مندوب لبنان في الأمم المتحدة لـ «الشرق الأوسط»: واشنطن لم تطلب بحث العقوبات على طهران

إيران تسلم اتفاقها النووي مع تركيا والبرازيل إلى «الوكالة الدولية» غدا.. وتهدد بالعدول عنه

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أثناء لقائهما في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

فيما أعلنت طهران أمس عن أنها ستقدم تفاصيل اتفاقها النووي مع البرازيل وتركيا لتخصيب اليورانيوم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غدا، شهد الموقفان التركي والبرازيلي تطورا لافتا حيال الملف النووي الإيراني، فبينما أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان معارضة بلاده للانتشار النووي في المنطقة، أقر وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم بأن خطط طهران لمواصلة تخصيب اليورانيوم تمثل قلقا لم تعالجه أي دولة خلال المحادثات، فيما كشف مسؤول آخر عن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان اقترح بعض تفاصيل المبادرة.

وتزامن ذلك مع إعلان واشنطن عن رفع العقوبات عن شركات روسية لدورها في تسليح إيران، في إطار صفقة محتملة بعد ضمان دعم موسكو لمشروع العقوبات الجديد ضد الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي. فيما استبعد مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام عرض المشروع على مجلس الأمن في المستقبل القريب، وخلال رئاسة لبنان للمجلس التي تنتهي مساء 31 الحالي. وكانت إيران قد أبرمت الاثنين اتفاقا مع أنقرة وبرازيليا حول تبادل في الخارج لقسم من اليورانيوم الضعيف التخصيب مقابل اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لمفاعلها للأبحاث، في إجراء يرمي إلى تفادي تعرضها إلى العقوبات أو إلى ضربة عسكرية محتملة، لكن الغربيين أبدوا تحفظات إزاء الاتفاق، وبحث مجلس الأمن الثلاثاء الماضي مشروعا جديدا لفرض العقوبات.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي الإيراني، أمس، أنه قد تم «تسليم نسخة من الاتفاق الموقع بين إيران وتركيا والبرازيل إلى ممثل إيران الدائم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعبر عن الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية، لتسليمها بعد ذلك إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تتضمن الرسالة 6 بنود»، حسبما أوردت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية.

من جانبه، دعا السفير نواف سلام، الذي يرأس حاليا مجلس الأمن الدولي، الدول الأعضاء في المجلس إلى «التقاط» الفرصة التي أمنها الاتفاق التركي - البرازيلي - الإيراني لمعالجة موضوع الملف النووي الإيراني.

وقال مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر البعثة اللبنانية في نيويورك، إن ما تردد من معلومات عن تسلم لبنان رسميا، بصفته رئيسا لمجلس الأمن الدولي للشهر الحالي، مشروع القرار الدولي القاضي بتشديد العقوبات ضد إيران وتوزيعها المشروع على الجهات المُوكلة بالبحث به وقراءته بشكل أوّلي «معلومات خاطئة تماما»، مشيرا إلى أن مندوب الولايات المتحدة قدم مسودة مشروع إلى دوائر مجلس الأمن ووزعه على الدول الأعضاء، لكنه (المندوب الأميركي) لم يطلب تحديد جلسة لمناقشته، إذ لا تزال هناك المزيد الجداول الملحقة بالمشروع التي لم تسلم، بالإضافة إلى أنه يجب أن يعرض على لجنة من الخبراء، مستبعدا عرضه على مجلس الأمن في المستقبل القريب وخلال رئاسة لبنان التي تنتهي مساء 31 الحالي، موضحا أن المندوب الأميركي نفسه لم يطلب مناقشته، وطلب وضعه تحت بند «ما يستجد من أمور»، أي أنه لم يدرج على جدول أعمال المجلس.

وأشار السفير سلام إلى أن الجلسة المقبلة لمجلس الأمن (غدا) ستعقد بحضور الرئيس البوسني، وليس على جدول أعمالها أي شي يتعلق بالملف النووي الإيراني، موضحا أن الجلسة التي ستعقد برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الأسبوع المقبل ستبحث موضوعا وحيدا لا غير، وهو «الحوار بين الثقافات من أجل الأمن والسلم الدوليين».

وعن موقف لبنان من مشروع العقوبات، قال سلام «لبنان يرى أن المبادرة التركية البرازيلية تؤمن فرصة يجب التقاطها، ويدعو جميع أعضاء مجلس الأمن إلى التعامل معها بإيجابية».

وفي إطار صفقة محتملة بين موسكو وواشنطن، رفعت الولايات المتحدة عقوبات كانت فرضتها على ثلاث مؤسسات روسية اشتبهت في أنها تدعم إيران في برنامجها النووي أو الباليستي، وذلك بحسب قرار نشرته الجريدة الرسمية الفيدرالية الجمعة. ويأتي نشر هذا القرار بعيد أيام من إعلان إدارة أوباما أنها حصلت على دعم روسيا في جهودها الرامية لفرض عقوبات في مجلس الأمن الدولي على إيران بسبب برنامجها النووي. والمؤسسات الروسية المشمولة بقرار رفع العقوبات هي «روزوبورون إكسبورت»، وهي الشركة الحكومية الموكلة بتصدير الصناعات العسكرية الروسية، ومعهد موسكو للطيران، وجامعة د.مندلييف لتكنولوجيا الكيمياء - روسيا. وورد في متن القرار المنشور في الجريدة الرسمية أنه «من مصلحة السياسة الخارجية أو الأمن القومي للولايات المتحدة» أن ترفع عن هذه المؤسسات الثلاث العقوبات التي فرضت بموجب أمر تنفيذي في نوفمبر (تشرين الثاني) 1994، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وهذا الأمر الذي وقعه في حينه الرئيس الأسبق بيل كلينتون هدف خصوصا إلى منع «بلد أجنبي من الحصول على قدرة تشغيل أو إنتاج أو تخزين أو تسليم أو استخدام أسلحة دمار شامل». وفي تطور لافت في موقف أنقرة حيال الملف النووي الإيراني، أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان معارضة بلاده للانتشار النووي في المنطقة.

وقدم أردوغان في رسالة إلى قادة الدول الـ26 - الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن والدول المجاورة والقريبة من تركيا - معلومات عن الاتفاق المبرم (الاثنين) بين تركيا والبرازيل وإيران. وقال في رسالته إن «تركيا تعارض من حيث المبدأ الأسلحة النووية، وترغب في أن تكون منطقتها خالية منها». لكنه أكد أن السبيل الدبلوماسي «لا يزال الوسيلة المثلى» لتسوية أزمة البرنامج النووي الإيراني.

وتزامن الموقف التركي مع تصريحات وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم الذي اعترف بأن خطط طهران لمواصلة تخصيب اليورانيوم تمثل قلقا لم تعالجه أي دولة خلال المحادثات. وأقر أموريم بأن إصرار إيران على أن تواصل أنشطتها لتخصيب اليورانيوم بشكل كبير يمثل قلقا حقيقيا للمجتمع الدولي. وأضاف أن هذه القضية لم تكن جزءا من محادثات البرازيل مع إيران. وتجادل البرازيل بأن واشنطن والدول الغربية الأخرى قد حثت البرازيل على محاولة إحياء اتفاقية الأمم المتحدة لتبادل الوقود، التي اقترحت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي تطور لاحق، أمس، أعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن إيران قد تعدل عن الاتفاق الذي أبرمته مع البرازيل وتركيا إذا لم توافق عليه الدول الكبرى كما هو.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن لاريجاني قوله إن «البرلمان يدعم إعلان طهران (حول تبادل اليورانيوم) بكل بنوده وإذا سعوا إلى بحثه جزئيا فإن البرلمان لن يقبل». وأضاف: «إذا قدموا مطالب أخرى واستمروا في الخداع فإن ذلك لن يكون ذلك مطابقا لإعلان طهران».