حماس تعلن اعتقال ضابط مصري كبير.. والقاهرة تنفي

جدل بين ممثلي فتح وحماس بشأن الدور المصري في المصالحة

TT

أعلن وزير الداخلية بالحكومة الفلسطينية المقالة، فتحي حماد، عن اعتقال الأجهزة الأمنية ضابطا مصريا كبيرا تسلل إلى قطاع غزة بغرض التجسس، وجمع المعلومات.

وقال حماد في مقابلة أجرتها معه صحيفة «فلسطين»، الصادرة في غزة، إن الضابط كان في مهمة لجمع «معلومات عن أبناء الشعب الفلسطيني والحكومة ومهمات أخرى».

وأضاف حماد أن الأجهزة الأمنية أعادت الضابط إلى مصر، مطالبا الحكومة المصرية بتشكيل «لجنة أمنية مشتركة لتنسيق التعاون بين الطرفين، وليس من خلال ضباط يخرقون جدار الأمن الفلسطيني»، على حد تعبيره.

وانتقد حماد الخطوة المصرية، قائلا: «يجب على مصر أن توجه تحقيقاتها ضد الاحتلال وكيف يتسلل أفراده إلى الأراضي الفلسطينية والمصرية، وأن تقف إلى جانب الفلسطينيين وليس إرسال ضباط يتسللون إلى غزة لجمع معلومات عن المقاومة، وتعذيب أبناء شعبنا المعتقلين لديها من أجل الحصول عن معلومات ضد غزة».

واستهجن حماد ما سماه «استمرار السلطات المصرية باعتقال عدد من الفلسطينيين في سجونها وتعذيبهم بشكل مروع، دون ارتكابهم أي مخالفة أو جناية أو جنحة ضد مصر أو أمنها»، داعيا مصر إلى الإفراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين لديها دون قيد أو شرط، وإغلاق هذا الملف فورا، معتبرا ما تقوم به مصر ضد الفلسطينيين خارج إطار تعاليم الإسلام والعروبة وحق الجيرة.

وأوضح حماد أن الاتصالات بين الحكومة المقالة ومصر محدودة جدا، وإذا ما تمت فإنها تتم عن طريق الاتصال عبر المستويات غير الرسمية، وأنها تقلصت أكثر بعد جمود العمل السياسي.

وأشار حماد إلى أن معظم الاتصالات تجري حول التطورات الأمنية، قائلا: «الجانب المصري يقوم بالاتصال بغزة حول بعض القضايا الأمنية، خاصة إذا كان لديه معلومة أمنية تتهددهم هناك في سيناء، فإنه يقوم بالاتصال بنا للتنسيق وحل تلك المشكلة».

وفي القاهرة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، إن هذه المعلومات ليست سوى «اختراع لحماس» في محاولة لبدء حوار مع مصر. وقال زكي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هدف حماس هو العمل على أن تتحدث إليها مصر من جديد».

وفي هذه الأثناء، يتواصل جدل بين ممثلي فتح وحماس حول الدور المصري في المصالحة الوطنية، لا سيما في ظل اتهامات الكثير من الأوساط في حماس لمصر بأنها تتخذ موقفا عدائيا ضد الحركة، وأنها تقف إلى جانب حركة فتح، وهو ما يثير حنق قيادات في حركة فتح. ورفض الدكتور فيصل أبو شهلا، القيادي في حركة فتح ورئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي، اتهامات حماس ضد مصر. وقال إن هناك ميلا لدى قادة حماس لتشويه مصر ودورها من خلال التشكيك في دوافعها وتصويرها وكأنها تتخذ موقفا عدائيا ضد الشعب الفلسطيني، وأنها تنحاز إلى طرف فلسطيني دون طرف.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال أبو شهلا: «دور مصر التاريخي وثقلها الحضاري يجعلها أسمى بكثير من أن تهبط إلى هذا النوع من السلوك، كل ما في الأمر أن حماس ترفض متطلبات المصالحة الوطنية، وبالتالي فهي تلجأ إلى صورة الوسيط المصري بشكل غير لائق ومرفوض».

ويرى أبو شهلا أنه بإمكان حماس أن تختبر مصداقية مصر وحركة فتح من خلال التوقيع على الورقة المصرية، التي يرى أنها «تمثل وصفة مثالية» لتحقيق المصالحة الوطنية، دون أن يتم ربط الموقف المصري أو الفتحاوي بالموقف الإسرائيلي والأميركي. وأعاد أبو شهلا للأذهان حقيقة أن الرئيس محمود عباس أعلن أمام المجلس الثوري بشكل واضح وصريح أنه سيتم النظر في كل الملاحظات التي سجلتها حماس على الورقة المصرية، وأنه سيلتقي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل فور التوقيع على الورقة المصرية. وأشار أبو شهلا إلى أن ملاحظات حماس على الورقة المصرية غير منطقية. وضرب أبو شهلا مثالا على ذلك بمطالبة حماس بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية وعدم ربطها بالرئيس، مشيرا إلى أن لجنة الانتخابات الحالية هي التي أدارت الانتخابات الأخيرة التي حققت فيها حماس فوزا ساحقا، وهو ما جعل قادة حماس يمتدحون هذه اللجنة ونزاهتها.

وقال أبو شهلا إنه يعرف الكثير من قيادات حماس من يرون في الورقة المصرية الحل الأمثل لتحقيق المصالحة، محذرا من مغبة فقدان الدور المصري في القضية الفلسطينية من خلال سلوك غير ناضج.

من ناحيته، قال الدكتور يحيى موسى، نائب رئيس كتلة حركة حماس في المجلس التشريعي، إن كل المؤشرات تؤكد أن تحقيق المصالحة بين الفرقاء في الساحة الفلسطينية لم تعد أولوية بالنسبة إلى الجانب المصري، معتبرا أن هذا التطور هو الذي يفسر السلوك المصري تجاه حركة حماس خلال الأشهر الماضية.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال موسى: «للأسف الشديد، هناك ارتباط بين الموقف المصري والموقفين الإسرائيلي والأميركي الرافضين بشدة للمصالحة الوطنية الفلسطينية، على اعتبار أن كلا من تل أبيب وواشنطن ترى في أي اتفاق مصالحة مكسبا لحركة حماس، وبالتالي اعترى الفتور الموقف المصري، الذي أخذ يحول حركة حماس إلى عدو بشكل يخالف الواقع».