إسرائيل تطلب من أبو طير مغادرة القدس بعد ساعات من إطلاقه.. وحماس تحذر

تخوفات فلسطينية من ترحيل كل نواب المجلس التشريعي

TT

لم يمضِ النائب عن حركة حماس في القدس، محمد أبو طير، أكثر من أربع ساعات بعد إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي، حتى داهمته قوات الاحتلال من جديد واقتادته إلى «التحقيق الأمني»، ثم أبلغته بأمر إبعاده عن بيته في القدس ودعته إلى اختيار مكان نفيه: «بإمكانك الانتقال إلى مكان آخر في الضفة الغربية أو الانتقال إلى قطاع غزة، أو إلى الخارج» خلال أسابيع. وعند انتهاء التحقيق أطلق سراحه، ولكن مجموعة من نشطاء اليمين المتطرف كانت بانتظاره وحاولت الاعتداء عليه.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أطلقت سراح أبو طير بعد أن أنهى محكوميته بالسجن أربع سنوات، بعد «إدانته» بـ«تهمة» العضوية في حماس. وفي حينه تم اعتقاله مع نحو 40 شخصية فلسطينية من الأعضاء أو المقربين من حركة حماس، انتقاما لأسر الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، ومحاولة لاستخدامهم رهائن للضغط على حماس حتى ترضخ وتوافق على صفقة تبادل الأسرى. ولكن إسرائيل أطلقت سراح غالبية هؤلاء، وأبقت في السجن 12 شخصية حماسية أخرى، لكنها أعلنت أنها ستطلق سراحهم هم أيضا. وقد أثار إطلاق سراحهم غضبا في الشارع الإسرائيلي اليميني، وتساءل البروفسور أريه إلداد، من قادة حزب الاتحاد القومي اليميني المعارض: «لماذا امتنعت أجهزة الأمن (الإسرائيلية) عن فرض اعتقال إداري عليه؟ فهنالك نحو 800 معتقل إداري (بلا تهمة ولا محكمة) فلسطيني في إسرائيل». وأعرب النائب من نفس الحزب، ميخائيل بن آري، عن تقديره بأن حكومة نتنياهو تطلق سراح هؤلاء في إطار صفقة مع حماس.

وزادت الهجمة اليمينية على أبو طير، عندما نشرت وسائل الإعلام تصريحات له حول صفقة الأسرى وغيرها، اتهم فيها إسرائيل بتحمل كامل المسؤولية عن فشل صفقة شاليط. وقال إن الطرفين وصلا عبر الوسيط الألماني إلى اتفاق عدة مرات، وفي كل مرة كانت تصاب بالجمود كما هو الحال اليوم، بسبب الموقف الإسرائيلي. ودعا إسرائيل إلى اختيار طريق التفاهم وإطلاق سراح الأسرى، وإلى وقف الاعتداءات على القدس.

وكشف أن الأسرى الفلسطينيين من جميع الفصائل في السجون يقيمون تعاونا وحدويا، ويكرسون جل جهدهم من أجل خدمة قضاياهم، وأنهم قد أحيوا ذكرى النكبة الفلسطينية بالتحايل على سلطات سجون الاحتلال، حيث أقاموا مجموعة من الفعاليات المختلفة تذكيرا بنكبة شعبهم الكبرى على الرغم من نكبة الأسر التي يعيشونها. ومن ضمن هذه الفعاليات دوري رياضي في سجن «هداريم»، تحت اسم «النكبة»، حيث شاركت أعداد كبيرة من الأسرى في جميع الألعاب التي تضمنت كرة السلة والطائرة وتنس الطاولة ولعبة الشطرنج. وذكر أن الأسرى ختموا فعالياتهم الرياضية باجتماع كبير في ساحة السجن تم التذكير فيه بنكبة شعبهم وتشرده، حيث كانت اللجنة الوطنية التي تضم كل فصائل الحركة الأسيرة قد وزعت تعميما في ذكرى النكبة، أكدت فيه على «حق العودة المقدس للبيوت والممتلكات التي شُرّد منها أبناء شعبنا»، مشددة على ضرورة استمرار المقاومة بكل أشكالها لتحقيق ذلك، مذكرة بالوحدة الوطنية كأهم عامل من عوامل النصر. وبعد مرور أربع ساعات من وصوله إلى بيته، حضرت إليه فرقة من رجال الشرطة والمخابرات وطلبت منه مرافقتها إلى مقر الشرطة للتحقيق معه. وراح المحققون في الشرطة يهددونه بسبب تصريحاته، ثم أخبروه أنه مبعد عن بيته القائم في مدينة القدس، وأمهلته شهرا واحدا فقط (حتى 19 يونيو «حزيران» القادم) لإنهاء ارتباطاته في المدينة.

وحسب مصادر إسرائيلية فإن مصيرا مشابها ينتظر بقية الأسرى من سكان القدس، مثل وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية سابقا، خالد أبو عرب، والنائبين محمد طوطح وحمد عطون. واعتبر الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان هذه الخطوة الإسرائيلية بمثابة تنفيذ للقرار الذي أعلن عنه قبل شهرين إبعاد مجموعات واسعة من القادة الفلسطينيين عن الوطن أو ترحيلهم إلى قطاع غزة. وقد أبعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في هذا الإطار خلال الشهر، أربعة فلسطينيين إلى قطاع غزة، بينهم عطا الله أبو دوابة من مدينة بئر السبع داخل أراضي 1948، ونجلاه عماد وحامد، الذين اعتقلوا ونقلوا أمس إلى معبر بيت حانون. وبهذا يرتفع عدد المبعدين إلى غزة منذ إصدار سلطات الاحتلال القرار العسكري رقم 1650 إلى 7 مبعدين.

من جهتها حذرت حركة حماس أمس إسرائيل من إبعاد أبو طير، معتبرة أن القرار «لعب بالنار». وقال مشير المصري النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس: «قرار العدوّ بإبعاد (محمد) أبو طير هو لعب بالنار وتجاوز لكل الخطوط الحمراء، وشعبنا بمقاومته سيقف لمثل هذه القرارات بالمرصاد». وتابع القيادي في الحركة لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نحذر العدوّ الصهيوني من مغبة تنفيذ هذه القرارات، ونؤكد أن هذا القرار وما يحدث في القدس هو ثمرة التنسيق الأمني الذي يتخذه العدوّ الصهيوني غطاء له».