في قندهار.. طالبان تستهدف كل من يؤيد الجهود الأميركية

عقوبات الحركة الأصولية على عائلة مترجم أفغاني

TT

كانت عائلة ووليسي كل شيء لا يقدر الجيش الأميركي على خسارته.كان الوالد موظفا مخلصا في الحكومة. وكانت الأم تعطي دروسا في الخياطة لصالح جمعيات الأمم المتحدة. والابن الأكبر، جاويد أحمد، كان يعمل مترجما في قاعدة حلف الناتو.

لكن باستخدام اثنتي عشرة رصاصة الشهر الماضي، فازت حركة طالبان بمعركة القضاء على أسرة ووليسي؛ حيث تم إعدام والد أحمد في الشارع، وتركت أمه وظيفتها، وترك أحمد كليته ولا يريد مغادرة المنزل. وقال باللغة البشتونية: «عندما مات والدي، نسيت اللغة الإنجليزية التي تعلمتها».

وفي قندهار، أصبح السلاح الأكثر قوة لدى حركة طالبان هو الاغتيالات المحسوبة. الأدوات في هذه الحملة بدائية، الحبال والسكاكين والبنادق القديمة، لكن النتائج كانت مدمرة، حيث إنه بإعدام الأفراد الذين يعملون مع الحكومة أو يتعاطفون معها، أوضحت حركة طالبان أن الذين يؤيدون الجهود العسكرية الأميركية هنا يخاطرون بحياتهم. فكل حالة وفاة جديدة تجلب مزيدا من الخوف في مدينة الصياد والفريسة. قال أحمد: «إنهم يشاهدوننا. لا نعرف من.. لكنهم يشاهدوننا. لا يوجد مكان آمن، ولا نستطيع الهرب».

وتركز الاغتيالات على الهدف الرئيسي للهجوم المخطط للجيش الأميركي في الصيف، في مدينة قندهار، وهو بناء حكومة محلية ذات مصداقية تفي باحتياجات الشعب. وأثناء الشهر الماضي، ترك نحو ستة أشخاص الحكومة في المقاطعة، التي تعاني بالفعل من نقص في عدد العاملين، كما ترك ممثلون فيدراليون آخرون بالوزارة في المقاطعة وظيفتهم.

وبعد التعرض للاستهداف بالقنابل، وتعرض العاملين المحليين للقتل، فر الأجانب العاملون لصالح متعهدي الحكومة الأميركية والأمم المتحدة هاربين إلى كابل.وتختلف التكتيكات في قندهار عن التكتيكات في المدن الرئيسية، مثل كابل، حيث تشمل الهجمات التي يقوم بها المسلحون والانتحاريون في الغالب اغتيالات رفيعة المستوى ومتعددة الأهداف موجهة ضد المباني الحكومية أو التجارية. ويعتمد المعتدون في قندهار على التخفي والسرعة.

وقد وصل معدل عمليات القتل إلى عملية أو عمليتين في الأسبوع. والأهداف منتشرة في كل مكان؛ الموظفون في الحكومة ورجال الشرطة وعمال المساعدات وشيوخ القبائل. وفي الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، جرى اغتيال 27 من المسؤولين بالحكومة أو الأفغان الذين يعملون مع المتعهدين الأجانب في مدينة قندهار، وفقا للإحصاءات الأميركية. وفي الفترة نفسها من عام 2009، كان هناك 15 حالة اغتيال من هذا القبيل، وبلغ عدد الحالات في الفترة نفسها من عام 2008 ست حالات.

وفي يوم الأربعاء الماضي، كان الهدف نادي غول خان، المدير بسجن سارابوزا في قندهار؛ حيث اغتيل على يدي فرد كان يركب دراجة هوائية، أطلق عليه النار أثناء ذهابه إلى العمل في الصباح. وقبل ذلك كان هناك عزيز الله كارمال، نائب عمدة المدينة، الذي جرى إعدامه عندما ركع في إحدى الصلوات في المسجد. وبعد ثلاثة أسابيع من تقدم شيخ القبيلة عبد الرحمن في قاعة مزدحمة ليخبر الرئيس حميد كرزاي بشأن المشكلات التي تعانيها قندهار، جرى اغتياله أمام منزله.

وأحيانا يسبق هذه الهجمات رسالة تحذير، التقط رئيس جامعة قندهار، حضرة مير توتا خيل، هاتفه الجوال، وكانت يداه ترتجفان، كانت الرسالة تقول: «لقد حذرناك مرات كثيرة لتتوقف عن التعامل مع الحكومة. بقيت لك أيام معدودة فقط في حياتك، اقتربت نهايتك».

وقبل ما يقرب من أربعة أشهر، استيقظ والد أحمد، محمد حسين ووليسي، الذي كان يدير برنامجا للمزارع التعاونية بوزارة الزراعة، ليجد رسالة مشابهة على باب منزله. وكانت الرسالة مكتوبة بالحبر الأزرق على أوراق خاصة بحركة طالبان، وكانت موجهة لـ«السيد المدير».

وقالت الرسالة: «منذ فترة طويلة، نتلقى تقارير عنك، وعن أبنائك ونسائك. إنهم يعملون مع الحكومة، إذا لم يتوقفوا عن ذلك في غضون ثلاثة أيام، فلن تكون لديك الفرصة لتشتكي».

اتصل ووليسي برقم الهاتف المكتوب أسفل الخطاب، وطلب الرجل الذي رد على الهاتف. واستعد ووليسي لتقديم أكثر من 1000 دولار بالعملة الباكستانية، وتمت عملية التسليم عند تقاطع مروري بالقرب من منزل الأسرة. وكإجراء وقائي، أخبر ووليسي زوجته بأن تظل بعيدا عن المكتب، وأرسل ابنه إلى كابل، لكنه استمر في العمل.

قال أحمد: «لم يكن لدينا الأموال الكافية لنقل الأسرة بالكامل إلى كابل. لم يعتقد قط أن حركة طالبان ستقتله في الحقيقة».

وتلقى شيخ القبيلة منان خان تحذيرا في صورة إطلاق نار موجه إلى بيته في شهر أغسطس (آب) الماضي. كان يعمل رئيسا للحي، وسافر مع كتيبة من الحرس الشخصي، وكان يعمل على مرمى البصر من مقر الشرطة.

وفي السابع من شهر مايو (أيار)، جلس خان مع ثلاثة من الحراس في مكتبه لتناول الطعام. وبعد فترة قصيرة بدأوا يفقدون الوعي، وقام الرجلان اللذان دخلا الغرفة بتأدية مهمتهما على وجه السرعة؛ حيث طعنا خان في قُبُله، وطعنا أحد الحراس في أحشائه، وقطعا رأس الحارس الآخر، واختطفا الحارس الثالث.

وتشتبه الشرطة وأقارب خان في أن الرجال تم تسميمهم؛ حيث إن الكلب الذي لعق الطعام ترنح يمينا ويسارا لفترة من الوقت، ثم سقط ومات. لكن لم يكن واضحا من هو الجاني، وما هو الغرض من وراء هذا الحادث.

غالبا ما تكون الدوافع وراء حوادث الاغتيال في قندهار معقدة. يتحدث الأقارب حول نظريات معقدة، ولا تشتمل جميعها على حركة طالبان. وفي ظل غياب نظام فعال للقضاء، تمر النزاعات حول النساء أو الأموال من دون رادع. ويعد الثأر واقعا يوميا.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين في قندهار: «لقد حذرنا الناس الذين يعيشون هنا؛ لا تفترضوا أن من يقوم بكل هذه الحوادث هم المتمردون، ولا تفترضوا أن معظمها يقوم به المتمردون. تعد حركة طالبان غطاء لعدد كبير من الخطايا التي تُرتكب هنا».

وفي بعض الأحيان، يكون الضحايا أنفسهم مصدرا للغموض. ففي اليوم نفسه الذي طُعن فيه خان، عثر رجال الشرطة في وادي نهر أرغانداب على رجل معلق مثل الأرجوحة، حيث كان الرأس مربوطا في شجرة، والأرجل في شجرة أخرى. وكان الرجل على ما يبدو يستمتع بنزهة في أحد بساتين شجر التوت قبل أن يلقى حتفه. وعثر رجال الشرطة على رسالة تحذير تقول: «إن أي شخص يتعامل مع الحكومة سيلقى المصير نفسه». وقال رئيس شرطة أرغانداب، الحاج عبد الأحد، «ليس لدينا أي فكرة عن هوية هذا الرجل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»