أميركا تواجه مشكلات في التحول من الجهد العسكري إلى الدبلوماسي في العراق

العسكريون يشكون في أهلية المدنيين.. والدبلوماسيون يردون: مخاوف لا أساس لها

TT

شعر الدبلوماسيون الأميركيون في العراق لفترة طويلة بأنهم متأثرون بنظرائهم العسكريين، وهم القادة العسكريون الذين سيطروا على ميزانية كبيرة وأشرفوا على رقعة ضخمة. قال كاميرون مونتر، الشخصية الثانية في السفارة، في مقابلة أجريت معه مؤخرا: «إننا هنا في أكبر سفارة في تاريخ العالم، وفي كل صباح أتعامل فيه مع الجيش، أشعر إلى أي مدى نحن صغار».

ومع ذلك يبدأ توازن القوى الآن في التحول.

ومع اقتراب نهاية المهمة العسكرية للولايات المتحدة في العراق، التي استمرت سبع سنوات، يعيد الدبلوماسيون الأميركيون تعريف النفوذ الأميركي في بلد استخدم فيه القادة العسكريون على مدار سنوات القوة النارية ومليارات الدولارات ونهجا قائما على المشاركة الفعالة لإعادة رسم نطاقات السلطة. وفي الوقت الذي تتقلص فيه رقعة الجيش، تمارس السفارة سياسة حزم جديدة في واحدة من العلاقات الثنائية الأكثر تعقيدا والمحفوفة بالمخاطر لأميركا.

ويتردد كثير من القادة العسكريين الأميركيين في تسليم مقاليد الأمور للمدنيين في تحول سياسي ينظرون إليه على أنه فترة حاسمة للنجاح أو الإخفاق في العراق. فهم ينظرون إلى نظرائهم المدنيين على أنهم ينفرون من المخاطر بصورة كبيرة ويترددون بصورة مفرطة في التدخل في الشؤون العراقية.

وقال مسؤول عسكري أميركي بارز، طلب عدم ذكر اسمه لأنه يبدي مخاوف بشأن استعداد وزارة الخارجية الأميركية لأن تصبح اللاعب الأساسي: «العراق على طريق إيجابي منزلق للغاية. بيد أن ذلك ليس شيئا يسهل القيام به. لا يمكننك السير بعيدا عن هنا وتعتقد أن كل شيء سيسير على ما يرام».

ويقول الدبلوماسيون الأميركيون إن مخاوف العسكريين لا أساس لها من الصحة، ويقولون إنهم في وضع أفضل للبناء على المكاسب الأمنية التي ساعد الجيش على تحقيقها. وقال مونتر إن المسؤولين الأميركيين سيواصلون محاولة التأثير على الحكومة العراقية، لكن لن يطمحوا في السيطرة عليها مرة أخرى. وقال إن الدبلوماسيين يواجهون حالة من الفوضى والأوضاع الغامضة، في حين أن القادة العسكريين يميلون بصورة أكبر إلى محاولة تأكيد السيطرة على الأوضاع غير المكتملة. وقال: «كل من يعتقد أن ذلك هو عام 2006 فإنه يسلك الطريق الخاطئ للخروج»، مشيرا إلى حقبة كانت فيها الولايات المتحدة هي الحكم الرئيسي والسلطة الوحيدة في العراق.

ويصف كبار القادة العسكريين والدبلوماسيين هذا الانتقال بأنه صعب، وإن كان وديا، مشيرين إلى أن أهدافهم واحدة في المقام الأول. وعلى الجانب الآخر يتفق كلا المعسكرين على أن التحديات هائلة.

وفي العام الماضي، أعد فريق من الدبلوماسيين والقادة العسكريين قائمة بأكثر من 1200 مبادرة ومشروع، سيتعين على الجيش تمريرها إلى السفارة أو الحكومة العراقية أو إنهائها.

وتتراوح هذه المهام بين مهام واسعة النطاق، مثل تعزيز المصالحة ودعم سيادة القانون في العراق، ومشروعات صغيرة، مثل إجراء ورش عمل تدريبية. وقال مونتر إن ما يقدر بنحو 80 في المائة من المشروعات سيتم تسليمها للعراقيين.

وقد برزت بالفعل العقبات التي تواجه عملية الانتقال. فالمأزق السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق في السابع من شهر مارس (آذار) الماضي أدى إلى تعقيد التخطيط، لأنه يتحتم على المسؤولين الأميركيين الانتظار حتى يتم تشكيل حكومة جديدة قبل التحدث مع الوزارات العراقية بشأن تولي مسؤولية معظم البرامج.

وعلاوة على ذلك، توجد مخاوف بشأن مصير بعض المشروعات الأساسية. فعلى سبيل المثال، لم يفتتح العراقيون بعد مستشفى ابن سينا من جديد، وهو المستشفى الحديث الذي سلمه لهم الجيش الأميركي في خريف عام 2009 ويحتوي على معدات قيمتها ملايين الدولارات. وتعرضت المنشآت الأخرى التي سلمها الجيش للعراقيين، بما في ذلك قواعد عسكرية، للسلب والنهب بعد ساعات من رحيل الجيش عنها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»