مصدر في قائمة علاوي لـ«الشرق الأوسط»: تحدثنا مع السيستاني بصراحة.. وفوجئ بما يشيعه الآخرون

المرجعية في النجف أكدت لـ«العراقية» أنها لا تقف مع الائتلافين الشيعيين ضد أي قائمة أخرى

نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، يضع حجر الأساس لمشروع «بوابة بغداد» أمس (رويترز)
TT

ماذا دار في بيت المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني من حديث مع قادة القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، وماذا يدور في بيوت السياسيين العراقيين ببغداد من نسيج يجري خلف الكواليس لثوب يمكن إلباسه لهذه الخطوة أو تلك. فالواضح أن مجريات الأحداث السياسية في العراق تتغير مع كل موقف أو تصريح أو لقاء أو اجتماع بين عدد من السياسيين، لكن مفاجآت هذا الأسبوع تبدو أنها جاءت من النوع أو الوزن الثقيل، وبعكس ما تشتهي سفن بعض السياسيين.

أولى هذه المفاجآت كانت تصريحات زعيمَي الحزبين الكرديين الرئيسيين، جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيس جمهورية العراق، ومسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان، عندما التقت تصريحاتهما عند نقطة واحدة ألا وهي ضرورة تكليف علاوي رئيس القائمة الفائزة الأولى في الانتخابات بتشكيل الحكومة ومنحه الفرصة للمضي بهذه الخطوة تطبيقا للدستور العراقي. حتى إن الرئيس طالباني وخلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» والمنشور قبل يومين قال بصراحة، إن «الدستور العراقي مكتوب باللغة العربية الفصحى»، وهذا يعني بوضوح أن الدستور لا يحتاج إلى الكثير من الإيضاحات والتفسيرات، وحتى الآن فإن القائمة الأكبر والفائزة هي العراقية، وريثما تتشكل تحالفات بعد أن تصادق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية ويؤدي البرلمانيون القسم الدستوري، فإن المبادرة تبقى بيد العراقية لممارسة استحقاقها الدستوري.

تصريحات الزعيمين الكرديين جاءت بمثابة المفاجأة لبعض الكتل، بينما جعلت البعض الآخر يغوص عميقا في تحليلاته وتفسيراته واحتمالات المستقبل إلى درجة أن بعض السياسيين فسر هذه التصريحات بوجود اتفاقات مسبقة بين علاوي والتحالف الكردستاني، وأن بوصلة تحالف الكرد تتجه نحو التحالف مع العراقية، مع أن تصريحات طالباني وبارزاني لم تخرج عن كونها قراءة صحيحة من قبلهما للدستور العراقي وللاستحقاقات الدستورية التي تترتب لقائمة علاوي، لا سيما أن هذه التصريحات يجب أن تقرأ بوضوح كون طالباني رئيس الجمهورية، وهو أيضا الرئيس القادم، لاتفاق الكتل السياسية على انتخابه لولاية ثانية حسب تصريحاتهم الموثوقة، وبالتالي فهو من سيكلف المرشح برئاسة الحكومة القادمة. وإذا لم يوفق علاوي، فأنا متأكد بأنه سيذهب إلى رئيس الجمهورية ويقول له أرجو أن تكلف شخصا آخر لهذه المهمة، حسب تصريحات الرئيس طالباني. وعلينا أن ندرك أيضا بأن رئيس الجمهورية كان قد مارس هذا الدور من قبل عندما كلف نوري المالكي بتشكيل الوزارة الماضية.

وقبل الدخول إلى كواليس أهل السياسة ببغداد، وقبل أن يصحوا السياسيون العراقيون من رد فعلهم إزاء تصريحات الزعيمين الكرديين، فوجئت الأوساط السياسية ببغداد أول من أمس بزيارة علاوي وقادة قائمته، طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، ورافع العيساوي، نائب رئيس الوزراء، وعدد آخر من القياديين في قائمته للمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في داره بالنجف، وانشغل السياسيون بتصريحات زعيم القائمة العراقية وقيادييها.

كان علاوي قد وصل إلى بغداد في الليلة التي سبقت زيارته إلى النجف قادما من عمان التي التقى فيها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ومن أنقرة بعد لقائه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، وأراد علاوي أن يختصر الطرق إلى المرجعية، من حيث المسافة ومن حيث معرفة موقف آية الله علي السيستاني حول موضوع تشكيل الحكومة فوصل إلى النجف بواسطة طائرة هليكوبتر.

ولم تكن تلك الزيارة الأولى من قبل علاوي أو قياديي القائمة إلى السيستاني، فعلاوي وباعتباره شيعي المذهب متعود منذ طفولته على زيارة المراجع الشيعية كتقليد مذهبي وعائلي أيضا وإن كان رئيس القائمة العراقية علماني الاتجاه ويفصل بين الدين وقدسيته وبين السياسة ومناوراتها، والهدف الأساسي الذي خرجت به القائمة كنتيجة هو حيادية موقف المرجعية من مسألة تشكيل الحكومة، وبأنها تقف على مسافة متساوية من الجميع، وإن كان هذا تأكيد المرجعية دائما إلا أن قادة العراقية وجمهورها أرادوا أن يكونوا على يقين بعد أن أشيع بين الأوساط السياسية بأن المرجعية تقف مع الائتلافين الشيعيين، دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم.

الأكثر من هذا وذاك هو أن بعض قياديي دولة القانون سربوا أنباء مفادها أن المرجعية الشيعية أكدت أن «رئاسة الوزراء يجب أن لا تخرج عن الائتلافين الشيعيين المتحالفين»، وأن «القائمة العراقية وإن كان يتزعمها شيعي إلا أن اتجاهها علماني وتمثل العرب السنة لوجود نسبة كبيرة من نوابهم في قائمته»، وهناك من راح يستخدم هذه الشائعات باعتبارها حقائق ويريد استخدامها كورقة رئيسية في التفاوض.

مصدر في القائمة العراقية كان بين من حضروا لقاء قادة القائمة مع السيستاني، كشف لـ«الشرق الأوسط» أمس، عن أن «قادة القائمة أرادوا أن يتيقنوا من صحة أو عدم صحة هذه الطروحات من آية الله السيستاني مباشرة، ومن ثم مصارحة الرأي العام العراقي بالحقائق، وإن كنا نعرف وحسب تأكيدات المرجعية بأن السيستاني أعلن حياديته من قبل». وأضاف المصدر الذي رفض نشر اسمه، قائلا «لقد طرحنا على المرجعية مباشرة وبصراحة أسئلتنا المتعلقة بهذا الجانب، وفيما إذا كانت المرجعية تفضل بالفعل أن يكون رئيس الوزراء القادم من إحدى القائمتين الشيعيتين (دولة القانون والائتلاف الوطني) وأنها تدعم هذا الاتجاه»، مشيرا إلى أن «المرجعية فوجئت بهذه الطروحات وأكدت حياديتها وبأنها تقف من الجميع على مسافة متساوية، مع نفي قاطع بأن تكون المرجعية قد أوحت بمثل هذا التصور، وبأن المرجع الأعلى مع تطبيق الدستور ويترك أمر تشكيل الحكومة للسياسيين، على أن تكون هذه الحكومة هي حكومة شراكة وطنية».

ومن هنا «اعتبرت القائمة العراقية أن هذه الزيارة ناجحة، وأن تأكيد المرجعية لموقفها الحيادي هو دعم للعملية الدستورية، وأن مجرد عدم طرح المرجعية لمبدأ أن يكون رئيس الوزراء القادم من إحدى القوائم الشيعية هو دعم للعملية السياسية ونزاهتها».

وراء كواليس السياسة أيضا تدور أحاديث عن أن إصرار التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لا يزال يتواصل في حواراته مع العراقية وقد يتوصل إلى نتائج جيدة، حسب تسريبات إعلامية عن مصدر في التيار، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» إصرار التيار الصدري على عدم الموافقة على تولي المالكي رئاسة الحكومة لولاية ثانية.