سلطانية لـ «الشرق الأوسط»: إيران أكدت جديتها.. والكرة في ملعب الغرب

طهران تسلم وكالة الطاقة الذرية الاتفاق الثلاثي * إسرائيل تعتقد أن العقوبات قد تؤثر على الإيرانيين

عبد الحميد ريغي في مجموعة صور التقطت له في 25 أغسطس 2009 خلال مؤتمر صحافي بعد اعتقاله بأيام في مدينة زاهدان بإيران (أ.ف.ب)
TT

سلمت إيران مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، نصا رسميا لاتفاق التبادل النووي الذي أبرمته مع تركيا والبرازيل، مؤكدة عزمها على المضي قدما لتنفيذ الاقتراح. وأكد الناطق باسم الوكالة الدولية جيل تيودور أن إيران أبلغت الوكالة بالاتفاق رسميا، موضحا أن الوكالة ستنقل الرسالة إلى الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا.

وقال دبلوماسي إيراني للصحافيين في فيينا أمس إن خطابا موقعا من علي أكبر صالحي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية سلم إلى أمانو في اجتماع استمر 45 دقيقة في فيينا. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقالت الوكالة الدولية في بيان إن أمانو «سينقل الخطاب للولايات المتحدة وفرنسا وروسيا».

ونقلت محطة تلفزيون «العالم» الإيرانية الناطقة بالعربية عن خطاب صالحي قوله إن الاتفاق «خطوة كبيرة للأمام» باتجاه نزع فتيل التوتر بشأن برنامج الطاقة، فيما قالت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية إن الخطاب سيكون بداية لمفاوضات أكثر تفصيلا لمبادلة الوقود عن طريق التوقيع على اتفاق مكتوب.

وكان أمانو قد استقبل بمقر إقامته بالعاصمة النمساوية فيينا في العاشرة والنصف من صباح أمس، وهو يوم عطلة دينية بالنمسا، كلا من رضا تورهان طهراني نائب المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية بالإضافة لمندوبي تركيا والبرازيل الذين سلموه نص الرسالة الإيرانية، داعين أن تدرسها الوكالة وأن ترفعها لسفراء كل من روسيا وفرنسا بالوكالة باعتبارهما الدول التي أبدت رغبة في مساعدة إيران لتنفيذ المقترح الأصلي لتبادل الوقود الذي كانت الوكالة قد طرحته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

من جانبه وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال السفير الإيراني علي أصغر سلطانية، الموجود حاليا بنيويورك حيث يشارك في المباحثات الدائرة لمراجعة اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، إن بلاده بخطوتها هذه تؤكد جديتها في المضي قدما في المسار الدبلوماسي «مما يعكس حرصها على فتح صفحة تعاون جديدة مع الدول أطراف الاتفاق»، مبينا أن «الكرة أصبحت في ملعبهم وأن إيران تنتظر منهم ردا إيجابيا».

وردا على سؤال حول إصرار إيران على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، شدد سلطانية على أن «موضوع التخصيب موضوع منفصل لا علاقة له بموضوع اقتراح تبادل الوقود». وعند سؤاله إن كان موضوع التخصيب يمكن أن يكون عقبة في المضي قدما لتنفيذ التبادل النووي، أكد سلطانية «أن الحديث الآن يدور حول تسليم موافقة إيران للوكالة وفقا للموعد الذي حدده اتفاق إيران مع تركيا والبرازيل»، دون أن يستبعد أن تطل عقبة التخصيب برأسها فيما بعد. وحول ما إذا كان متفائلا بخصوص صفقة التبادل، قال: «ولم لا»، حاثا بقية الأطراف التي ستشارك في توفير الوقود لإيران، وهي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا المعروفين باسم مجموعة فيينا بانتهاز ما وصفه بالفرصة و«المسارعة في تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت». ويقول بعض الدبلوماسيين، إن آفاق هذا الاتفاق تبدو قاتمة ما لم توقف إيران تخصيب اليورانيوم لدرجات نقاء أعلى، وهو ما بدأته في فبراير (شباط) الماضي وأثار مخاوف الغرب من أن تتمكن في نهاية الأمر من إنتاج يورانيوم بالمستوى المستخدم في صنع القنابل الذرية.

وقال دبلوماسي غربي لـ«رويترز»: «يقولون إن تخصيب اليورانيوم لدرجات أعلى يهدف لإنتاج وقود للمفاعل. لماذا يواصلون القيام بذلك إذا حصلوا على الوقود». وأضاف «إذا استمروا في ذلك سيدهشني بشدة أن تمضي صفقات الوقود هذه قدما».

وكان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني قال إن طهران قد تعدل عن الاتفاق. وقال إن «البرلمان يدعم إعلان طهران بكل بنوده، وإذا سعوا إلى بحثه جزئيا فإن البرلمان لن يقبل». وأضاف «إذا قدموا مطالب أخرى واستمروا في الخداع فإن ذلك لن يكون مطابقا لإعلان طهران»، مؤكدا أن الاتفاق «يمنحنا ما يمنحه للطرف الآخر. إنه إطار معقول لمحادثات».

وعلى الرغم من هذا الاتفاق، درس مجلس الأمن الدولي مشروع عقوبات جديدة ضد إيران. وندد الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني بردود الفعل الغربية على اتفاق التبادل وبنية الدول الكبرى فرض عقوبات جديدة على إيران. من جهته، حذر نائب رئيس البرلمان محمد رضا باهونار الخميس من أن طهران ستتخلى عن الاتفاق إذا أقر مجلس الأمن فرض عقوبات جديدة عليها.

وجدد أحد قادة المعارضة الإيرانية، مير حسين موسوي، انتقاده للحكومة الإيرانية بسبب سياساتها النووية و«نزعة الحكومة المغامرة» في سياستها الخارجية، حسب ما نقل موقعه الإلكتروني أمس. وقال موسوي خلال لقاء مع أسر العسكريين الذين قتلوا في الحرب بين إيران والعراق (1980 - 1988) «في هذه الأيام يتم التداول بشأن فرض عقوبات على أمتنا. نعتقد أن الوضع الحالي ناجم عن سوء إدارة الحكومة ونزعتها المغامرة في السياسة الخارجية، لكن لا يمكننا أن نوافق على عقوبات تؤثر على حياة الناس». وأضاف رئيس الوزراء الأسبق في عهد الخميني خلال الحرب بين إيران والعراق، الذي أصبح معارضا للرئيس محمود أحمدي نجاد منذ إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) 2009 «نقف إلى جانب الأمة من دون التنازل عن مطالبنا».

من ناحيته قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي دان ميريدور أمس، إن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران يمكن أن تؤتي ثمارها، في إشارة متفائلة للجهود الدبلوماسية لكبح البرنامج النووي الإيراني. وقال ميريدور إن نجاحا أميركيا يمكن أن يبعث برسالة واضحة وإيجابية للمعسكر العربي المعتدل في الشرق الأوسط. لكن النتيجة العكسية ستكون لها آثار مدمرة وعواقب وخيمة على النظام العالمي. وقال «أعتقد أن نظام العقوبات ربما يعمل على الرغم من أن القرار الذي اقترحته واشنطن في الأمم المتحدة بدعم من جميع دول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية ليس شاملا أو معوقا كما أريد أن يكون». وقال ميريدور في إفادة للصحافيين إنه يعتقد أن الحكومة الإيرانية «تشعر بأن الضغط بدأ يتزايد».

وقال الوزير وهو أحد أعضاء مجلس الوزراء المصغر لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المختص بالقضايا الأمنية والاستراتيجية العليا، إن اتفاق إيران الأخير مع تركيا والبرازيل «ربما يكون إشارة إلى أنهم يفهمون أنه ينبغي عمل شيء أو ربما تكون خدعة». وقال ميريدور وهو أيضا الوزير المسؤول عن المخابرات والطاقة النووية «كل يوم يقتربون أكثر من القدرات التي يرغبونها».

وفي الوقت الذي شدد فيه على أن الحكومة الإسرائيلية تأمل في إحراز تقدم في محادثات غير مباشرة بدأت حديثا مع الفلسطينيين حول اتفاق سلام الشرق الأوسط، قال ميريدور إن القضية الساخنة «لا تزال إيران» ليس فقط في إسرائيل ولكن في المنطقة ككل. وصرح ميريدور أنه إذا ما سمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية يمكن أن يكون ذلك انتصارا لحلفائها بالوكالة في الشرق الأوسط، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني اللذين يرفضان السلام مع إسرائيل، وستكون هزيمة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي ترغب في إبرام اتفاق. وأضاف «ستتقلص الفرص من أجل السلام عن أي وقت مضى».