ملثمون يحرقون أكبر مخيم صيفي لـ«الأونروا» في غزة

«فتح» اعتبرت الحادث عملا إرهابيا.. والحكومة المقالة تتعهد بتعقب المسؤولين عنه

جون جينغ مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة يتفقد المخيم الصيفي الذي تعرض لحريق الليلة قبل الماضية (إ.ب.أ)
TT

أقدم مجهولون ملثمون الليلة قبل الماضية على إحراق أكبر مخيم صيفي تقيمه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لاستيعاب الطلاب الفلسطينيين خلال الصيف.

ويقع المخيم في منطقة «الشيخ عجلين»، على شاطئ مدينة غزة.

وجاء هذا التطور في أعقاب حملة تنديد واسعة قامت بها بعض الأوساط الدينية في قطاع غزة ضد مشروع برامج المخيمات الصيفية التي تنظمها «الأونروا»، حيث اتهمت هذه البرامج بالسعي للمس بقيم الشباب الفلسطيني، وتشجيع الاختلاط بين الجنسين.

ووزعت جماعة تطلق على نفسها «أحرار الوطن» منشورا قبل عدة أيام تضمن انتقادات لاذعة لبرامج المخيمات الصيفية، يزعم أنها تتضمن تعليم الفتيات الرقص والسباحة.

وهاجم البيان بشكل شخصي مدير عمليات «الأونروا» جون جينغ، الذي اتهمته بالسعي لتخريب أخلاق الشباب الفلسطيني، منددا بمخططاته الرامية إلى إرسال الطلاب والطالبات المتفوقات إلى أميركا، مشيرة إلى أن اللجان التي أجرت مقابلات مع الطلاب المرشحين للسفر سألتهم عن مدى تدينهم وعن نظرتهم للمسيحيين واليهود.

وتعهد إيهاب الغصين، الناطق بلسان وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية المقالة بالعمل على الكشف عن المسؤولين عن ذلك، وتقديمهم للمحاكمة، مشيرا إلى أن الشرطة فتحت تحقيقا في الحادث.

من ناحيته، قال جون جينغ، مدير عام عمليات «الأونروا» في قطاع غزة، إنه يشعر بخيبة أمل إزاء ما شاهد، مشددا على أن «الأونروا» لن تخشى هذه الاعتداءات. وقال: «سنعيد بناء الدمار لتكون ألعاب الصيف لهذا العام ناجحة جدا».

واعتبر أن هذا الحادث يعكس «نوعا من العنصرية والتطرف، ويعتبر هجوما على سعادة الأطفال»، واصفا الطرف التي قام بالعمل بأنه يحتكم إلى «عقلية متطرفة لا يحب السلام، ولا يحب السعادة، ولا يحب الأطفال».

وأشار إلى سعي «الأونروا» نحو مواصلة برامجها. وقال: «هذا البرنامج سيستمر و(الأونروا) مصممة على إسعاد الأطفال في هذه الظروف الصعبة لأنهم يستحقون أن يكونوا سعداء». وأضاف: «للسنة الرابعة على التوالي تقام ألعاب الصيف، وسنستمر في ذلك لأن أهالي الأطفال في غزة يطلبون منا الاهتمام بأطفالهم».

وطالب مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في قطاع غزة الحكومة الفلسطينية المقالة بحماية المخيمات الصيفية التابعة لها، مشيرا إلى أن أكثر من 80% من أطفال قطاع غزة يعانون من ضغوط نفسية، وأن هذه المخيمات وجدت لتحرير هؤلاء الأطفال من تلك الضغوط، وإيجاد جو من الفرح والسعادة.

وحذر من تصاعد تلك الأعمال وتأثيراتها المختلفة على حياة الناس، مؤكدا أن من قاموا بهذا العمل «لن يخيفوا (الأونروا)، ولن يجعلوها تتراجع عن عملها في مساعدة أهل غزة.

من ناحيتها، استنكرت الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة الحادث، مؤكدة رفضها القاطع لأي حالة خرق للأمن، وأنها ستلاحق الفاعلين.

وفي بيان صادر عنها، أعربت الحكومة عن استيائها من البيان الذي وزع في قطاع غزة ضد الأونروا، مشيدة بالدور الذي تقوم به «الأونروا» في دعم الشعب الفلسطيني على مدار العقود الماضية، وبما يقوم به مدير عمليات «الأونروا» من جهد لرفع الحصار عن القطاع، مبينا التزام الحكومة بتوفير الأمن للجميع في القطاع، خاصة العاملين في الوكالة.

وأضاف البيان أن «الحكومة تعمل جاهدة للتعرف على من يقف وراء الحادث والبيان المذكور»، داعيا إلى تواصل وكالة الغوث مع الفعاليات المختلفة لبحث القضايا الخلافية المطروحة التي تثير بعض التساؤلات في الشارع الفلسطيني. وفي سياق ذلك، اعتبرت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس إحراق وتدمير المخيم «اعتداء إرهابيا على حقوق الطفل الفلسطيني وحقه في الحياة»، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

وقال الناطق باسم الحركة، أسامة القواسمي، في بيان إن «حركة حماس تستهدف المسيرة التعليمية ومناهج التربية التابعة لـ«الأونروا» في القطاع بعد مؤامراتها وتدخلاتها الحزبية التي أدت لانهيار المؤسسات التعليمية الحكومية».

وحمل القواسمي حماس المسؤولية الكاملة عن عملية تدمير وإحراق المخيم الصيفي على شاطئ بحر غزة، واتهم أجهزتها الأمنية بالضلوع في الحادث.

ورأى «أن الجريمة دليل على ذهنية متخلفة مسيطرة تسعى إلى أخذ شعبنا الفلسطيني في غزة إلى غياهب التجهيل والتعصب»، محذرا من «كارثة إنسانية وثقافية ستحل بالمجتمع الفلسطيني ومستقبله في ظل حكم حماس».

وطالب المتحدث «الأونروا» بالاستمرار في تقديم خدماتها لأطفال القطاع وعدم الخضوع لإرهاب الجماعات المسلحة، مؤكدا وقوف المجتمع الفلسطيني إلى جانبها في مواجهة «الإرهاب المنظم الذي تتعرض له مؤسساتها».

وكان مسلحون مجهولون أحرقوا في ساعة مبكرة من فجر أمس أحد أكبر مخيمات «الأونروا» في غزة التي تحمل اسم «ألعاب الصيف 2010» بعد أن اعتدوا على حارسه وتركوا معه رسالة تهديد لمدير عمليات «الأونروا».