قلق سياسي عراقي من تداعيات تأخر تشكيل الحكومة على الملفين الأمني والاقتصادي

تحذيرات من استمرار العمل الحكومي «دون رقيب».. وبرلماني سابق لـ «الشرق الأوسط»: فقدنا البيئة الاستثمارية

TT

أعرب أعضاء في البرلمان العراقي السابق عن تخوفهم من استمرار صراع الكتل السياسية على المناصب الأمر الذي قد يمدد تشكيل الحكومة إلى بضعة أشهر أخرى وبشكل قد ينعكس سلبا على جميع مفاصل الدولة العراقية كالأمن والخدمات، في الوقت الذي لم يحدد فيه الدستور العراقي صلاحيات رئيس الوزراء المنتهية ولايته، والمستمر بأداء مهامه حتى تشكيل الحكومة، بينما انتهى عمل البرلمان السابق الذي يعد السلطة التشريعية والرقابية القادرة على محاسبة السلطة التنفيذية في أداء مهامها أو كيفية صرف الموازنة الحكومية الضخمة للبلاد.

يذكر أن الساحة السياسية تشهد حاليا تنافسا واسعا لتشكيل الحكومة، بعد إجراء الانتخابات التشريعية في السابع من مارس (آذار) الماضي، لا سيما بين القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وبين ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

وقال يونادم كنا، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق، لـ«الشرق الأوسط» إنه «للأسف نرى أن الكتل السياسية تنظر حاليا إلى موضوع تشكيل الحكومة وقد خلقوا جوا من التقاطعات التي أثرت سلبا وبدرجة كبيرة على الاقتصاد العراقي، فهناك مناخ استثماري يجب تأمينه من قبل الجميع برلمانا وحكومة وسلطات ومشاركين في العملية السياسية، وهذا الجو الاستثماري لا يمكن أن يكون في ظل هكذا صراعات على المناصب، قد تجعل الشركات العربية والأجنبية تعيد النظر في دخولها السوق العراقية أو إتمام مشاريعها التي بدأتها أو التي ستباشر بها».

وأشار كنا إلى أن «الحكومة الحالية غير مقيدة الصلاحيات بل تتمتع بكامل صلاحياتها، ورغم ذلك هناك تأثيرات لا يمكن إغفالها على الواقع الاقتصادي».

وسبق للبرلمان العراقي أن أقر في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي الموازنة العامة للبلاد لعام 2010 والبالغة نحو 72 مليار دولار.

وبشأن إمكانيات صرف الموازنة العامة من قبل الحكومة الحالية مع انعدام الدور الرقابي لانتهاء ولاية البرلمان السابق، قال كنا «لا يوجد هناك معوق قانوني أو دستوري يعيق الحكومة عن صرف الموازنة المقرة آنفا، لكن عليها التقيد بالقانون وتخصيصات القطاعات، وعليها تمشية أمور الدولة وهناك عائق آخر متمثل بموظفي الوزارات الذين وللأسف حتى الآن ينظرون للوزير على أنه العمود الفقري للوحدة الإدارية، بعكس بقية الدول التي تنظر له على أنه موظف بصلاحيات، والوزارة لا تقف عندما يذهب عنها بل عليها كمؤسسة إدارية الاستمرار بذات الفعالية».

وشدد كنا على أن «عدم وجود برلمان يعني أن الدولة تسير من دون سلطة تشريعية ورقابية».

من جهته، قال وليد شركة، عضو اللجنة الأمنية في البرلمان السابق، لـ«الشرق الأوسط» حول تأثير تأخر تشكيل الحكومة على الملف الأمني إن «الوضع الأمني العراقي وبسبب تأخر تشكيل الحكومة ازداد سوءا وسمح للتدخلات الإقليمية وفسح المجال أيضا للإرهاب للقيام بعمليات إجرامية ضد الشعب، ومما زاد الوضع تعقيدا هو التنافس غير الشريف للكتل السياسية على السلطة، وهنا نطالبهم التفكير بشعبهم قبل أنفسهم». وأضاف أن وزارتي «الداخلية والدفاع تحتاجان إلى سند تشريعي وحكومي كي تتحركا، لكن تعطل الاستقرار السياسي تسبب في تراخي الأداء الأمني وحدثت هجمات دامية أكثر بكثير من الأعوام الماضية أي ما قبل حالة الاستقرار التي شهدها العراق بعد العمليات الأمنية».

ومن جانبه، قلل عضو لجنة النفط والغاز جابر خليفة جابر من تأثير تأخر تشكيل الحكومة على عمل المؤسسات التنفيذية، وقال «إن تأخر تشكيل الحكومة ليس في صالح العراق، لكن المؤسسات التنفيذية مستمرة بعملها والموازنة مقرة سلفا وآليات الصرف تجري وفقا للأصول المؤسساتية، والحكومة الحالية بكامل صلاحياتها لحين تشكيل حكومة جديدة، وقد كانت هناك آراء لتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال لكنها لم تجد تفسيرا قانونيا من قبل المحكمة الاتحادية». لكن خليفة أشار إلى أن «الخطير» في الأمر هو بقاء البلد دون سلطة تشريعية أو رقابية بسبب فراغات الدستور، الذي لم يحدد صلاحيات الحكومة المنتهية ولايتها، مضيفا «كان يجب تقييد أو تقنين الأمر بمدة قانونية ليكون هناك عملية تكليف لرئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة ومدة لمصادقة المحكمة لتشكيل الحكومة بشكل طبيعي من قبل الكتلة البرلمانية الأكبر».

من جهته، أكد عضو الائتلاف الوطني العراقي عبد الحسين عبطان أن «المفاوضات بين الكتل السياسية إذا بقيت من دون مرونة فإن الحكومة لن تتشكل قبل 3- 4 أشهر وإذا استمرت بهذا التعقيد فقد لا تنتج عنها حكومة قوية»، مضيفا «من الضروري أن تكون الحكومة المقبلة حكومة تنمية اقتصادية ترسم استراتيجية واضحة للاقتصاد العراقي وتضع الأسس الصحيحة والقوية لبناء اقتصاد مزدهر يعتمد في إيراداته على عدة موارد طبيعية وبشرية وتضع خططا اقتصادية مستقبلية».