انتخابات الشورى المصرية «بروفة» للمنافسة على الرئاسة

جمال مبارك وضع برنامج المرشحين.. والإخوان يخشون الخسارة.. والبرادعي يغيب عنها

جانب من إحدى جلسات مجلس الشورى المصري (رويترز)
TT

ستكون انتخابات الشورى التي يقترع فيها بعد أيام نحو 30 مليون مصري، مؤشرا على من سيكون قادرا بشكل عملي على المنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 80 مليون نسمة، وتعتبر لاعبا مهما في منطقة الشرق الأوسط. ومن المشهد العام يبدو الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك في المقدمة، فيما تخشى جماعة الإخوان الخسارة، بينما يغيب عن هذه المعمعة السياسية الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي شكل جمعية تدعو للتغيير ويطمح في المنافسة على الرئاسة 2011.

ويقول مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية بمصر الدكتور عادل سليمان «إذا فاز عدد كبير من المعارضين والمستقلين في انتخابات البرلمان هذا العام، فهذا سيسمح بخوض مرشح مستقل انتخابات الرئاسة المقبلة». ويعتبر الاقتراع في انتخابات الشورى في الأول من الشهر المقبل، مع انتخابات مجلس الشعب في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، أهم انتخابين نيابيين يؤهلان لانتخابات الرئاسة القادمة. فمن يتمكن من الأحزاب المعارضة الهشة التي يبلغ عددها نحو 24 حزبا، من الفوز ولو بمقعد واحد في البرلمان، سيكون من حقه تقديم أحد أعضاء هيئته العليا لمنافسة مرشح الحزب الحاكم، سواء كان الرئيس مبارك (82 عاما) أو نجله جمال (45 عاما)، أو أي من قيادات الحزب.

وبينما لا يوجد خليفة واضح له، يشغل سؤال «مَنْ سيتولى منصب الرئاسة بعد مبارك؟» الكثير من المراقبين داخليا وخارجيا. وحين يُطرح هذا السؤال يظهر في الإجابات كل من جماعة الإخوان وجمعية البرادعي. وتعتبر انتخابات الشورى أول اختبار عملي لمدى قدرة من ينادون بالتغيير على حشد الجماهير للتصويت لأنصارهم. وسيكون على من يريد من المستقلين التقدم للمنافسة على انتخابات الرئاسة، سواء من الإخوان أو جمعية البرادعي، أن يساند مرشحين لمجلسي الشورى والشعب، ليضمن حال فوزهم تزكيتهم له للمنافسة على مقعد الرئاسة.

ولهذا تجد في غرف الحزب الحاكم، ومقار أحزاب معارضة صغيرة، وفي مكاتب ناشطين سياسيين أيضا، متطوعين منهمكين في إدارة خطط مستقبلية لانتخابات مجلسي البرلمان للوصول إلى انتخابات الرئاسة. ويقول مسؤول في الحزب الذي يرأسه مبارك «نعم.. نعلم أن انتخابات البرلمان هذا العام تؤثر بشكل مباشر في انتخابات الرئاسة العام المقبل، من حيث عدد المرشحين الحزبيين (المعارضين) الذين سيحق لهم الترشح للرئاسة، ونوعية هؤلاء المرشحين».

ويرى الدكتور سليمان أنه وفقا للدستور، فإن أي مرشح مستقل سواء كان البرادعي أو مرشحا من الإخوان أو غيرهم، سيحتاج لأصوات نواب مجلسي الشعب والشورى والمحليات، قائلا إن «انتخابات البرلمان هذه السنة تبدو مهمة للغاية ومؤثرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، سواء بالنسبة للمستقلين أو الأحزاب المعارضة».

ورغم أنها فازت في انتخابات مجلس الشعب في عام 2005 بـ88 مقعدا، إلا أنه لم يسبق لأي من أعضاء جماعة الإخوان شغل مقعد في الشورى. وفي حال اعتزام الجماعة خوض انتخابات الرئاسة العام القادم، فلا بد أن تضمن لها في هذا العام، 65 صوتا في مجلس الشعب و25 في مجلس الشورى، إضافة إلى 140 في المجالس المحلية، على الأقل. لكن الجماعة تخشى في المقابل من تراجع تمثيلها في مجلسي البرلمان (دورة 2010 - 2015). وأدت مخاوف مرشحين لها لاستحداث شعارات جديدة مثل «نحمل الخير لمصر»، إضافة للشعار التقليدي الذي أعلنت الجماعة تمسكها به وهو «الإسلام هو الحل».

ويبدو الأمر غامضا بالنسبة للبرادعي وجمعيته، إذ لاحظت الكثير من المصادر المحلية أنه لم ينخرط حتى الآن في تحركات لمرشحين مستقلين للبرلمان ممن يمكن أن يعول عليهم، حال فوزهم، في جمع توقيعات لأزمة لترشحه للرئاسة. ويقول مقربون منه إنه متمسك بموقفه «لن يترشح للرئاسة إلا إذا تم تعديل الدستور وتيسير شروط الترشح». لكن الدكتور سليمان يقول إن تعديل الدستور يتطلب أيضا فوز عدد معين من المرشحين المستقلين والمعارضين في انتخابات هذه السنة، بحيث لا ينفرد الحزب الحاكم بأغلبية الثلثين صاحبة القرار، كما هو موجود في البرلمان الحالي.

ويقول ناشطون سياسيون إن تمديد الحكومة قبل أسبوعين لقانون الطوارئ لمدة عامين آخرين، لا يبشر بانتخابات نزيهة، سواء بالنسبة للبرلمان أو الرئاسة، رغم قول الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء المصري، إن قانون الطوارئ لن يطبق إلا على مكافحة الإرهاب والمخدرات. ويوضح الدكتور سليمان «نتحدث باعتبار أن انتخابات هذا العام ستكون نزيهة، وبالتالي هذه الانتخابات البرلمانية مؤشر لما يمكن أن تكون عليه الانتخابات الرئاسية في 2011. ستتضح بناء على انتخابات هذا العام درجة القبول الشعبي للتيارات السياسية والشخصيات التي أبدت رغبتها في الفترة الأخيرة في الترشح لانتخابات الرئاسة».

ورغم انخفاض الأجور وحالة الفقر والبطالة التي تعم البلاد، فإن الحزب الحاكم يعول على ما يقول إنها إنجازات تمكن من تحقيقها ولمسها الشعب. ويبدو واثقا من نفسه وهو يضع قواعد صارمة لالتزام مرشحيه بما يقرره لهم في هذه الانتخابات المهمة، وفق برنامج انتخابي أعدته أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، وأقرته الأمانة العامة، والبرنامج بعنوان «من أجلك أنت»، ويدعو لالتفاف المواطنين حول الحزب لتحقيق مزيد من الإنجازات والإصلاحات. ويقول مبارك الابن إن الحزب حقق إنجازات كثيرة على مدار السنوات الخمس الماضية، وضاعف الإنفاق على الخدمات لملايين المصريين، وبرنامج هذا العام استكمال للبرنامج الذي خاض به الرئيس مبارك الانتخابات الرئاسية الماضية.