الرئيس اليمني يعلن عفوا عن الحوثيين والحراكيين المعتقلين.. ويدعو إلى حوار وطني شامل

البيض يدعو العرب إلى «تدخل استباقي» في الذكرى الـ20 للوحدة اليمنية

شرطي يمني يفحص سيارة أمس خلال الاستعدادات الأمنية لاحتفالات الوحدة اليمنية اليوم (رويترز)
TT

أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، مساء أمس، عفوا عن المعتقلين في سجون أجهزة الأمن المتعددة من المتمردين الحوثيين وأنصار الحراك الجنوبي وأمر بالإفراج عنهم، في خطاب له بمناسبة الذكرى الـ20 للوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي والجنوبي، ودعا كل القوى السياسية في الساحة اليمنية إلى حوار شامل يرتكز على اتفاق فبراير (شباط) 2009 والمبرم بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة، ولمح صالح إلى إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة ائتلافية ولكنه ربط ذلك بما سيسفر عنه الحوار من نتائج.

وقال صالح: «ندعو كل أطياف العمل السياسي وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج إلى إجراء حوار وطني مسؤول تحت قبة المؤسسات الدستورية دون شروط أو عراقيل مرتكزا على اتفاق فبراير الموقع بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب»، ودعا إلى الابتعاد عن «المشاريع الصغيرة والمكايدات السياسية والعناد والأنانية والتعصب الفردي والمناطقي والطائفي والسلالي، والترفع فوق كل الصغائر، وأن يكبر الجميع مثلما كبر الوطن بوحدته المباركة؛ وحيث لا يجوز بأي حال من الأحوال لأي شخص ينتمي إلى هذا الوطن أن يسعى إلى التخريب والإضرار بمصالح الوطن والمواطنين، فالوطن ملكنا جميعا وهو يتسع للجميع».

وأضاف: «نرحب بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية في ظل الدستور والقانون وما يتفق عليه الجميع، وفي ضوء نتائج الحوار فإنه يمكن تشكيل حكومة من كل القوى السياسية الفاعلة الممثلة في مجلس النواب وفي المقدمة الشريك الأساسي في صنع الوحدة وشركاؤنا في الدفاع عنها، وكذلك التحضير لإجراء انتخابات نيابية في موعدها المحدد في ظل الشرعية الدستورية والتعددية السياسية، وذلك حرصا منا على طي صفحة الماضي وإزالة آثار ما أفرزته أزمة عام 1993 وحرب صيف عام 1994».

كما أعلن الرئيس اليمني عن منح «جميع المقاتلين من أفراد القوات المسلحة والأمن والقوات الجوية والدفاع الجوي والقوات الشعبية الذين استبسلوا وقاتلوا في المنطقة الشمالية الغربية وسامي الواجب والشجاعة، وكذا منح أسر الشهداء والمعاقين من أبناء القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية قطع أراض لبناء مساكن لهم، تقديرا لما قاموا به من واجب وطني كبير دفاعا عن الثورة والجمهورية والأمن والاستقرار».

وتطرق الخطاب الرئاسي المعتاد في مثل هذه المناسبات الذي كانت تنتظره كل الأوساط في اليمن إلى جملة القضايا المحلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية ومحاربة الإرهاب، إضافة إلى قضايا عربية ودولية في مقدمتها الأوضاع في فلسطين والسودان وغيرهما.

ويحتفل اليمن اليوم بمناسبة مرور 20 عاما على قيام الوحدة بين الشطرين الشمالي والجنوبي، في وقت تصاعدت الدعوات الانفصالية في جنوب البلاد الذي يعيش وضعا أمنيا متفاقما، بعد تصعيد الحراك الجنوبي لفعالياته الاحتجاجية للمطالبة بما يسميه الحراكيون «فك الارتباط» بين الشطرين. وتفرض السلطات الأمنية اليمنية قيودا أمنية مشددة واستثنائية في الذكرى على عدد من المناطق في المحافظات الجنوبية التي يسعى الحراك الجنوبي إلى تنظيم مسيرات ومظاهرات فيها منددة بالوحدة، وأسفر التحضير لإحدى هذه الفعاليات، أمس، بمحافظة شبوة إلى مقتل جنديين وإصابة 4 مدنيين في منطقة عزان بمحافظة شبوة الجنوبية، في اشتباكات بين الجيش ومسلحين يتبعون الحراك الجنوبي.

وتنشط المعارضة اليمنية الجنوبية في الخارج، حيث نظمت، أمس، اعتصاما منددة بالوحدة في العاصمة الأميركية واشنطن، ومن أبرز المعارضين الناشطين في الخارج، الرئيس الجنوبي السابق قبل الوحدة، علي سالم البيض، الذي تبوأ منصب نائب رئيس مجلس الرئاسة في الدولة الموحدة والذي يقيم حاليا في النمسا. ووجه البيض خطابا، أول من أمس، إلى المواطنين في جنوب اليمن بمناسبة مرور 17 عاما على إعلان انفصال جنوب اليمن عن شماله في 21 مايو (أيار) عام 1994 أو ما يسمى «فك الارتباط»، حدد فيه 3 مهام أمام «الجنوبيين» تتلخص في: «مواجهة مخططات نظام صنعاء التي تهدف إلى تصفية الحراك الوطني الجنوبي، عبر تخريجات وتكتيكات سياسية متعددة تتعلق بمبادرات وتسويات ومشاريع مشبوهة تطرح هنا وينظر لها هناك، وهي مشاريع تهدف في الأساس إلى «شق وحدة الصف الجنوبي» و«تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية، التي تجسدت وترسخت في ميدان النضال والمواجهة مع الاحتلال طيلة السنوات الماضية من عمر انتفاضة شعبنا الاستقلالية»، وحذر البيض جماعته بالقول: «وعلينا أن نعي أن نظام الاحتلال سوف يعمد إلى حزمة كبيرة من التكتيكات والوسائل متعددة المهام والأغراض.. شأنه في ذلك شأن أي نظام محتل. وسوف يستحضر في مقدمة وسائله - قولا وفعلا - قاعدة (فرق تسد) التي تعتبر السلاح الأمثل لجميع قوى الاحتلال على مر التاريخ.. فالله الله يا أبناء شعبنا والحذر ثم الحذر من دسائس النظام وتخريجاته التفريقية»، وكذا «هي تصعيد نضالنا الوطني السلمي بدءا من المظاهرات والاعتصامات، ورفع أعلام الجنوب والرايات الخضراء، وكتابة وتوجيه المذكرات للهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية، لإدانة وفضح وتعرية الاحتلال وقادته ومؤسسته العسكرية، وتقديم الدعاوى أمام المحاكم والمنابر القضائية الإقليمية والدولية، والمشاركة في الندوات والفعاليات المتعددة الأبعاد محليا وإقليميا ودوليا، والكتابة على الجدران وفي مواقع الإنترنت، لتوعية المواطنين بطبيعة المعركة وأهدافها».

وأضاف البيض: «أدعو جميع الإخوة الزعماء العرب في مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص وفي مصر الشقيقة وسورية الصمود النظر بمسؤولية تاريخية إلى عمق قضية شعبنا وما يمكن أن ينتج عن تجاهلها من نتائج كارثية - ليس على مستوى معاناة شعب الجنوب وشعب الجمهورية العربية اليمنية فقط - وإنما على مستوى استقرار المنطقة العربية برمتها».

وحذر من «خطورة ترك الأمور تسير بهذه الطريقة دون تدخل قوي وحاسم»، ومن «خطورة حدوث انفجار سياسي قريب محتمل على مستوى مكونات دولة الاحتلال، ونخشى أنه إذا ما حدث هذا الانفجار فإنه لن تكون هنالك أي إمكانية للسيطرة عليه»، داعيا إلى تدخل «استباقي»، كما دعا جامعة الدول العربية «بشكل عاجل إلى تشكيل لجنة لمتابعة الموقف في الجنوب وتكوين صورة واضحة حول معاناة الجنوبيين، ورفع تقرير للقادة العرب ليقفوا في صورة دقيقة على حقيقة الاحتلال وممارسته العنصرية الدموية ضد شعبنا العربي في الجنوب».