خطة الحرب في أفغانستان رهن بنتائج الهجوم على قندهار

يدعمها الآلاف من الجنود الأميركيين.. وتبلغ تكلفتها مليارات الدولارات

TT

في سعيها إلى طرد حركة طالبان من ثاني أكبر المدن الأفغانية، تستخدم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كل ما في جعبتها، لكن المخططين لهذه الحملة غير متأكدين من أنها ستكلل بالنجاح.

وتراهن الإدارة على أن تحطم عملية قندهار، التي تدعمها الآلاف من القوات الأميركية وتبلغ تكلفتها مليارات الدولارات، الروح المعنوية لدى المتمردين، وتغير الاتجاه الذي تسير إليه الحرب، وتبرهن على صحة الاستراتيجية التي تستخدمها الإدارة إزاء أفغانستان.

ولا توجد خطة بديلة. كما أن السقف الزمني لتحقيق النتائج محدود. ويتوقع مسؤولون في الإدارة أن العملية ستكون النقطة المحورية في تقييم استراتيجي مهم من المقرر أن يجري في ديسمبر (كانون الأول)، وأنها ستبرر عمليات الانسحاب الأولى للقوات الأميركية من أماكن أخرى داخل أفغانستان في يوليو (تموز) 2011. وعلى الرغم من استمرار عمليات بدأت في الشتاء الماضي داخل محافظة هلمند، جنوب غربي أفغانستان، كما أنه من المقرر تعبئة قوات جديدة خلال العام الحالي شمال وشرق أفغانستان، فإن ما يحدث في الأماكن الأخرى لن يحظى بأهمية ما لم تكن الأخبار القادمة من قندهار جيدة.

وقد أُلقي الضوء على صعوبة وأهمية المهمة أول من أمس، عندما دشنت حركة طالبان هجوما بريا وصاروخيا غير مسبوق على المطار الميداني في قندهار، وهو أكبر منشأة تابعة للناتو بجنوب أفغانستان. وجُرح الكثير من الجنود التابعين لقوات التحالف وموظفين مدنيين بعد سقوط الصواريخ في محيط التحصينات، لكن لم يتمكن المسلحون من الدخول عبر إحدى البوابات، وذلك حسب ما قاله الجيش الأميركي. ويقول مسؤولون إن العمليات العسكرية والمدنية خلال هذا الهجوم تمثل أول اختبار حقيقي لاستراتيجية مكافحة التمرد التي اعتمدت قبل خمسة أعوام عشية زيادة القوات في العراق عام 2007. وبينما تقوم القوات بالقتال مع المتمردين المنتشرين وسط السكان في ضواحي مدينة قندهار، مهد حركة طالبان، ستعزز الشرطة الأفغانية من وجودها في وسط المدينة الآمن نسبيا تحت إشراف أميركي. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في 13 مايو (أيار)، إنه لن تكون هناك «دبابات داخل المدينة»، وأشارت إلى أنه سيتم توخي الحذر حتى لا يتم «تدمير قندهار خلال السعي إلى إنقاذ قندهار».

وقد بدأت وضع تصور للعمليات نهاية الشتاء الماضي، عندما بدأت قوات تابعة للعمليات الخاصة قتل وأسر شخصيات قيادية في حركة التمرد. وبدأت حركة طالبان أيضا حملة اغتيال تستهدف أشخاصا يعملون لصالح الأجانب أو الحكومة الأفغانية. وسيسعى مسؤولون مدنيون أميركيون في الوقت ذاته إلى إصلاح مواضع الخلل الذي تسببه مجموعة قبلية معينة، ويخططون إلى إنشاء 10 مناطق إدارية يكون لكل منها مجلس نيابي ومخصصات تنفق منها. وكان تعريف النجاح مبهما، وستتم ملاحظة التقدم من خلال ما يصفه الجيش بـ«تقارير مزاجية» ومن بينها استطلاعات الرأي ومعدلات التجارة في الشوارع. وقال مسؤول بارز في الجيش إن السؤال المحوري الذي ستطرحه الإدارة وتجيب عنه لنفسها هو «هل نتحرك إزاء حل داخل قندهار يدعمه الشعب؟».

وقد تباين وصف التوازن بين الجوانب المدنية والعسكرية في الهجوم بسبب الحساسيات الأفغانية داخل منطقة تعادي التدخل الأجنبي والحكومة داخل كابل أكثر من معاداتها لحركة طالبان.

وتحدث مسؤولون عسكريون أميركيون بارزون في حديث مع صحافيين أميركيين داخل كابل مطلع الشهر الماضي عن «علميات تطهير» موسعة من المخطط تنفيذها في زهاري وأرغانداب وبانجواي، حيث تنتشر حركة طالبان.

لكن، قال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الأسبوع الماضي إن القوة العسكرية سوف تستخدم «إذا كانت هناك حاجة، وفي الزمان والمكان اللذين تدعو إليهما الحاجة، وبالتشاور مع المجتمع». وعلى الرغم من أن الإدارة تعهدت بالتشاور مع كرزاي في كل خطوة، فإنه لا يزال غير واضح ما إذا كان التشاور يعني منح حق الرفض.

ويقول مسؤول في الإدارة «إنها ليست عملية عسكرية بالمعنى المعتاد للكلمة، ربما كان يجب عليهم القيام بذلك» وعدم الحديث عنه في البداية.

وقد سُمّي الهجوم بـ«التعاون من أجل قندهار» بهدف تجنب كلمة «عملية»، التي توحي بالعنف. ووصف المسؤول الهجوم بأنه «وجود عسكري». ووصف الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الهجوم بأنه «تحد فريد». وقال ماكريستال «في الواقع أعتقد أن الجيش الأميركي كان يود أن يكون العدو في مكان محدد حتى يمكننا الهجوم من دون وجود مدنيين في الجوار».

لكن سيكون من الصعب تجنب سقوط ضحايا بين صفوف المدنيين داخل وحول قندهار، حيث إنها منطقة زراعية يوجد بها مليونا شخص. ويفترض أن تبرهن الشرطة الأفغانية على كفاءتها وشفافيتها. ويفترض أن يتمكن الأميركيون، العسكريون والمدنيون، من التعامل مع الساحة السياسية القبلية المعقدة من أجل ضمان وصول السلطة والأموال إلى الأفراد المناسبين، وأن يتنازل شيوخ قبائل داخل قندهار عن جزء من نفوذهم ويدعموا أهدافا أميركية. وتكتنف الكثير من المخاطر هذه الافتراضات.

وقد تمت الإشارة إلى ذلك في تحليل غير سري جاء في 80 صفحة أعدته قيادة ماكريستال. وقال التحليل الذي نُشر في 30 مارس (آذار) «من بين كل المناطق والمدن داخل أفغانستان، لا توجد مدينة أكثر أهمية لمستقبل الحكومة الأفغانية وحركة طالبان من مدينة قندهار».

وقال التحليل إنه على الرغم من الإشارات الأولية إلى أن حركة طالبان لن تقف أمام الزيادة في القوات الأميركية وستبقى مختبئة حتى بدء الانسحاب «توجد علامات على أن قيادة حركة طالبان لا تستطيع البقاء ساكنة بينما تصل قوات أجنبية إضافية، ويصل أكبر تدفق للمساعدات التنموية في تاريخ أفغانستان الحديث لتعزيز الحكم داخل مهد حركة طالبان وعاصمتها السابقة».

وقال التحليل إن الزخم العسكري والمدني داخل قندهار «ربما يدفع حركة طالبان إلى الوصول إلى تسوية سياسية مع الحكومة الأفغانية أو شن حملة أعمال عنف داخل مدينة قندهار (أو ربما التحرك في كلا الاتجاهين)».

وتتسم البيانات التي وردت في التحليل بالكآبة، فمن بين 784 شرطيا داخل مدينة قندهار والمنطقة المحيطة، لم يحصل سوى 25 - 30 في المائة على تدريب على الرغم من أنه من المقرر وصول قوات جديد من أجل الهجوم. ومن بين 87 منصبا لقضاة محليين، لم يتم شغل سوى تسعة أماكن فقط. ويكتظ سجن سارابوزا، وهي مركز الاعتقال الرئيسي في مدينة قندهار، بالسجناء، ويعتبر غير آمن، ومن المتوقع أن يفرز الهجوم عددا أكبر من السجناء.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»