صيدا.. انتخابات واشتباكات وانتشار القوى الأمنية لم يحل دون وقوعها

بين إثبات الوجود واستكمال الانتخابات النيابية

TT

على وقع الحوادث المتنقلة وانتشار القوى الأمنية الكثيف واستكمالا لمعركة الانتخابات النيابية في صيف 2009، استفاقت مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني أمس لتخوض الانتخابات البلدية التي تحولت في غياب العناوين الإنمائية إلى «أم المعارك الجنوبية» حيث كانت السياسة هي المحرك الأساسي للناخبين للإدلاء بأصواتهم، إذ وصلت نسبة التصويت في فترة بعد الظهر إلى 36 في المائة.

فبعد فشل محاولات التوافق بين المرشح لرئاسة البلدية المدعوم من «تيار المستقبل» و«الجماعة الإسلامية» محمد السعودي في لائحة «الوفاق للإنماء» التي تضم أيضا مرشحين اثنين مقربين من رئيس البلدية الحالي عبد الرحمن البزري من جهة، ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد الذي يدعم لائحة «الإرادة الشعبية» برئاسة عبد الرحمن الأنصاري من جهة أخرى، وبعدما فضل كل من حزب الله وحركة أمل الوقوف على الحياد، تحولت انتخابات عاصمة الجنوب إلى معركة مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا في ظل التوتر الذي ساد الأجواء قبل الانتخابات وخلالها. وفي ظل هذه التحالفات، لم تعد المعركة تخاض بهدف الربح والخسارة بقدر ما تخاض كإثبات وجود بالنسبة إلى «التنظيم الشعبي الناصري» الذي يدرك رئيسه النائب السابق أسامة سعد أن لا حظوظ له بالفوز، فيما هي بالنسبة إلى «تيار المستقبل» استكمال لمعركة الانتخابات النيابية عام 2009 التي حقق فيها فوزا لافتا.

فمنذ بداية اليوم الانتخابي كانت أخبار الأحداث الأمنية المتنقلة بين مناصري «تيار المستقبل» و«التنظيم الشعبي الناصري» في مناطق صيدا، ولا سيما في مراكز الاقتراع، تتوالى، وأولها كان خلال إدلاء أسامة سعد بصوته، ثم بعد ذلك إلقاء «أصبع ديناميت» في شرق صيدا، كما أدى إشكال بين مناصري سعد والقوى الأمنية إلى إقفال مركز اقتراع «مكسر العبد» لساعة من الوقت وتوقيف عدد من مرافقي سعد، كما ذكرت معلومات أن مجهولين طعنوا أحد مناصري التنظيم الناصري بسكين في ساحة صيدا. هذا الوضع الأمني المتوتر أدى عند ساعات الظهر إلى تكثيف الوجود الأمني في المدينة ومنع التجمعات وإلقاء القبض على عشرات الشباب الذين شاركوا في هذه الإشكالات الأمنية. وقد أكد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود أن قرار إيقاف الانتخابات آخر الخيارات ولن يحصل إلا إذا حدث أمر كبير، مشيرا إلى أن القوى الأمنية تحت تصرف المواطنين، ووزارة الداخلية على مسافة واحدة من كل المرشحين. واعتبر بارود أن الإشكالات الأمنية التي حصلت كانت متوقعة، نظرا إلى التشنج السياسي الذي سبق العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن المشكلات تعالج فورا، وغرفة العمليات في الوزارة تتلقى تباعا عددا من الشكاوى التي يمكن وصفها بأنها بسيطة كبعض الشكاوى اللوجيستية والتقنية.

وفي حين ارتفعت حدة خطاب النائب السابق أسامة سعد واتهامه «تيار المستقبل» بدفع الرشاوى وافتعال الحوادث بعد الإدلاء بصوته، ثم في وقت لاحق في مؤتمر صحافي، أعلنت النائبة بهية الحريري أن «تيار المستقبل» اتخذ قرارا بعدم الدخول في السجالات أو الرد على أي اتهامات.

وكان سعد قد اتهم الأجهزة الأمنية بتغطية ما يقوم به «تيار المستقبل» من تجاوزات، لافتا إلى أنه يتم شراء أصوات في صيدا، واعتبر أن الإعلام الرسمي منحاز لـ«تيار المستقبل»، وقال «عندما نرى أن السلطة المعنية لا تقوم بأي إجراءات فمن الطبيعي أن يحصل هذا التوتر».

واعتبر أن «تيار المستقبل» هو فريق حاكم بماله وأن هناك «مسايرة» من السلطة لهذا الفريق باعتباره جزءا منها، وأن التنظيم الشعبي الناصري قدم أربع شكاوى إلى الجهات المعنية التي لم تقم بأي إجراءات، وأن المقصود بما يقوم به «تيار المستقبل» هو ترهيب الناس، لكن هذه المحاولات لن تنجح.

من جهتها، قالت النائبة بهية الحريري: «لدينا الجرأة وقبلنا التحدي، والآن نترك الحكم لصناديق الاقتراع، وسنقبل بالنتائج». ونفت ما يتردد عن أن معركة صيدا هي معركة إلغاء النائب السابق أسامة سعد وتنظيمه.