«لبنانيو إسرائيل» يصل عددهم إلى 6500.. وتل أبيب «رمتهم كالقمامة»

حزب الله لـ«الشرق الأوسط»: نرفض ما يحكى عن عفو عام.. والعميل يجب أن يحاكم

TT

وفاء (70 عاما)، من منطقة القليعة الحدودية، والدة تعتبر أنّها فقدت ولدها الذي كان ينتمي لميليشيا جيش لبنان الجنوبي منذ 10 أعوام، بعد أن هرب إلى إسرائيل خوفا من ردود الفعل تجاهه بعد تحرير الجنوب. هي لا تتوقع أن تراه مجددا على أرض الوطن، كما أنها لا تشجعه على العودة. وتقول «أصبح لديه عائلة هناك، ومع أنه يرغب في العودة فأنا لا أشجعه أبدا، فالظروف غير مواتية ولن تكون كذلك، فالحقد دفين في نفوس البعض».

بالكثير من الحذر والتأني تعود قضية «اللبنانيين المنفيين إلى إسرائيل» لتطرح وبخجل كل عام تزامنا مع ذكرى تحرير الجنوب، فيما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن في إسرائيل حاليا نحو 2700 عنصر من «جيش لبنان الجنوبي»، من أصل نحو 6500 هربوا إلى الدولة العبرية بعد انسحابها من جنوب لبنان عام 2000. وأشارت إلى أن «الكثيرين غادروا إلى أوروبا بينما فضل آخرون الرجوع إلى لبنان والمثول أمام القضاء».

ونقلت قناة إسرائيل الثانية عن نصيف حداد، الذي كان يعمل مضمدا لجنود الجيش الإسرائيلي، أنه «كان يملك بيتا كبيرا في لبنان، إضافة إلى أراض، إلا أنه الآن يعيش هو وزوجته وأربعة من أولاده في شقة لا تزيد مساحتها على 60 مترا مربعا فقط»، وأضاف «إسرائيل ألقتهم في سلة القمامة». وأشار إلى أن «إسرائيل لم تعطه أي شيء سوى بطاقة هوية تفيد بأنه جندي في جيش لحد، من دون أن تكون لهذه البطاقة أي امتيازات». وقال «الجيش الإسرائيلي اخبرنا بأنه سيضمن إرجاع كل ممتلكاتنا المنقولة، إلا أنه لم يفعل، مما جعلنا نبدو كأغبياء».

حزب الله المعني الأساسي في الموضوع لا يمانع من الحديث عن هذا الملف، فهو لديه مسلمات بهذا الصدد لن يحيد عنها على الرغم من توافقه والتيار الوطني الحر في وثيقة التفاهم التي وقعت بين الطرفين في عام 2006 وكانت أساس تحالفهما الوطيد الآن، وهي تنص في البند السادس على الآتي «انطلاقا من قناعتنا بأن وجود أي لبناني على أرضه هو أفضل من رؤيته على أرض العدو فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل يتطلب عملا حثيثا من أجل عودتهم إلى وطنهم، آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع. لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة إلى وطنهم».

من هنا ينطلق نائب كتلة «الوفاء للمقاومة» نوار الساحلي ليقول «هم هربوا خوفا من ردود فعل المقاومة.. هذه المقاومة التي لم تقابلهم بأي تحرك سلبي. سُلم من بقي على الأراضي اللبنانية للدولة وللقضاء، وهكذا سيكون الحال مع من سيعود». ويلفت الساحلي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأحكام التي صدرت بحق بعض من عادوا وسلموا أنفسهم «أكثر من متساهلة»، مشددا على أن «الحزب لا يطالب بمحاكمة النساء والأطفال، إنما الرجال الذين ارتكبوا ما يستحقون أن يحاكموا عليه، فدخول أراضي العدو مثلا يستوجب أحكاما بسيطة جدا.. كل ما نطلبه تطبيق العدالة لا أكثر».

وإذ يرفض الساحلي رفضا قاطعا ما يحكى عن قانون عفو عام لهؤلاء يقول «لا بلد في العالم يقبل بأن يعفو عن عميل.. فالعميل لا وطن ولا دين ولا أرض له.. لذلك العملاء يجب أن يتم الاقتصاص منهم، فيما يبرئ القضاء اللبناني من ظلموا واضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل»، لافتا إلى أن الملف يجب أن يدرس بالكثير من التأني خاصة أن الأراضي اللبنانية مليئة اليوم بالعملاء.

حزب الكتائب من جهته يمتلك رؤية مختلفة للملف، فالنائب عنه سامي الجميل يعتبر أن «الفرحة ستظل منقوصة في عيد التحرير، ولن تكتمل إلا بعودة اللبنانيين المبعدين إلى إسرائيل من دون قيد أو شرط». ويشير مستشار رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ساسين ساسين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الملف له أولوية لدى الحزب، معتبرا أن خطاب قسم رئيس الجمهورية ميشال سليمان أكبر داعم لهذه القضية. ويقول «كان قد سبق لنا أن أعددنا مشروع قانون طالبنا فيه بمعالجة وضع هؤلاء اللبنانيين الذين اضطروا قسرا للجوء إلى إسرائيل، وقد كان الوزير الراحل بيار الجميل الممسك به، وبعد استشهاده دخلنا في دوامة أمنية وسياسية لم نخرج منها بعد».

عضو تكتل التغيير والإصلاح (الذي يرأسه عون) غسان مخيبر يرى من ناحيته أن «هذا الملف يتدرج في جديته وحيازته على مستوى عال من التوافق السياسي المبدئي، فهو انتقل من موقف العماد عون من المجلس النيابي في عام 2005 إلى كونه بندا أساسيا في وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، ومن ثم شكل نقطة أساسية في خطاب القسم الرئاسي وصولا لإدراجه بندا واضحا في بيان الحكومة الحالية».