د. رفعت السعيد لـ «الشرق الأوسط»: يوجد عدم وضوح في وجهة البرادعي.. و«الإخوان المسلمون» تنظيم إرهابي

رئيس حزب التجمع المعارض يحذر من تحالف للمعارضة في بلاده قد يؤدي لتجربة حكم الملالي في إيران (2)

د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المعارض في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

حذر الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المعارض في مصر من خطورة التحالف مع من سماهم «المتأسلمين»، قائلا إنه يخشى تكرار تجربة إيران التي توحدت فيها قوى المعارضة ضد الشاه أواخر سبعينات القرن الماضي، وأضاف أنه بمجرد وصول الملالي في إيران إلى الحكم، انقلبوا على باقي حلفاء الماضي وذبحوهم. وقال السعيد، وهو أيضا عضو في مجلس الشورى المصري: «لو وضعت رقبتي في أيدي من يقتادون المجتمع إلى الخلف أكون خائنا لأفكاري ولوطني».

وأشار رئيس «التجمع» في حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة إلى عدم وضوح الوجهة التي يبتغيها الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضاف أنه يجب على السياسي ألا يترك حدثا من دون أن يحدّث الناس عنه، لمعرفة مواقفه من قضية الأقباط والمرأة وغيرها من الأحداث التي تقع في المجتمع المصري، قائلا إن أيا من الأسماء المعارضة (من المستقلين) التي تبدي رغبتها في المنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة لا يمكنها تحقيق الفوز.

وعن تفكير حزبه في خوض انتخابات الرئاسة العام القادم، قال إن هذا يتوقف على شفافية انتخابات البرلمان التي تجري هذا العام. وقلل السعيد من قدرة الدعوات النخبوية لتعديل الدستور، معلنا رفضه الرقابة الدولية على الانتخابات في مصر. كما وجه انتقادات شديدة لجماعة الإخوان المسلمين، وقال إن الجماعة لم تتورط (في السابق) في الإرهاب ضد الحكم فقط، وإنما أيضا ضد بعضها بعضا، مدافعا في الوقت نفسه عن موقف حزبه الذي استقبل وفدا من جماعة «الإخوان»، موضحا أن التجمع لا يرفض استقبال أي شخص. وهنا نص الحوار:

* هل تتفق مع الرأي القائل إن الفترة الراهنة تحمل فرصة نادرة لتوحيد صفوف قوى المعارضة؟ وما العقبات أمام تحقيق هذا؟

- ماذا تعني عبارة «قوى المعارضة»؟ هناك قوى متناقضة تعارض. نحن نعارض، والدكتور محمد البرادعي معارض، و«جماعة 9 مارس» تعارض، و«الإخوان المسلمون» معارضون، والمتأسلمون الإرهابيون من المعارضين. كيف يمكن أن يتوحد كل ذلك للتغيير. نحن لا نعارض من أجل المعارضة أو المعاندة، إننا نعارض من أجل التغيير. وهم يقولون إنهم يعارضون من أجل التغيير. أيضا، كلمة «التغيير» ليست كلمة سياسية ولا كلمة عاقلة. التساؤل هو: تغيير لماذا؟ تغيير نحو ماذا؟ تغيير يتجه إلى أين؟ وهذه هي نقطة الخلاف بيننا وبين الدكتور البرادعي، فهو لا يحدد الوجهة التي يبغيها. إنه لا يحدد، وربما عن عمد. إنه يتحدث عن الفكرة ذاتها التي ذكرتها أنت في سؤالك، وهي أن نجمع المعارضة، لكن ماذا نفعل بها بعد ذلك؟ نحدث تغييرا؟ إذا كيف نحدث هذا التغيير؟ ونغير نحو أي اتجاه؟ وأود التنويه هنا بأن هناك تجربة مريرة في هذا الصدد وقعت في إيران، عندما توحدت جميع قوى المعارضة ضد الشاه. وبمجرد وصول الملالي إلى الحكم، ذبحوا جميع حلفاء الماضي ذبحا فعليا وليس مجازا.

* هل تخشى تكرار هذا السيناريو في مصر؟

- أنا لن أسمح به من الأساس، فلماذا أضع رقبتي في أيدي من يقتادون المجتمع إلى الخلف. إذا فعلت ذلك، أكون خائنا لأفكاري وخائنا لهذا الوطن.

* ولكن هناك اتفاق عام بين صفوف المعارضة على كثير من نقاط التغيير السياسي في مصر؛ ومنها على سبيل المثال تعديل الدستور الحالي؟

- يمكنك التوجه إلى رصيف شارع القصر العيني (أمام بمنى مجلسي البرلمان؛ الشعب والشورى) ستجدين عمالا (يطالبون بمستحقاتهم) يفترشون الأرض ويستخدمون البطاطين كمظلة تحميهم من الشمس، وبعضهم يعلق بيجامات وآخرون يعلقون ملابس داخلية إمعانا في التحدي على سور المجلس الموقر، ولك أن تطرحي بعد ذلك على أي منهم سؤالا: «ما رأيك في المادة 76 (مادة في الدستور خاصة بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية)؟». إنهم لا يهتمون بذلك. والحل هو أن نخوض مع هؤلاء الناس معركة لنجذبهم إلى التعديلات الدستورية، وذلك إذا أفصحنا لهم عن خططنا بعد التغيير.

* وما خططكم بعد التغيير؟

- خططنا هي إقامة مجتمع عادل يحمي حقوق الفقراء ويمنح الناس تعليما وأمنا وأمانا وصحة وعلاجا ودواء ونقلا وسكنا. مجتمع حر متحرر وديمقراطي ليبرالي تقدمي يسمح بحق الاختلاف وبحرية الإبداع ويسمح بحق العمل السياسي وحقوق التظاهر، هذا عندما نقدمه للمواطن يصبح مقتنعا بفكرة تعديل الدستور وبفكرة التغيير. أما إذا قلت له: نحن نريد تعديل الدستور، فلن يجيب سوى بالقول: «إنهم (بهوات) يتصارعون على كعكة السلطة». لذا، لا بد أن نحدد أولا أهدافا تحمل مصالح وهموم الجماهير، ثم نقنع الجماهير بأن التغيير يستهدف ذلك. فإذا انضموا إلينا، فإن هذا يعني أن التغيير أصبح قريب المنال وأن مصر ستنطلق نحو مجتمع آخر حر ديمقراطي عادل متحرر متقدم يحمي حقوق الأقباط والمرأة. كل هذا مفتقد في فكر الدكتور البرادعي، بل إنه عكس ما يقول به. لقد تقدم الدكتور البرادعي وقال أبغي تغيير الدستور، لكن من أجل ماذا؟ لم يكمل، وإنما يتعامل معنا بـ«القطارة».

* هل تشعر بالتناقض في ما يقوله الدكتور البرادعي؟

- مرة يقول إنه ضد نسبة الـ50% عمال وفلاحين، ومرة أخرى يقول إن النخبة هي التي يجب أن تمارس دورها التشريعي. ماذا يعني لفظ «نخبة»؟ هل يعني كبار المثقفين؟ أم كبار الأغنياء؟ أم من؟ وماذا عن العمال والفلاحين؟ وماذا عن الفقراء؟ وماذا عن العاجزين عن الانضمام إلى النخبة؟ عبيد؟ هل نستبعدهم ونحرمهم من حقوقهم الدستورية والانتخابية، ويكمل ذلك بقوله إنه مع «الإخوان المسلمين» في شراكة، ويضيف في تصريح لصحيفة «لو فيغارو» بقوله: «لقد أقنعت الإخوان بإقامة دولة مدنية وعلمانية»، بينما هم لا ينكرون ذلك على الرغم من إدراكهم التام أنه من المستحيل أن يكونوا قد اقتنعوا بذلك، لكنهم يتركون الدكتور البرادعي يردد هذا الكلام انتظارا للحظة المناسبة التي يعلنون فيها أنهم لم يقولوا ذلك. وعندما يسألهم أحد عن هذا سيردون: «هل نحن قلنا ذلك؟»، وما دام أن الإجابة «لا»، إذن فهم غير مسؤولين عن هذا الحديث. وبذلك تتحول كل مهمة الدكتور البرادعي إلى تجميل وجههم أمام الغرب.

* ما الدور المطلوب من البرادعي في وجهة نظرك؟

- دعونا نتحلى بالمنطق ونعلن أننا مع جعل مصر متحررة ديمقراطية تقدمية تدافع عن حقوق الأقباط والمرأة. والملاحظ مع الدكتور البرادعي أن أكثر ما عنده من أفكار مسكوت عنه، وسبب قولنا ذلك، أن السياسي لا يمكن أن يترك حدثا من دون أن يحدث الناس عنه. ما رأيه في أحداث نجع حمادي؟ لم يفصح عن ذلك، على الرغم من عودته إلى مصر من الخارج بعدها ببضعة أيام. ما رأيه في قرار قضاة مجلس الدولة باستبعاد المرأة؟ لم يقل على الرغم من كونه تقدميا ورغبته في تولي المرأة مناصب القضاء، وعلى الرغم من معرفته أن 80% من المسلمين يعيشون في إندونيسيا وباكستان وبنغلاديش، وولت هذه الدول الثلاث المرأة منصب رئاسة الدولة ولم يقدم أحد على اتهامهم بالكفر. ومع ذلك لم يقل، ونحن نريده أن يقول ليحدد اتجاه التغيير. وبالتالي، نعلم ما القوى التي ينبغي توحيدها من المعارضة، وليس أي معارضة.

* حزب التجمع سبق كثيرا من قوى المعارضة في مطالبته بتعديل الدستور، إلى أين وصلتم في هذه الأمر؟

- نحن من جانبنا نريد تعديل الدستور لأننا نريد تحقيق التكافؤ، ولأنه عندما طالبنا بتعديل المادة 76 جاء التعديل بطريقة خاطئة. أنا أؤيد التغيير، ولكن إلى أي اتجاه؟ في اتجاه مزيد من الديمقراطية والحرية وتوسيع الإطار العام، أم نحو مزيد من التضييق؟ وقد جاء التعديل الأخير (تعديل 34 مادة من الدستور في 2007) قاصما، لأنه يضيق الفرص أمام الكثيرين. وقد منحونا فرصة (استثناءات) حتى عام 2017، وقالوا ستشاركون هذه المرة، وبعد عام 2017 يكون قد «صَلُب» (اشتد) عودكم وتتمكنون من خوض المعركة الانتخابية الرئاسية. لكن في ظل الوضع الراهن لن «يصلب» (يشتد) عودنا بأي حال من الأحوال. وحتى لو صلب (اشتد) عودنا، لا يمكن أن ندخل انتخابات غير متكافئة.

* ما استراتيجية حزبكم في انتخابات مجلسي الشعب والشورى القادمتين؟ وما طموحاتكم فيها؟

- نحن نريد أن نطحن الخبز في موعده. هناك مثل قديم يدور حول مفكر روسي قبل الثورة فجاءه أناس يريدون تنفيذ الثورة فورا، عام 1905، فقال لهم إن روسيا لم تطحن بعد الدقيق الذي ستصنع منه خبز الثورة. ونحن نريد أن نطحن الدقيق في موعده. أنت وكثيرون غيرك ينصب تركيزهم على انتخابات الرئاسة القادمة، لكن علينا طحن الدقيق في 2010 في انتخابات مجلس الشورى التي ينبغي أن نخوضها بشرف وكفاءة واحترام وموضوعية. فإن كانت هناك شفافية، سنخوض انتخابات مجلس الشعب. فإن كانت هناك شفافية نفكر حينها في خوض انتخابات الرئاسة. أما إذا لم تتوافر شفافية في انتخابات مجلس الشورى، فلن نشارك في انتخابات مجلس الشعب. وبطبيعة الحال، إذا لم نشارك في انتخابات مجلس الشعب، فلن نخوض انتخابات الرئاسة.

* هل تؤيد وجود رقابة دولية على الانتخابات المقبلة؟ وما الضمانات الكافية في نظرك لنزاهة الانتخابات؟

- نحن نرفض الرقابة الدولية ونستنكر التصريح الذي نسب إلى سفير الاتحاد الأوروبي ويقول فيه: «سنقوم بالرقابة الدولية على الانتخابات سواء قبلت الحكومة المصرية أم رفضت»، وذلك لأسباب كثيرة، ولن أقول هنا من أجل السيادة الوطنية ومثل هذا الحديث، لأن السيادة الوطنية غير محترمة في كثير من الأحيان. لكن دعونا نتحدث بصراحة، إذا جاء مليون رقيب من الأمم المتحدة مرتدين القبعات الزرقاء وراقبوا الانتخابات وكتبوا تقارير بأن الانتخابات نزيهة مائة في المائة، ستكون في حقيقتها مزورة. لماذا؟ لأن التزوير إرادة. أنا شخصيا لا أثق في الرقيب الأوروبي. وهناك كثير من الأدلة التي تدعم موقفي، منها على سبيل المثال، في أوكرانيا في الانتخابات قبل الماضية؛ شارك المراقبون الأوروبيون في تزوير الانتخابات ليضمنوا نجاح معارضي روسيا والراغبين في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هم الذين ارتكبوا التزوير، وليس المساعدة في أعمال التزوير فحسب، أو غضوا البصر عنها. عندنا، لن يتمكنوا من التزوير لأن هناك من يزورون بطبيعتهم. لكن السؤال هو: هل نثق بهم؟ أنا لا أثق بهم، ولا أعتقد أن أي مصري يثق بهم. سبق أن قلت وأكرر الآن أنه لو جاء وفد من الاتحاد الأوروبي وراقب وضبط 100.000 حالة تزوير، وقبل إعلان النتيجة بساعتين، قررت الحكومة مضاعفة كمية الغاز الطبيعي المصدرة لإسرائيل، سيصدر تقريرهم بأن الانتخابات نزيهة. أكرر للمرة المائة أن زوجتي لا تعرف صناعة البيتزا، لكننا نشتريها من محل البيتزا المجاور. فإن أغلق المحل، لن نتناول بيتزا. لذا، علينا أن نتعلم نحن بأيدينا أن نصنع البيتزا، بمعنى أن نحمي انتخاباتنا وحريتنا. علينا بناء جدار من الجماهير ليحمي انتخابات حرة، وندربهم على ذلك. المطلوب هو رقابة جماهيرية غير مدفوعة الأجر، هذا هو الضمان الذي نريده.

* هل ترى إمكانية إجراء انتخابات حرة نزيهة في ظل الدستور الحالي؟

- ليس للأمر صلة بالدستور. القضية هي الإرادة السياسية. ليس هناك دستور يقول «زوروا الانتخابات» أو «إننا ضد انتخابات حرة» أو «إننا ضد الديمقراطية». في الواقع، هتلر نفسه كان يتحدث عن الديمقراطية. وفي هذا الصدد، أصدرت كتابا ضخما يقع في قرابة 600 صفحة بعنوان «الديمقراطية والتعددية بين الوثيقة والواقع». فكل جهة يمكنها ذكر ما تشاء في الوثائق. وهذه فكرة قديمة، فالمعتزلة أول من قالوا بالعدل والتوحيد والحرية وحرية الفكر وحرية التعبير وحرية الإبداع، وما إن قالوا بخلق القرآن وساندهم الخليفة المأمون حتى امتحنوا الناس، بمعنى أدخلوهم في المحنة، ومن هنا جاء لفظ «امتحان». وكانوا يسألون الناس: هل أنتم مع خلق القرآن؟ فإن أجاب الشخص بالإيجاب، برئ.

* ما موقفك من ترشح الأسماء التالية للرئاسة: محمد البرادعي - حمدين صباحي - أيمن نور؟ وما الفرص المتاحة أمام كل منهم في رأيك؟

- بالنسبة للفرص المتاحة في ظل الوضع الراهن، لا يمكن لأي منهم الفوز في الانتخابات.

* وهل ستؤيد أيا منهم حال خوضه الانتخابات؟

- كيف أؤيده قبل أن أعرف ما برنامجه الانتخابي؟ أريد أن أعرف يريد تغيير مصر نحو ماذا؟ وإلى أين؟

* يقول البعض إنه من المستحيل إجراء حوار وطني وإقرار إصلاح سياسي من دون مشاركة «الإخوان المسلمين»، فما رأيك؟

- «حوار وطني» للوصول إلى ماذا؟ سأعيد حديثي ثانية، إنهم يقولون نريد «حوارا وطنيا» إلى أين؟ من أجل التغيير. نغير إلى أي اتجاه؟ عليك أن تمنحيني إجابة هذا السؤال، وأنا أرد عليها.

* نسبت تصريحات إلى مصادر داخل الحزب تقول إن رفعت السعيد ربانا داخل الحزب على أن «الإخوان المسلمين» «تنظيم إرهابي»، فما ردك؟

- هذا صحيح. أنا لن أخاف. لقد أصدرت عدة كتب في هذا الصدد. ولست أنا من قال إنهم تنظيم إرهابي. في الواقع، الإجابة قد تستغرق 50 أو 60 ساعة، يكفيني أن أقول لك عليك بمراجعة كتب محمد محمود عبد الحليم، وهذا هو المؤرخ المعتمد لدى جماعة «الإخوان المسلمين». إن محمود عبد الحليم يقر بأنه كان هناك جهاز سري وأن هذا الجهاز كان يمارس الإرهاب وأن هذا الجهاز تورط في قتل بعضه بعضا، وأن عبد الرحمن سند قتل سيد فايز، الرجل الثاني، لأن الأخير حاول التحالف مع الهضيبي ضده. إنهم لم يتورطوا في الإرهاب ضد الحكم فقط، وإنما أيضا إرهاب ضد بعضهم بعضا.

* كيف؟

- عليك قراءة كتاب الأستاذ محمود الصباغ الذي قال فيه إن «أعضاء الجهاز السري كلهم يعرفون كتاب الله وسنة رسوله ولا يحتاجون لأمر من أحد لاغتيال أعداء الله الذين هم أعداء الجماعة». ونعود إلى كتاب أحمد عادل كمال بعنوان «النقط فوق الحروف» الذي قال فيه صراحة عبارة لا تنسى: «جماعة بلا جهاز مسلح يحميها، تهريج». ويذكر في الكتب كيف كانوا يمتحنون الأفراد وذلك على النحو التالي: «اذكر مواضع الطعن القاتلة في جسد الإنسان. اذكر كيف تصنع قنبلة (الإنريغا) (وأنا لا أعرف ما «الإنريغا») بوسائل موجودة في السوق». إنهم يعترفون بأنفسهم، فماذا نحتاج بعد هذا؟ إنهم يعترفون بأنه كان لديهم جهاز سري وأنهم تورطوا في القتل، وأنهم عندما قتلوا الخازندار (قاض مصري)، زعم حسن البنا أنه غضبان. لكن ماذا كان سبب غضبه؟ لأن القتل حدث من دون استئذانه، ولأنهم أشركوا في القتل أحد أعضاء السكرتارية المعاونة للخازندار. وعليه، قرر البنا محاكمتهم وانعقدت الجلسة بحضور سبعة من مكتب الإرشاد برئاسة حسن البنا، مما يعني أن جميع أعضاء مجلس الإرشاد كانوا يعلمون بوجود جهاز سري ويعلمون من رئيسه. فقال عبد الرحمن السندي: «يا فضيلة المرشد، لقد سمعتك تقول عندما حكم على أحد (الإخوان) (عندما أصدر المستشار الخازندار حكما ضد أحد «الإخوان» قتل ضابطا إنجليزيا، بالسجن سبع سنوات على ما أتذكر): هذا القاضي يستحق القتل، فقررت أن أقتله». فأجهش البنا بالبكاء، حيث شعر بالعطف تجاه هذا الفتى «الطيب»، واجتمعوا وأصدروا الحكم وقالوا فيه إن القتل جاء مخالفا لأفكار الجماعة، ليس لأن القتل خطأ، وإنما لأنها وقعت من دون استئذان، وإنه قد وجب على الجماعة أداء الدية. ثم قالوا إن الدية دفعت بالفعل، لماذا؟ لأن الحكومة دفعت تعويضا لورثة المرحوم الخازندار، والحكومة في هذه الحالة هي ممثلة الأمة، ونحن جزء من الأمة، لذا تكون الدية قد دفعت! الأخطر من ذلك، أنهم قالوا إن من قتلوا الخازندار لم يقصدوا أن يقتلوا نفسا بغير نفس، وإنما قصدوا قتل «روح اليأس» في هذه الأمة! أترين هذا؟ قاضي أصدر حكما ضد شخص بالسجن سبع سنوات، فهل يكون الرد قتله؟ أليس هذا الموقف يمثل «قتل نفس بغير نفس»؟

* إذن لماذا، بعد كل هذا، جاء وفد من الإخوان المسلمين لمقر الحزب مؤخرا؟

- لا أرى ضيرا في ذلك. لقد طلب منا استقبالهم، فقبلنا، لأننا لا نرفض استقبال أي شخص يرغب في زيارتنا إلا الإسرائيليين.

* هل أحدثت الزيارة انقسامات داخلية في الحزب؟

- لا.. إطلاقا. نحن حزب لا ينقسم على نفسه. لكن الزيارة كانت كاشفة لأن أخطر ما تمخضت عنه هو قول الدكتور محمد علي بشر (عضو مكتب الإرشاد): «صوت المسلم للمسلم»، هذا كشف القناع عن هؤلاء الناس. «صوت المسلم للمسلم» تعني «صوت القبطي للقبطي»، الأمر الذي يعني بدوره أن المرشحين الأقباط سيشتكون من عدم نيلهم أغلبية في دوائرهم لأن الأقباط مبعثرون. وعليه، عليك تخصيص حصة (كوتة) للأقباط، أي يخصص 45 مقعدا للأقباط في البرلمان، وبذلك يظهر لدينا كردستان وعراقستان جديد، وهذا أمر غير مقبول. إنهم يمزقون الأمة ويضربون وحدة الوطن.. إنهم يقدمون مستقبل هذا الوطن قربانا لأهدافهم الشخصية. والتأسلم ليس صحيح الإسلام، وإنما استغلال الإسلام بفهم خاطئ لتحقيق مكاسبك الشخصية.

د. رفعت السعيد

* رئيس حزب التجمع الوطني الوحدوي المصري اليساري المعارض، وعضو مجلس الشورى المصري.

* من الأسماء البارزة في الحركة الشيوعية المصرية منذ الأربعينات وحتى نهاية السبعينات.

* تم اعتقاله عدة مرات؛ أولاها في الرابعة عشرة من عمره ليحصل بعدها على لقب «أصغر معتقل في مصر»، كما اعتقل سنة 1978 بعد كتابته مقالا موجها إلى زوجة الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات بعنوان «يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن».

* له كثير من المؤلفات النقدية لحركات الإسلام السياسي، ويعد من أكثر الشخصيات المعارضة لفكر الإخوان المسلمين ويتهمهم بالسعي للفتنة الطائفية.

* ترأس الحزب خلفا لخالد محيي الدين القيادي السابق في حركة الضباط الأحرار التي قامت بثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952.

* حاصل على الدكتوراه في تاريخ الحركة الشيوعية من ألمانيا.