المستشار محمود الخضيري لـ «الشرق الأوسط»: نراهن على الضغط الشعبي من أجل تعديل الدستور

قيادي بارز بجمعية البرادعي للتغيير يستبعد فوز أي مرشح مستقل في انتخابات الرئاسة القادمة

المستشار محمود الخضيري رئيس حركة «مصريون من أجل انتخابات حرة ونزيهة» (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

استبعد المستشار محمود الخضيري، أحد قادة تيار استقلال القضاء في مصر، فوز أي مرشح مستقل يخوض انتخابات الرئاسة في البلاد المقرر لها عام 2011، معربا عن اعتقاده بأن الانتخابات النيابية التي تشهدها مصر هذا العام والانتخابات الرئاسية العام المقبل سوف تتعرض للتزوير. وقال الخضيري في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة إن الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية سيفقد مصداقيته تماما إذا رشح نفسه للرئاسة تحت مظله أي حزب من أحزاب المعارضة، وسوف يهزم.

وقال الخضيري، وهو قيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، التي أسسها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن العقوبات التي تطبق في الجرائم الجنائية ليس من شأنها وحدها القضاء على الجرائم، لأنها مثل المرض الذي لا يجدي علاجه بالمسكنات، لكن لا بد من معرفة السبب وعلاجه. وأكد الخضيري الذي فجرت استقالته من القضاء جدلا كبيرا، أن الانتخابات القادمة ستكون الأسوأ في تاريخ مصر ما دامت تتم دون إشراف قضائي كامل وفي ظل حالة الطوارئ القائمة.

* كيف تري الانتخابات البرلمانية المصرية القادمة في ظل إلغاء الإشراف القضائي؟

- الانتخابات القادمة لو حدثت في ظل الظروف الحالية، أي في ظل قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية والهيمنة الكاملة للسلطة التنفيذية، ستكون أسوأ انتخابات تشهدها مصر، وسوف تسفر عن مجلس (نيابي) لم ترَ مصر مثله إطلاقا، سواء كان مجلس الشورى أو مجلس الشعب.. أما الانتخابات الرئاسية فإن استمرت المادة 76 كما هي فلن يكون هناك مرشح إلا الرئيس إذا ترشح، أو ابنه، أما الباقون (فسيكونون) عبارة عن «محلل» ديكوري لكي ينطبق عليها وصف الانتخابات وتأخذ صفة الشرعية، لأن الانتخابات لا بد أن يكون فيها أكثر من مرشح. وأكبر دليل على ذلك الانتخابات الرئاسية الماضية التي كان فيها أكثر من مرشح، ومن نافسوا «مبارك» لم يكن لهم أي تأثير.. أنا أربأ بأي إنسان، مهما كان، عن أن يرشح نفسه في ظل المادة 76 لأنه سوف يُهزم، ويقال إنه ترشح من أجل (الحصول على) الدعم المادي.

* هل تعتقد أن هذا سينطبق على الدكتور محمد البرادعي في حال ترشحه للرئاسة؟

- البرادعي لو رشح نفسه تحت مظله أي حزب سيفقد مصداقيته تماما، وسوف يُهزم، وحتى من يشجعونه من تيار التغيير لن يعطوه أصواتهم لأنه بذلك يكون قد تخلى عن مبادئه في طريق سعيه للرئاسة بأي شكل، وهذا شيء لا أعتقد أنه يفكر فيه، أما لو تم تعديل المادة 76 وفق انتخابات حرة ونزيهة فستكون في مصلحة الجميع.

* هل هذا يعني أنك تعتقد أن الانتخابات الرئاسية القادمة سيشوبها تزوير؟

- النظام سيزور الانتخابات الرئاسية 100%، وكذا انتخابات مجلس الشعب وأيضا انتخابات مجلس الشورى. وأنا أتعجب عندما أسمع الرئيس مبارك يقول إن الانتخابات القادمة ستكون حرة ونزيهة.. معنى هذا أن الانتخابات الماضية لم تكن حرة أو نزيهة. وأساله: ما معيار النزاهة؟ هل معيارها أن تمنعني من دخول اللجان ويتم تزويرها وتقول إنها حرة ونزيهة؟

* وهل تتوقع أن يتم تعديل الدستور المصري؟

- أتوقع تعديله تحت الضغط الشعبي. والمصريون عليهم أن يعرفوا أن الحاكم لن يغير سياسته من أجل التجمعات البسيطة التي نراها الآن، وجمال مبارك أعلنها من قبل عندما قال: «هل نعدل الدستور من أجل مقال كُتب في صحيفة؟». أنا لو مكانه لن أعدل الدستور من أجل جماعة صغيرة، لكن يجب أن نرى مجموعة كبيرة.. أغلبية تقف وتطالب بتعديل الدستور، وللأسف الشعب المصري يملك الرغبة ولكن لا يملك الإمكانيات، علاوة على الخوف.

* لماذا تخشى الحكومة المصرية المظاهرات؟

- أذكر ما حدث يوم 3 مايو (أيار) 2010 في ميدان التحرير. أعداد قليلة من المتظاهرين، لكن وجدنا قوات الشرطة بقضها وقضيضها تجمعت حولنا وكأننا في معركة. وقتها تساءلت لو أن الحزب الوطني ترك الناس في الشارع وترك الشرطة لحفظ الأمن لا لحصار المتظاهرين والمنع والضرب.. سنجد الشعب كله في الشارع، لكن عندما تكون المظاهرة سلمية ويحيطها النظام بهذا الكم الهائل من القوات ويمنع الدخول والخروج يكون هذا النظام خائفا، بالإضافة إلى أن هناك تناقضات في الحزب الحاكم. فكيف يقول إنه حزب أغلبية ويقوم بتزوير الانتخابات؟

* ما رأيك في تعامل الحكومة مع الإضرابات العمالية طيلة شهرين أمام مجلس الشعب؟

- الحكومة من الصعب عليها أن تستجيب لأي مطلب شعبي. وصمتها له معنيان، الأول: أنها مقتنعة أن العمال على حق، وأن الضغط عليهم أكثر ومنعهم من الإضراب قد يؤثر على الحالة الأمنية. والثاني: إحساس الحكومة بأنها مخطئة، ولكن الفترة القادمة لا بد أن تشهد شيئا من الإصلاح وإلا فإن الأمور سوف تتفاقم. وأعتقد أن هناك غليانا ولكن غير ظاهر وقد ينفجر في أي لحظة، وليس من مصلحة أحد أن يحدث انفجار.

* هل ترى أن الحراك في الشارع المصري قادر على إحداث التغيير؟

- أرى أن هناك حراكا في الشارع المصري ولكن هذا الحراك مفرق، لا توجد مؤسسة تجمعه أو فكرة توحده. ولو وجدت الفكرة فإن الشعب كله سوف يخرج، فالمصري لو أتيحت له الفرصة سواء بالإضرابات أو المظاهرات أو الاعتصامات فإنه سيُغيِّر، ولكن المظاهرات التي تحدث في مصر حاليا مظاهرات مصلحة تبحث إما عن تعديل الأجور وإما الترقيات وإما الكادر (زيادة الأجر)، وفضلا عن هذا كله لو تحققت الديمقراطية فإن كل مطالب الشعب المصري سوف تتحقق، وقتها سنجد حكومة تعمل من أجل مصلحة الشعب لا مصلحتها، وسنملك قدرة محاكمة الحكومة إذا فشلت في مهمتها، مثلنا مثل أي بلد ديمقراطي. وأتذكر ما حدث في عام 1967، كنا أضحوكة العالم في الهزيمة، ورغم ذلك تمسكنا بالحكام.

* قلت من قبل إنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، لماذا قلت هذه العبارة؟

- هذا ليس كلامي وإنما كلام الرؤساء الذين قالوه لمنع الأحزاب الدينية، والذي من المفروض أن يتم به منع الأحزاب من العمل بالسياسة بصفة عامة، لا من السياسة التي تغضب الحزب الوطني المصري، فلا يصح أن يقول البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية المصرية وبطريرك الكرازة المرقصية إنه يؤيد الرئيس حسني مبارك وابنه جمال مبارك. وعندما يرفض الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ترك موقعه في الحزب الوطني إلا بإذن من الرئيس مبارك، ولنفترض أن شيخ الأزهر انضم إلى الإخوان المسلمين، هل كان الرئيس مبارك سيعزله ويقول له لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة؟ فالرئيس مبارك اختار شيخ الأزهر وهو عضو في حزبه، وكان يعمل بالسياسة وقت أن اختاره، وظل فيه إلى أن استقال. نحن لا نقول هذه العبارة إلا إذا كانت السياسة ضد الحكومة.. فلو أن هناك قاضيا انضم إلى الحزب الحاكم المصري لا أحد يذكره في شيء، أما إذا انتمى إلى حزب معارض فيعتبرونه يعمل بالسياسة. لا بد أن يكون هناك مبدأ واحد، وهو أن عبارة «لا سياسة في الدين» تطبق على كل الأحزاب سواء حزب الحكومة أو الأحزاب المعارضة.

* ما الجدوى من الاستقالة التي تقدمت بها من عملك القضائي؟

- أعتقد أن استقالتي كانت خدمة للقضاء المصري لكي أوضح للجميع ما يعانيه القضاء، فاستقالتي كانت صرخة في وجه الحكومة لكي تحاول أن ترفع من شأن القضاة وتيسر القضاء للمتقاضين. يوجد إخلال بمعايير توزيع القضايا. كون الحكومة تختار قاضيا على خلاف القواعد التي يضعها القانون للحكم في قضية معينة فهذا يشعر (الآخرين) أن الحكومة تريد حكما معينا. كما أنه يوجد قضاء استثنائي. أنا أتحدث عن قواعد عامة مجردة يجب أن تكون موجودة ويلتزم بها في نظر القضايا، فالقضية لا ينظرها إلا قاضيها الطبيعي، وأي قاضٍ استثنائي لا (ينبغي أن) ينظرها أو يفصل فيها.

* ما حقيقة الخلاف الذي أدى إلى تعطيل الانتخابات السنوية لنادي القضاة؟

- اعذرني عن الإجابة عن هذا السؤال بسبب أنني تركت القضاء في سبتمبر (أيلول) عام 2009 وعملت بالمحاماة، وحديثي عن نادي القضاة حاليا قد يسبب لي بعض الحرج في التدخل في أمر قد لا يخصني، وإن كنت أحب أن أقول إن ما يحدث حاليا في النادي أمر متوقع نتيجة التدخلات الحكومية الواضحة للعيان في انتخابات النادي.

* وهل ترى أن هناك تراجعا في شعبية تيار استقلال القضاء؟

- القضاة الآن يشعرون أن تيار الاستقلال كان يجب الحرص عليه، وأعتقد أن التيار ما زال موجودا ولكنه واجهه ظروفا أقوى منه في الفترة الماضية. وعندي إحساس أن القضاة يتمنون عودته لأن هذا التيار، بلا شك، أحرص على استقلال القضاء من أي شيء آخر.. وفي تصوري أن الفترة القادمة لو شهدت انتخابات للنادي فسوف يعود هذا التيار مجددا.. وأعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي لعدم إعلان مجلس إدارة النادي عن انتخابات التجديد الثلثي، وظل يماطل فيه أربعة شهور.

المستشار محمود الخضيري

* النائب السابق لرئيس محكمة النقض.

*رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق.

* أحد قادة تيار الاستقلال القضائي بمصر، الذي صاحب أول تحرُّك للقضاة في المطالبة بالإشراف الكامل على الانتخابات واستقلال القضاء.

* حصل على ليسانس الحقوق عام 1963 من جامعة عين شمس، وعُين بالنيابة في نفس العام، وتدرج في السلك القضائي إلى أن أصبح نائب رئيس محكمة.

* في 20 سبتمبر 2009 استقال الخضيري من منصبه كرئيس دائرة الخميس المدنية في محكمة النقض بعد 46 عاما من الخدمة، وقبل إحالته للتقاعد بأيام معدودة، تعبيرا عن رفضه لأوضاع القضاة في مصر.