الضفة الغربية: الحرب الاقتصادية تشتعل وستطال عمال المستوطنات

إسرائيل ترد على مقاطعة بضائعها بخصم 17% من عائدات الضرائب

ابو مازن يستعرض مع الرئيس الفيتنامي حرس الشرف لدى وصوله في زيارة خاصة الى فيتنام، امس (ا ف ب)
TT

لم تضع الحرب التي أعلنتها السلطة الفلسطينية على بضائع المستوطنات في الضفة الغربية أوزارها، بل أخذت تشتعل شيئا فشيئا، وردت إسرائيل مبدئيا على حملة مقاطعة بضائع المستوطنات في الضفة، حسب ما قالت السلطة، بخصم 17% من عائدات السلطة من الضرائب.

وجاء القرار الإسرائيلي استجابة لدعوة من مجلس المستوطنات، قبل 3 أيام، حرض فيها الحكومة على «استخدام الأموال العائدة للسلطة الفلسطينية» التي تجبيها إسرائيل عن البضائع المستوردة للمناطق الفلسطينية، من أجل تعويض المصانع والمعامل المقامة في المستوطنات، لأنها «تعاني من قرار المقاطعة الفلسطيني الأخير».

وعقب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) على القرار الجديد بقوله: «هذا لن يثنينا عن قرارنا».

وخير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول من أمس، السلطة بين السلام أو التناطح، وقال إنه «من غير المقبول أن يشن الفلسطينيون حربا اقتصادية ضدنا في وقت نسعى فيه لتحقيق السلام الاقتصادي وقد جعلنا حياتهم أسهل».

وهدد النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وزير تطوير النقب والجليل سيلفان شالوم، أمس، بفرض عقوبات على السلطة. وقال شالوم خلال زيارة للمركز الجامعي قي مستوطنة أريئيل: «في حال استمرت مقاطعة البضائع، فعلى الحكومة اتخاذ القرارات الصحيحة». وأضاف: «الحكومة تدرس إمكانية تعويض المصانع المتضررة من أموال الضرائب التي تحولها إسرائيل للسلطة»، مقترحا اتخاذ إجراءات عقابية أخرى مثل فرض ضرائب عالية على منتجات الضفة.

ولا يزال مئات من المتطوعين الفلسطينيين المدعومين من السلطة، يجوبون الضفة من بيت لبيت، في حملة توعية لتعزيز مفهوم مقاطعة منتجات المستوطنات، وهو ما زاد من التوتر بين السلطة وإسرائيل التي اعتبرت ذلك جزءا من التحريض الفلسطيني الرسمي. وحتى الآن زار المتطوعون الذين يرتدون قمصانا بيضاء كتب عليها «لا تدخل المستوطنات إلى بيتك» عشرات آلاف المنازل، وسلموا كل أسرة رزمة تتضمن دليلا بأكثر من 500 سلعة تنتج في المستوطنات مرفقة بدعوة لمقاطعتها، وطلب من المواطنين التوقيع على وثيقة الكرامة التي تنص على محاربة المستوطنات وبضائعها.

وقال محمد حبشي أحد مسؤولي الحملة لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا بأغلبية كبيرة تطلب منا إعلان مقاطعة كل البضائع الإسرائيلية وفوجئنا بالبعض يقول لنا إنه لن يقاطع، لكنهم قلة قليلة». وأوضح حبشي أن آلاف المنازل وضعت على أبوابها الملصق الخاص الذي يعلن خلوها من بضائع المستوطنات.

وكان أحد الذين علقوا هذا الملصق ووقعوا وثيقة الكرامة الرئيس الفلسطيني، الذي قال قبل يومين وهو يستقبل حملة مقاطعة منتجات المستوطنات في بيته: «لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نستهلك بضائع منتجة من أراضينا التي بنيت عليها المستوطنات».

وأضاف ردا على اتهامه بالتحريض: «نحن لا نقاطع إسرائيل، لأنه لدينا علاقات واستيراد منها، إنما نقاطع المستوطنات، ونحن أصدرنا مرسوما بمنع هذه المنتجات من دخول الأسواق الفلسطينية، وهناك تأييد لهذه الخطوة من قبل المجتمع الدولي بأكمله».

وطلب عباس تأكيد ضرورة عدم خلط الأمور، قائلا: «نحن لا نحرض ضد إسرائيل، ولا نريد أن نقاطع بضائع تأتي من إسرائيل». ومضى يقول: «نحن نريد أن نعيش مع دولة إسرائيل في أمن واستقرار وكرامة. نحن لنا كرامتنا وهم لهم كرامتهم، ونحن لنا بلدنا المستقل وهم لهم أمنهم». وتكبل «اتفاقية باريس» أيدي السلطة في هذه المسألة، وأعلنت السلطة رسميا أنها تقاطع بضائع المستوطنات فقط وليس البضائع القادمة من داخل إسرائيل، غير أن فلسطينيين قالوا إنهم ذاهبون إلى مقاطعة كل البضائع الإسرائيلية. وقال إياد، 32 عاما ويعمل في الحملة: لـ«الشرق الأوسط»: هم (السلطة) لا يستطيعون إعلان مقاطعة البضائع الإسرائيلية، لكن أنا كمواطن سأقاطعها، وأدعو الناس أيضا لمقاطعتها».

وقالت مها: «أنا أقاطعها منذ فترة ولا أدخلها بيتي ولا أعرف لماذا تذكروا الآن فقط.. إنهم متأخرون كثيرا».

وضربت السلطة بيد من حديد على كل من ظل يتعامل في بضائع المستوطنات من التجار، وخلال أسابيع مضت أحرق رجال الضابطة الجمركية عشرات البضائع في مخازن بالضفة. وفرضت السلطة غرامة مالية على كل تاجر يتعاطى مع منتجات المستوطنات، تصل إلى 15 ألف دولار، إضافة للسجن فترة بين سنتين و5 سنوات. ومع هذه الحملة تضررت مصانع إسرائيلية كثيرة في المستوطنات.

واتهم مجلس المستوطنات، السلطة بتشجيع «الإرهاب الاقتصادي». ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى الامتناع عن لقاء قادة السلطة، كذلك، وعدم السماح للفلسطينيين بالاستيراد أو التصدير عبر الموانئ الإسرائيلية حتى يلغى القرار.

لكن السلطة قالت إنها ماضية في خطتها، وأمهلت العمال الفلسطينيين في المستوطنات حتى نهاية العام لإيجاد بدائل. وقد تذهب نحو سن قانون يجرم ذلك، وتدرس خططا جديدة لاستيعاب هؤلاء في مشروعات اقتصادية تنفذ في الضفة.

لكن على الرغم من هذه «الباردة»، فإن العلاقات في مناحي أخرى خاصة الأمنية تبدو في أحسن حال، ومثلا، بلغ التعاون الشرطي أوجه عندما قام العشرات من عناصر الشرطة الفلسطينية بجولة مشتركة مع الشرطة الإسرائيلية في منطقة تل أبيب، وذلك بهدف تشجيع نموذج «الشرطة الجماهيرية» في السلطة. وعلم أن هذا المشروع (الشرطة الجماهيرية) جاء بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وقال المفتتش هنريك مالمكويست، رئيس بعثة الشرطة الأوروبية: «من الضروري للرأي العام الإسرائيلي والدولي تفهم مدى التقدم الذي تحقق لقوات الأمن الفلسطينية، وعلى وجه التحديد للشرطة المدنية». وقدم الاتحاد الأوروبي منذ مؤتمر برلين في يونيو (حزيران) 2008، ما يزيد على 35 مليون يورو في مشروعات للشرطة المدنية ولقطاع العدل الفلسطيني.