وزير النفط اليمني: الوحدة خيار الشعب.. والصراع من أجل السلطة مرفوض

العيدروس لـ «الشرق الأوسط»: تدشين الخط الثاني للغاز أقوى رد على من يشكك في استقرار البلاد

وزير النفط اليمني أمير سالم العيدروس (رويترز)
TT

شدد وزير النفط اليمني أمير سالم العيدروس على ضرورة العمل وفقا لرؤية يمنية قائمة على الوحدة، موجها انتقادات لمن يدعون إلى عودة البلاد إلى الانفصال، رافضا في حوار مع «الشرق الأوسط» في تعز الشعارات الداعية للانفصال التي يرفعها (الرئيس لما كان يعرف قبل عام 1990 باليمن الديمقراطية الشعبية) علي سالم البيض. وأضاف العيدروس أن الوحدة ليست بقرار من البيض أو (رئيس الجمهورية اليمنية الموحدة) علي عبد الله صالح، وإنما هي رغبة أصيلة في كل مواطن يمني.

وأضاف وزير النفط اليمني أن الاكتشافات البترولية في عدن وغيرها لن تتم إلا بإمكانيات دولة الوحدة، معتبرا تدشين الخط الثاني للغاز أقوى رد على من يشكك في استقرار اليمن، مشيرا أيضا إلى وجود برنامج عمل للتنمية في إقليم صعدة الذي شهد أخيرا تمردا ضد الحكومة أنهته بوقف لإطلاق النار. وإلى تفاصيل الحوار..

* في تقديركم، هل ترون أن بيانات الحراك الجنوبي، التي كان آخرها دعوة علي سالم البيض للانفصال، تأتي من أجل نفط الجنوب كما تردد مؤخرا؟

- بالفعل هناك أطماع لأفراد، واليوم وبعد مرور عشرين عاما (من الوحدة بين شطري اليمن)، من الإنصاف أن نقيّم ما حدث والذي تحقق فيها من تحولات سواء على مستوى الحريات والديمقراطية والإنجازات أو على مستوى قطاع النفط وصناعته، وبالتالي أعتقد من الأهمية التقييم أولا، ونسأل: هذه الأصوات كانت على رأس السلطة في السنوات الأولى للوحدة، لكن ماذا قدمت من حلول غير دورات الصراع المسلح؟ وأنا أنتمي إلى محافظة هي من المحافظات الجنوبية الشرقية (حضرموت)، وأعلم تماما أنه طوال هذه السنوات تحققت مكاسب لم نستطع إنجازها سوى في عصر الوحدة، لكن هناك أشخاصا تحركوا عندما شعروا بأن مصالحهم أقل أو أن لديهم فرصة للعودة بنوع من الابتزاز أو الانتهازية أو المساومة.. وهذه ظهرت فقط اليوم.

* هل تقصد قيادات الحزب الاشتراكي؟

- «الاشتراكي» موجود كمعارضة، لكن ما يطرحه الآن من طرح حاد وخطير في مسألة الانفصال لا يمثل كل الأصوات والأغلبية الساحقة في اليمن.. والوحدة ليست قرارا من البيض أو قرارا من عبد الله صالح، وإنما هي قرار شعب وجزء من تاريخنا القديم، وأنا شخصيا عمري اليوم أكثر من 46 عاما.. نشأت في الجنوب قبل الوحدة، ورُبيت على مبادئ الوحدة ومبادئها، واليوم من الصعب التراجع عنها. وكان أحد شعاراتي اليومية في المدرسة هو تحقيق الوحدة اليمنية. ولا يعقل اليوم أن أتراجع أو أعود إلى دورات صراع ربما تكون أكثر احتداما إذا ما حدث انفصال. ولذا أقول إن اليوم أمكن التنقيب عن النفط والغاز في كل مكان، ولدينا برامج عمل مستمرة.

* تقصد أن التنقيب عن النفط والغاز يحتاج لإمكانيات دولة الوحدة وليس الانفصال؟

- بالتأكيد هو يحتاج للوحدة والاستقرار والأمان. ولا بد من توفير بيئة استثمارية مناسبة حتى نحقق الاستكشاف ومنه إلى الإنتاج. واليوم نحن نقدم هدية جديدة للشعب اليمني لتدشين الخط الثاني من إنتاج الغاز اليمني المسال، ومنه تدخل اليمن قائمة الدول المصدرة للغاز ونقوم بتصديره بالفعل إلى أميركا وأوروبا وإلى كوريا.

* وهل هناك اكتشافات جديدة يستغلها الحراك حاليا للحصول على موارد النفط لأهل الجنوب فقط؟

- هذه نظرة ضيقة جدا لأن اليمن واحد ولا نقبل أن أحدا ينظر إليه مجزأ، فالثروة موجودة في الجنوب والشمال، وإذا نظرنا إلى مأرب، هذه المحافظة الصغيرة، نجدها أعطت للتاريخ الإنساني قبل أن تعطي لنا كاقتصاد يمني منذ الحضارات الأولى التي أعطت السد الأول وأعطت سبأ، واليوم نعطي أكبر مشروع للغاز في اليمن. وإن كل الخير الذي يأتي من النفط أو الغاز والمعادن هو لكل اليمن ويدخل في تنمية موحدة وعادلة للجميع.

* هل يمكن القول إن اليمن نابض بوحدته رغم الأجندات الخطيرة التي تتربص به؟

- أعتقد أن اليمن تجاوز مرحلة حرجة جدا كانت تهدد وحدته، والآن أصبح من الصعب التفكير في غير ذلك. ونحن في اليمن لم نسوق إمكانياتنا وقدراتنا، لكن اليمن اليوم أقوى بكثير مما يتردد في تقارير خارجية. وفي مجال تخصصي نبشر بتدشين الخط الثاني لمشروع الغاز. وهذا أقوى رد على من يشكك في أن اليمن غير قادر، ووضعه غير مستقر. وأعتقد أن أفضل إجابة هي إقامة مشاريع تنموية كبيرة في أوقات قياسية. ومن يقل إن اليمن غير آمن أقل له إن الحوادث موجودة في كل مكان بدءا من أميركا، ووصولا لكل دول العالم. لكن المهم هو ما يتم إنجازه على أرض الواقع. فمثلا اليوم هناك في اليمن أكثر من 22 شركة عالمية تعمل في مجال النفط، ولم تتوقف هذه الشركات يوما واحدا عن العمل وإنتاج النفط اليمني، وهذا يدل على أن الدول رغم كل الظروف التي تمر بها استطاعت أن توفر المناخ الطيب للاستثمار.

* هل في أجندتكم البحث عن اكتشافات نفطية في الجنوب؟

- أتفق معك في تحديد اليمن الموحد جغرافيا.. شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.. وعليه يمكن القول إن الخطط الاستكشافية موزعة في كثير من قطاعات مختلفة تسير وفق تركيبة جيولوجية وليست سياسية؛ بمعنى أين يوجد مكان النفط، وليس مرتبطا بهذه المحافظة أو تلك. واليوم هو موجود في أبين وعدن ولحج. وهناك واحدة من كبريات الشركات الإيطالية العالمية تستكشف في النفط في مناطق الجوف ومأرب وشبوة. وكل هذه المناطق التي دخلت خلال فترة سوف يضاف إليها عدد من القطاعات في البحر الأحمر، وهي لأول مرة بالنسبة لنا وكذلك منطقة الحديدة.

* وما هي التحديات الحقيقية التي تواجه اليمن حاليا من وجهة نظركم؟

- التحديات تكمن في التنمية والاقتصاد لأن اليمن لديه 22 مليون مواطن، وهذا النمو المتسارع يجب أن تواكبه معدلات نمو قوية، أما قضية حراك وغيرها فهي ليست جديدة، وهي مجرد مصالح ضيقة. وكانت كل الأسماء التي تدير الصراع هي نفسها التي تقوده اليوم. لذا من الصعب العودة إلى إعادة الصراع. ونحن نقبل الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع وليس بالصراع المطروح حاليا وبإشعال الفوضى هنا وهناك والدفع نحو صراع عسكري ومسلح.. وأنا أعتقد أن هذا الحلم مستحيل، وكمواطن يمني أرفض العودة إلى الصراع في بلادي من أجل الوصول إلى السلطة. واليوم يتم الانتقال من عدن إلى تعز في ساعتين فقط، وقد كانت في السابق منطقة نزاع. ولذا من الصعب اليوم العودة إلى التفكير بعقلية قديمة. ويمكن معالجة كل المشكلات من خلال التنمية وإيجاد فرص العمل والاستثمارات. وهذا هو ما يحتاجه المواطن اليمني الذي لا يريد الصراع قدر حاجته لحياة كريمة واستقرار. أما التحدي في منطقة صعدة وغيرها، فأتمنى أن تعود الحكمة بين الجميع خاصة أن هذا الصراع ليس «يمنيا - يمنيا»، وإنما حظي بأطياف خارجية مؤثرة في تدويل الصراع ونتمنى ألا تعود. وقد يكون ذلك واحدا من التحديات، لكن إذا تركت الحكومة تعمل في تنمية صعدة فسوف تكون النتائج أفضل.

* هل المناخ الأمني موات للتنمية في صعدة؟

- نحن نعمل. ولدينا برنامج عمل وصندوق خاص للتنمية في صعدة، وهناك مصاعب، لكن نتحدث عن مشاريع لإعادة الطرق لنبدأ في التنمية وإعادة المنشآت إلى وضعها الطبيعي.