائلا إن «آلاف المقاتلين لن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات البلدية في الجنوب يوم الأحد، لأنهم يستعدون منذ الآن لأي طارئ».

وشدد قاووق على أن «إسرائيل لن تجد مكانا للاختباء به في فلسطين المحتلة، إذا شنت أي هجوم جديد على لبنان». وأكد قاووق خلال استقباله أمس المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، أن تدفق السلاح الاستراتيجي الأميركي على إسرائيل هو منبع الخطر وأن التهديدات الإسرائيلية المتواصلة ترفع من درجة السخونة في لبنان والمنطقة، مضيفا أن «الدور الأميركي في لبنان يتجسد في التبني المطلق للأهداف الإسرائيلية ويشكل عائقا أمام استقرار لبنان ووحدة شعبه»، لافتا إلى أن توقيت المناورات الإسرائيلية يوم الأحد المقبل (وهو يوم الاقتراع الانتخابي للمجالس البلدية في الجنوب) ليس صدفة ويحمل في طياته نيات عدوانية إسرائيلية. وأكد الشيخ قاووق خلال استقباله المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، أن المقاومين سيبقون على الثغور يوم الأحد (غدا) وأيديهم على الزناد، بينما سيتوجه شعب المقاومة إلى صناديق الاقتراع.

وفي إسرائيل أبرزوا تصريحات مسؤول حزب الله ولكن من دون تعليق. وكانت إسرائيل قد قررت إجراء تدريبات للدفاع المدني في نهاية هذا الشهر ولمدة خمسة أيام متواصلة، لفحص جاهزية أجهزة الدفاع المدني العسكرية والمدنية في حالة تعرض إسرائيل لهجوم عسكري شامل بالأسلحة التقليدية وغير التقليدية. وستشارك جميع المؤسسات الحكومية والتعليمية ومؤسسة «نجمة داود الحمراء»، وهي النسخة اليهودية من الهلال الأحمر والصليب الأحمر، والمؤسسة الإطفائية وقوات الإنقاذ على اختلاف انتماءاتها والبلديات وغيرها، في هذه التدريبات. كما ستشارك الحكومة الإسرائيلية فيها، حيث تعقد جلسة طارئة في إطار هذه التدريبات، وستعقد جلسات متواصلة للمجلس الأمني الوزاري المصغر لقيادة العمليات. والسيناريو الذي تتدرب عليه هو تعرض إسرائيل لهجمة بالصواريخ الجديدة من حزب الله، تعقبها هجمة صاروخية من الصواريخ البدائية الموجودة لدى حماس ثم هجمة سورية/ أو إيرانية شاملة، تستخدم فيها أسلحة تقليدية وأسلحة كيماوية وبيولوجية وغازية. كما يتضمن سيناريو هذه الحرب احتمالات إصابة مقار وزارة الدفاع ورئاسة الأركان وغيرهما من المواقع الحساسة ومصانع كيماوية وغيرها. وخلال التدريب تؤخذ في الاعتبار إمكانية احتياج إسرائيل إلى نقل مئات ألوف السكان من منطقة المركز (تل أبيب وضواحيها) إلى المستوطنات في الضفة الغربية.

وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، كرر أمس «ضرورة استمرار قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل». وأشار إلى أن «الأمم المتحدة تدعم الهدوء والاستقرار اللذين يسودان لبنان منذ تأليف الحكومة وإعادة إحياء مؤسسات الدولة». ولفت وليامز إلى أن «هناك أمورا كثيرة تعوق تطبيق القرار 1701، فمن الجانب الإسرائيلي هناك الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الأراضي اللبنانية، إضافة إلى مسألة قرية الغجر التي نأمل أن نشهد تقدما ملموسا فيها، فضلا عن مسألة مزارع شبعا. أما من الجانب اللبناني فهناك قلق من سلاح حزب الله». وعن تخوفه من اندلاع حرب في المنطقة، أجاب: «لا أعتقد ذلك، وهذا يعود إلى ثقة عدد من القياديين الذين قاموا بزيارات إلى لبنان الذي سيشهد هذا الأسبوع زيارتين لوزيري خارجية فرنسا وألمانيا بعد زيارات وزير الخارجية الإسباني وأميري الكويت وقطر الأسبوع الماضي»، مضيفا: «بالطبع إنهم يأتون لأنهم قلقون على الوضع، لكن هذه الزيارات تؤكد التزامهم بمساعدة لبنان والحفاظ على الاستقرار في المنطقة».