مقبرة النجف شاهد على التاريخ المأساوي للعراق واتسعت بنسبة 40% منذ 2003

عدد الجثث التي تصل إليها تراجع من 250 يوميا إلى أقل من 100

عراقي يمر وسط مقبرة وادي السلام في مدينة النجف (أ.ب)
TT

لا يوجد مكان على وجه الأرض مقدس بالنسبة للشيعة ليدفنوا فيه موتاهم أكثر من النجف حيث ضريح الإمام علي. وجميع الكوارث الطبيعية والحروب والمآسي التي وقعت في العراق محفورة على الشواهد التي يزدحم بها كل قدم مربع من مقبرتها التي تسمى «وادي السلام».

وتشغل أحداث العنف التي اجتاحت العراق منذ عام 2003 مساحة ضخمة من المقبرة، مما زاد من حجمها بمقدار 40 في المائة لتصل إلى نحو 3 أميال مربعة (7.5 كيلومتر مربع) - وهي 3 أضعاف مساحة مقبرة أرلينغتون الوطنية الأميركية - وفقا لما ذكره إحسان حميد شريف، المسؤول عن استلام الجثث.

لكن وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» وفي مقياس لعودة البلاد إلى الاستقرار بصورة تدريجية، يقول العاملون في المقابر إن توافد الجثث على المقبرة قد انخفض وتباطأت وتيرته في السنوات الأخيرة. وقال نجاح أبو سيبة، المتحدر من عائلة عملت على مدار 3 قرون من الزمان في حفر القبور، «اعتدنا على تلقي من 200 إلى 250 جثة في اليوم، والآن يقل هذا العدد بنحو 100 جثة. واعتدنا على العمل 24 ساعة في اليوم».

ويقول أبو محمد السوداني، إنه الآن لديه الوقت لمحاولة تنظيم القطاع الذي يديره من المقابر، وهو ركن يسمى «حديقة الشهداء» المخصصة للمتوفين من أعضاء ميليشيات جيش المهدي الموالين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. إنهم يرقدون في مقابر مزخرفة ومشرقة، ومزينة بالزهور البلاستيكية والصور الكبيرة للشباب الذين يرتدون ملابس سوداء وملفوف حول وسطهم في كثير من الأحيان أحزمة من المتفجرات.

ونمت مساحة هذا القطاع بصورة سنوية منذ عام 2004، ويرجع ذلك إلى الجثث المتوافدة من الاشتباكات مع القوات الأميركية، ثم الحروب الطائفية بين عامي 2006 و2007 عندما كان يقاتل الشيعة والسنة بعضهم بعضا بمعدلات خطيرة، ومؤخرا المعارك التي وقعت عام 2008 مع الجيش العراقي. وعلى الرغم من ذلك، تباطأ ذلك النمو في السنوات الأخيرة.

وقال السوداني «في الماضي، لم يكن لدينا وقت لتنظيم المقابر». لكنهم الآن في ظل توافر الوقت يريدون توحيد شكل المقابر ووضع صور للشهداء على كل مقبرة.

وأصبحت هذه المقابر قديمة وتقترب في الشكل من ضريح الإمام علي والمدينة القديمة التي تحيط به، حيث يدفن على جانب منها الذين سقطوا في الحرب بين العراق وإيران، وهو الصراع الضخم الذي أسفر عن مقتل نحو مليون شخص. وفي ذلك الوقت، كان النمط هو مقبرة بارتفاع 3 أقدام (متر واحد) من الطوب، مع صورة أبيض وأسود للموتى يحيط بها قفص مزخرف. إنهم في كل مكان في هذا القطاع، الذي يتخلله مقابر حديثة لأعضاء آخرين في الأسرة. وفي مقبرة واحدة، يوجد 3 أشقاء في نفس الصورة. لقد ماتوا جميعا عام 1981.

وقال حفار المقابر أبو سيبة إنه من المستحيل تقدير عدد الجثث المدفونة هنا، ربما عشرات الملايين، حيث إن كل قبر بني فوق آخر أقدم منه.