لبناني يروي وقائع نقله إلى تل أبيب و«تجنيده للتجسس لصالح الموساد»

طيار حربي في منظمة التحرير ينفي عمالته لإسرائيل

TT

على مدى ساعة ونصف الساعة استجوبت المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان الموقوف أسامة محمد بري المتهم بالتجسس لصالح الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) وتزويدها بمعلومات وفرت للعدو وسائل العدوان على لبنان، وقد اعترف الموقوف أنه اضطر مرغما إلى التواصل مع الإسرائيليين تحت التأثير النفسي والعصبي الذي يمارسونه عليه وتهديده بإلحاق الأذى بعائلته وأولاده إذا رفض الامتثال إلى طلباتهم. وأفاد بري في معرض استجوابه «لقد تعرضت لخديعة من صديق قديم لي هو المتهم الفار من العدالة اللبناني طوني عتمة الذي اتصل بي في عام 2006 من قبرص وطلب مني المجيء إليه للبحث في مشروع تجاري مشترك وهو إنشاء محطة للإنترنت في بلدتي تبنين وتوزيع خدمة الإنترنت على المشتركين، فوافقت على العرض وسافرت إلى قبرص في الثاني عشر من يوليو (تموز)، ولدى وصولي إلى هناك سمعت بنبأ أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين، لكني لم أجد طوني عتمة الذي انتظرته في الفندق، وفي اليوم التالي حضر شخصان أبلغاني أنهما من قبل طوني وسيرافقانني إلى مكان إقامته، وفي الطريق وبينما كنا في التاكسي قدما لي سيجارة وحبة حلوى، وما إن أخذتهما بدأت أشعر بدوران في رأسي وفقدت تركيزي ولاحظت بعد قليل أننا وصلنا إلى المطار، وهناك أصعداني في طائرة كانت تشغل محركاتها فأقلعت على الفور وبعد وقت قصير حطت الطائرة في مطار أجهل مكانه لأن الوقت قارب منتصف الليل، وما إن نزلنا جرى نقلي إلى فندق ونمت فورا لأني كنت متعبا للغاية، وصبيحة اليوم التالي نظرت إلى المباني المحيطة فأيقنت من الكتابات الموجودة عليها باللغة العبرية أني في إسرائيل من دون أن أعرف سبب المجيء بي إلى هناك».

أضاف المتهم «بعد قليل حضر الشخصان ذاتهما وعندما سألتهما أين أنا؟ قالا لي أنت في بلدك في تل أبيب، وقد أحضرناك إلى هنا بطلب من صديقك طوني عتمة، بعدها أخرج أحدهما حافظة معلومات (يو. إس. بي) ووضعها في جهاز كومبيوتر وراح يعرض علي صورا جوية لبلدتي تبنين ولمنزلي، وقال لي نحن نراقبك جيدا، وأعطياني معلومات دقيقة عن تحركاتي وأعمار أولادي وساعة ذهابهم إلى المدرسة وعودتهم منها، وفي اليوم التالي أخذني الشخصان اللذان لا أعرف اسميهما ولا صفتيهما في جولة سياحية في مدينة القدس وأدخلاني المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وغيرهما من الأماكن السياحية، وخلال الجولة طلبا مني معلومات عن مخازن أسلحة لحزب الله وبعض الأماكن في الجنوب، حينذاك أيقنت أن طوني عتمة أوقعني في مصيبة، وكنت أساير الإسرائيليين وأبدي تجاوبا معهم لأني كنت شبه أسير، وبعد 3 أيام عدت إلى قبرص ومنها سافرت فورا إلى دمشق، لأن مطار بيروت كان تعرض حينها للقصف الإسرائيلي وأقفل، ثم انتقلت برا إلى لبنان وقصدت بلدتي تبنين تحت القصف ونقلت عائلتي وأولادي إلى بيروت، وخلال تلك الحرب دمر منزلي».

وردا على سؤال المحكمة عن عدم إبلاغ السلطات اللبنانية بما حصل معه إذا كان فعلا تعرض لخديعة، أوضح بري أن همه الوحيد كان في ذلك الوقت إنقاذ أسرته من زلزال الحرب، وقال «بعد الحرب فكرت أن أخبر شخصين بما حصل معي، الأول شقيقي الأكبر لكنه كان مسافرا ويعيش في الخارج، والثاني هو أستاذي ومعلمي الرئيس (مجلس النواب) نبيه بري لكني لم أتمكن من مقابلته»، وأكد أن «الاتصالات بيني وبين طوني عتمة بقيت مستمرة بعد حرب تموز، وأن الأخير أعطاني مرة مبلغ 1500 دولار بدل مصاريف سفري إلى قبرص، ومرة مبلغ 2000 دولار كمكافأة لأني خلال تحرير الجنوب عام 2000 أحضرت والدته إلى منزلي لأنه كان يخاف أن ينتقم الشيعة من المسيحيين الموجودين داخل الشريط الحدودي»، وعما إذا كانت لديه مآخذ على مسؤولين في حزب الله، أكد «وجود جفاء بينه وبين البعض منهم لأنه بعد حرب تموز أعطوني مبلغا زهيدا كتعويض عن تدمير منزلي بينما أعطوا غيري مبالغ طائلة». وعن سبب اختيار الإسرائيليين له دون سواه ليتعامل معهم، قال «أعتقد أنهم اختاروني لأني من بلدة تبنين وابن عائلة معروفة ولي علاقة قرابة بالرئيس نبيه بري، وظنوا أني أستطيع مساعدتهم في تقديم المعلومات التي يطلبونها مني، لكن ذلك لم يحصل إطلاقا».

إلى ذلك مثل الموقوف اللبناني زياد السعدي أمام هيئة المحكمة العسكرية التي استجوبته في تهمة التجسس لصالح الموساد الإسرائيلي وتزويده بمعلومات سرية وإحداثيات عن مواقع عسكرية وشخصيات سياسية وحزبية لبنانية. فنفى المتهم كل ما أسند إليه، وقال «أنا كنت طيارا حربيا في منظمة التحرير الفلسطينية وشاركت كفدائي في كل الحروب التي خاضها العرب ضد إسرائيل منذ عام 1961، وتعرضت لمحاولات اغتيال متعددة من قبل الموساد الإسرائيلي، فهل يعقل بعد كل هذا التاريخ النضالي أن أتحول إلى عميل؟ أنا أفضل الانتحار على أن أصبح عميلا».