الأزمة الكورية: الشمال يلغي اتفاقات عسكرية.. والجنوب يباشر تدريبات حدودية

الصين توفد وزير خارجيتها الى سيول.. وموسكو تريد رؤية «أدلة دامغة» ضد بيونغ يانغ

TT

أعلنت كوريا الشمالية أمس عزمها إلغاء اتفاقات عسكرية كانت وقعتها مع كوريا الجنوبية، في خطوة يعتقد أنها ستمهد لإغلاق منطقة صناعية مشتركة، وذلك بعد أن أجرت سيول تدريبات مضادة للغواصات في منطقة بحرية يخيم عليها التوتر على الحدود بين البلدين. كما ظهرت مؤشرات على أن الصين الحليف الرئيسي للشمال تراجع علاقاتها مع الدولة التي تعيش في عزلة، بعد أسبوع من اتهام محققين دوليين لبيونغ يانغ بإغراق سفينة حربية كورية جنوبية بعد قصفها بطوربيد في 26 مارس (آذار) الماضي. وأسفر الحادث عن مقتل 46 بحارا كوريا جنوبيا وأثار توترات شديدة في شرق آسيا.

وفي آخر تصعيد للحرب الكلامية المستعرة بين الكوريتين، اتهمت بيونغ يانغ، سيول بطرح علاقات نامية عمرها عشر سنوات أرضا. وقالت إنها ستلغي اتفاقيات بين جيشي البلدين كانت تضمن سلامة التجارة عبر الحدود. وأكد الجيش الكوري الشمالي في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية «سنرفع كل الإجراءات الأمنية التي يفترض أن يضمنها جيشنا في إطار التعاون والمبادلات بين الكوريتين». وقال الشمال أيضا إنه لم يعد يضمن أمن الكوريين الجنوبيين المتوجهين إلى الشمال، ويفكر في منع الوصول إلى مجمع كايسونغ الصناعي الذي تموله سيول ويقع شمال الحدود.

وقد يعني هذا بداية النهاية لمشروع كايسونغ الصناعي، حيث تستخدم أكثر من 100 شركة كورية جنوبية العمالة المحلية الرخيصة والأماكن رخيصة الإيجارات في إنتاج سلع استهلاكية، وكان المشروع من بين المصادر الشرعية القليلة التي تدر دخلا للشمال يقدر بعشرات الملايين من الدولارات سنويا.

وهددت كوريا الشمالية بإغلاق الطريق البري الأخير الذي يربطها بالجنوب إذا استأنفت سيول بث رسائل دعائية عبر مكبرات الصوت في المنطقة الحدودية المدججة بالسلاح. وحذرت أيضا من حرب إذا مضت سيول قدما في فرض العقوبات التي أعلنتها هذا الأسبوع.

وتهدف التدريبات إلى تحسين رصد عمليات توغل الغواصات الكورية الشمالية بعد إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية «تشيونان». ومن المرجح أن تؤدي التدريبات، التي تأتي أيضا بعد رفع مستوى التأهب للقوات المسلحة الكورية الجنوبية، إلى زيادة غضب بيونغ يانغ التي قطعت بالفعل معظم الروابط مع سيول بعد أن أعلنت عقوبات ضدها بسبب إغراق «تشيونان».

وهذه الأزمة الجديدة بين الدولتين الشقيقتين المتعاديتين والمنفصلتين منذ انتهاء الحرب الكورية (1950 - 1953)، نشبت بعد نشر نتائج تحقيق دولي الأسبوع الماضي يشير بإصبع الاتهام إلى كوريا الشمالية مباشرة.

وقدمت واشنطن دعمها لسيول التي تنوي الطلب من مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، معتبرة أن الصين وروسيا المتحفظتين حتى الآن، لا يمكنهما في ضوء التحقيق الدولي إنكار الوقائع.

إلا أن الدبلوماسية الروسية رأت أمس أن الملف الذي يشير إلى اتهام كوريا الشمالية لا يمكن تسليمه إلى مجلس الأمن الدولي من دون «أدلة دامغة بنسبة مائة في المائة». كما أعلنت موسكو إرسال فريق من الخبراء الروس إلى كوريا الجنوبية للبحث في نتائج التحقيق. وسيصل وزير الخارجية الصيني وين جياباو اليوم إلى سيول. وقال دبلوماسي كان يرافق وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس في سيول إن هذه الزيارة يمكن أن تشكل بداية اقتراب بكين من الموقف الكوري الجنوبي.

في غضون ذلك، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أمس، أن وفدا من الأمم المتحدة يزور كوريا الشمالية للتحقق من كيفية استخدام مساعدات الصناديق الطارئة للأمم المتحدة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، إليزابيث بيرز، قولها إن مهمة العمل للأمم المتحدة وصلت إلى كوريا الشمالية «لتفهم بشكل أفضل كيفية استخدام الأموال التي يقدمها الصندوق المركزي للتدخل الطارئ التابع للأمم المتحدة». وأضافت أن «هذه المهمة التي تستمر أسبوعا هي الأولى» للصندوق المركزي في كوريا الشمالية، موضحة أن هذا النوع من الزيارات مألوف في البلدان التي تستفيد من مساعدة هذا الصندوق الذي يحرص على «إطلاع الدول المانحة على نشاطه».

وحصلت كوريا الشمالية منذ بداية السنة على ثمانية ملايين دولار من الصندوق المركزي للتدخل لمشاريع في البلاد، في مقابل 19 مليون دولار في 2009. وسيرى الخبراء أيضا ما إذا كانت هناك «إمكانية لزيادة دعم الأمم المتحدة لكوريا الشمالية لمساعدة الذين يحتاجون إلى مساعدة»، كما قالت المتحدثة. وسيلتقون مسؤولين محليين ومسؤولي وكالات الأمم المتحدة في البلاد، ومنهم مسؤولو برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية.

وزيارات الأمم المتحدة إلى البلدان الشيوعية نادرة لكنها باتت مألوفة على ما يبدو منذ بداية هذه السنة، وتحمل على الاعتقاد كما يقول مصدر قريب من الأمم المتحدة بوجود رغبة في الانفتاح على السلطات الكورية الشمالية.