ردود متباينة على رسالة طهران: كلينتون: الاتفاق مليء بالثغرات.. وكي مون: يهدئ المخاوف

اتصال هاتفي بين ساركوزي وأردوغان * دبلوماسي غربي: غير قابل للتنفيذ تقنيا * لندن: حان وقت الضغط

يوكيا أمانو (إ.ب.أ)
TT

قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن رسالة إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول صفقة تبادل الوقود النووي بوساطة تركيا والبرازيل «مليئة بالثغرات». وصرحت كلينتون للصحافيين بعد يومين من المحادثات الاستراتيجية مع الصين: «ناقشنا بشكل مطول الثغرات في الاقتراح الأخير الذي تقدمت به إيران في رسالتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضافت أن الرسالة تحتوي على «عدد من الثغرات بشكل لا يستجيب لمخاوف المجتمع الدولي».

وفي حين لم تعلق الوكالة الدولية فورا على محتوى الرسالة الإيرانية، أعلن دبلوماسي غربي في الأمم المتحدة أن الاتفاق غير قابل للتنفيذ تقنيا، لأن المهلة المحددة، سنة، لتخصيب اليورانيوم قصيرة جدا. وقال هذا الدبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة الأنباء الفرنسية إن هذا الاتفاق «تقنيا، غير قابل للتنفيذ. يريد الإيرانيون إنتاج الوقود خلال عام ولكن الأمر يتطلب على الأقل سنة ونصف» للتوصل إلى هذا الأمر.

إلا أن أميركا وباقي الدول الغربية لم تغلق باب الحوار تماما، فقد ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة قررت دراسة اقتراح إيران، وأنها تعتزم التشاور مع فرنسا وروسيا بشأن الخطوات التالية في هذا الصدد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية بي ج كراولي ليل أول من أمس: «ليس من الواضح ما إذا كانت الرسالة تقدم، في الحقيقة، شيئا جديدا.. ولكننا ندرسها بدقة وسوف نرد رسميا عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الأيام القليلة المقبلة».

كما أعلنت فرنسا أنها تلقت نسخة من الرسالة الإيرانية. وقال برنار نافارو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحافي: «تلقينا نسخة من الرسالة وسنتباحث مع روسيا والولايات المتحدة» لإعطاء رد منسق.

وقبل ذلك أجرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حول المسألة النووية الإيرانية، كما أعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان. وقال البيان إن «المحادثة تناولت المسألة النووية الإيرانية ومشروع تزويد الوقود النووي لمفاعل الأبحاث في طهران». وأوضح قصر الإليزيه أن هذه المحادثة تأتي في إطار تسلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة من إيران تتعلق بالاتفاق البرازيلي -التركي - الإيراني.

من جهته، أعلن مكتب أردوغان أن رئيس الحكومة التركية حاول إقناع ساركوزي بدعم الاتفاق. وقال أردوغان، بحسب البيان الذي وزعه مكتبه إن «رد مجموعة فيينا حتى الآن مهم للغاية. ننتظر من فرنسا بصفتها عضوا دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي، وعضوا في مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا)، أن تدعم هذا الاتفاق وتطبقه».

وشكر ساركوزي تركيا على جهودها، لكنه أشار إلى أن على إيران أن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، بحسب البيان. وأضاف: «لنبق على اتصال ولنمنح الحوار بعض الوقت».

كما دعت أنقرة باقي الدول الكبرى إلى المساعدة على تطبيق الاتفاق. وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية أنه «في أعقاب هذه الخطوة المهمة التي قامت بها إيران، لدينا ثقة كاملة في أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا التي تشكل مجموعة فيينا، ستقدم كذلك ردا إيجابيا وتستغل قدر الإمكان هذه الفرصة.. حتى يتم تطبيق هذا الترتيب». وقالت الخارجية التركية إنه يجب النظر إلى الاتفاق على أنه «خطوة لبناء الثقة لتحسين الجو النفسي المطلوب لنجاح عملية التفاوض بين مجموعة (5+1) وإيران من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي». وأضافت أن «تركيا مستعدة.. لمواصلة إسهاماتها في الحل السلمي لهذه المسألة». كما سلكت البرازيل النهج نفسه. وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن الرسالة التي بعثت بها إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تثبت التزامها بتطبيق الاتفاق. وقال لولا في مقابلته الإذاعية الأسبوعية: «سيتم الآن تنفيذ كل ما اتفقنا عليه». وأضاف: «بعد الرسالة ستجري محادثات مع الوكالة، وسيتم إرسال اليورانيوم إلى تركيا وبعد ذلك ستكون هناك فترة تتسلم بعدها إيران اليورانيوم المخصب». وأضاف: «من الواضح أن هذه الخطة هي فاتحة لبداية المفاوضات. وبالتالي أعتقد أن إيران قامت بخطوة مهمة».

غير أن رد بريطانيا لم يكن متحمسا؛ إذ قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن الوقت حان لزيادة الضغط على إيران كي تتخلى عن برنامجها النووي. وأضاف كاميرون في كلمة أمام البرلمان: «على مدى الأعوام الستة الماضية اتبعنا سياسة مزدوجة المسار تعرض إقامة اتصالات مع الاستعداد لممارسة الضغط». وأضاف: «أعتقد أن الوقت حان لزيادة هذه الضغوط والإطار الزمني قصير. ولدى الحكومة هدف واضح هو العمل على فرض عقوبات دولية وأوروبية أشد على إيران». وتابع قوله: «هناك مجالات مختلفة يتعين تغطيتها بما في ذلك التمويل التجاري وتجميد الأصول والتحرك ضد البنوك التي لديها أموال تخص النظام الإيراني».

من ناحيته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الاتفاق قد يكون خطوة مهمة على طريق بناء الثقة إذا ما صادقت عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يمهد الطريق لحل الخلاف النووي مع طهران عبر التفاوض. وأكد بان كي مون أن طهران سلمت رسالة إلى الوكالة الذرية في فيينا. ويتعين على الوكالة الذرية ومجلس الأمن الدولي الآن مراجعة الاتفاق.

وصرح بان للصحافيين عقب محادثات مع رئيس الوكالة الذرية يوكيا أمانو بأنه «إذا تم قبول الاتفاق وتطبيقه، فيمكن أن يكون إجراء مهما لبناء الثقة وفح الباب للتوصل إلى حل للمسألة النووية الإيرانية عن طريق التفاوض». وقال إن على إيران أن «تظهر قدرا أكبر من الشفافية بشأن برنامجها النووي»، مؤكدا على «أهمية تعاون إيران التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتزامها الكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وتوقعت مصادر دبلوماسية غربية في تعليق لـ«الشرق الأوسط» أن تتسلم الوكالة ردود فعل مبدئية اليوم من الدول المشاركة في مجموعة فيينا (روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية). وأشارت تلك المصادر إلى أن عواصم هذه الدول الثلاث ظلت على اتصال وثيق سيتواصل من دون انقطاع لدراسة تفاصيل فحوى الخطاب الذي يحمل الرد الإيراني الذي وصفته بأنه «مبهم لا يحمل أية تفاصيل من تلك التي لا تخلو منها في العادة أية رسائل معاملات تهدف لعقد عمل موجز ومحدد بالتركيز على ذكر مواعيد عملية مقبولة بالإضافة لتحديد دور كل طرف ومسؤولياته».

ووسط ردود الفعل المتباينة تلك، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أمس عن سفير إيران في موسكو قوله إن طهران ستعيد النظر في اتفاق مبادلة الوقود إذا اتفقت القوى الكبرى على فرض مزيد من العقوبات عليها. وقال محمود رضا سجادي: «إذا فرضت عقوبات جديدة سيكون واضحا للشعب الإيراني أن مجموعة (5+1) تخفي نوايا شريرة وتسعى من أجل أهداف سياسية. وهذا سيجبرنا على إعادة النظر في اتفاقات طهران».