الموت والخيانة يطاردان الشرطة العراقية وسط شكوك بتعاون بعض مسؤوليها مع «القاعدة»

ضابط في الرمادي: دعيت للالتحاق وبعد ساعات استهدفت قنبلة منزلي

TT

أفسحت التفجيرات واسعة النطاق التي ميزت تنظيم القاعدة في العراق الطريق لعمليات اغتيال بدم بارد في الأشهر الأخيرة وخاصة في محافظة الأنبار المعقل السابق للتنظيم المتطرف. ويعتبر ضباط الشرطة الذين يتخرجون من أكاديميات لينضموا إلى قوات في الخطوط الأمامية هدفا مفضلا إلى جانب زعماء القبائل والمسؤولين الحكوميين والمسلحين السابقين الذين غيروا ولاءاتهم وساعدوا في تحويل دفة الصراع الطائفي.

ويعتبر تنظيم القاعدة أفراد الشرطة خونة متواطئين مع الجيش الأميركي والحكومة. وأحد المستهدفين مؤخرا هو المقدم علي خلف الذي قال لوكالة «رويترز» عبر الهاتف من الرمادي، إن مديرية شرطة محافظة الأنبار أمرته بالعودة إلى الخدمة بعد توقفه عن العمل 8 أشهر. كان ذلك في الساعة العاشرة صباحا وفي الساعة 1.45 ظهرا من اليوم نفسه انفجرت قنبلة بجهاز تحكم عن بعد في حائط مطبخه لتقتل ابن شقيقه الذي يبلغ من العمر 20 عاما وهو ضابط أيضا بالشرطة. وبعد ذلك بربع ساعة انفجرت عبوة ناسفة أخرى مثبتة في ميقاتي غسالة ملابس خارج منزله.

لم يكن خلف في حاجة إلى مزيد من الإثباتات للخطر الذي تتعرض له قوات الأمن العراقية من قبل حركة مقاتلين تتقلص أعدادهم لكنهم يتكيفون مع الأوضاع الجديدة أو من قبل ضباط الشرطة الفاسدين الذين يغذونها. وقال لوكالة «رويترز» عبر الهاتف من الرمادي على بعد 100 كيلومتر غرب بغداد «أنا الآن أريد عمل جواز سفر لي ولعائلتي. سأغادر العراق للبحث عن مكان آمن لي ولعائلتي. لم يعد لنا هنا مكان آمن». وانفجرت 4 قنابل في ذلك اليوم خارج منازل 3 ضباط بالشرطة في الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي كانت ذات يوم معقلا للمتمردين.

وقال اللفتنانت جنرال مايكل باربيرو قائد مهمة حلف شمال الأطلسي للتدريب بالعراق خلال تخريج نحو 700 من أفراد الشرطة الاتحادية الذين تدربوا على أيدي إيطاليين خارج بغداد «لم ينته هذا بعد». وأضاف «(القاعدة) وغيرها معاقون ومحطمون لكنهم ما زالوا موجودين وقادرين على تنفيذ هذه الهجمات سواء كانت هجمات رفيعة المستوى أو أعمال ترويع». ومنذ فبراير (شباط) قتل أكثر من 100 في هجمات مستهدفة وأعدمهم مسلحون مزودون بكواتم للصوت كثير منها محلي الصنع أو تم نسفهم داخل سياراتهم باستخدام قنابل صغيرة مثبتة بمادة لاصقة أو بمغناطيس.

وتبرز قضية خلف واحدة من أبرز التحديات التي تواجه قوات الأمن العراقية فيما تستعد القوات الأميركية لإنهاء العمليات القتالية في أغسطس (آب) المقبل وخفض الأعداد إلى 50 ألفا من العدد الحالي الذي يبلغ 94 ألفا بحلول الأول من سبتمبر (أيلول). ويقول الجيش الأميركي إن عدد أفراد قوات الشرطة العراقية يبلغ الآن نحو 400 ألف فيما يبلغ عدد أفراد البحرية والقوات الجوية نحو 250 ألفا. وقال خلف إنه في عام 2007 انضم لأفراد آخرين في مجتمعه في حمل السلاح ضد متشددي «القاعدة» وفي نهاية المطاف منحته القوات الأميركية رتبة مقدم. وأضاف أنه قبل 8 أشهر طرده ضباط سابقون كانوا يعملون إبان حكم صدام وعادوا إلى العمل بعد تحسن الوضع الأمني. وفي الأسبوع الماضي استدعاه عقيد يحتاج إلى مقاتلين ذوي خبرة. ثم تلقى رسالة نصية على هاتفه الجوال جاء فيها «سيوفنا متعطشة لرقابكم». ثم جاءت القنبلتان. ويقول خلف إن فساد الشرطة والتواطؤ مع المتشددين متأصلان. ويوم الاثنين حكم على ضابط شرطة ببلدة سامراء على بعد 100 كيلومتر شمال بغداد بالسجن 51 عاما لتسريبه معلومات عن ضباط زملاء له لتنظيم القاعدة. ويوم الثلاثاء ألقي القبض على عدد من كبار ضباط الشرطة في حي البياع ببغداد فيما يتصل بجريمة سرقة ذهب في حي للتسوق يخضع لحراسة مشددة وقتل خلالها 14 شخصا. وقال خلف «الكثير من المسؤولين الأمنيين والمحليين يتعاونون مع (القاعدة). الهدف هو إبعاد الوطنيين الشرفاء الذين عملوا سابقا في مقاتلة (القاعدة) ومنعهم من العودة مرة أخرى إلى العمل».

ولدى سؤاله عن قضية خلف، قال باربيرو إن الولايات المتحدة تساعد وزارة الداخلية في «اختيار» المجندين، مضيفا «الدرس الذي استوعبته من هذا هو أن علينا مواصلة الضغط على شبكات المتمردين».

لكن خلف يقول إنه ما عاد يعرف بمن يثق. وقال «ما يهمني الآن هو أن أجد مكانا آمنا لي ولعائلتي حتى يظهر مرة أخرى أناس شرفاء نستطيع أن نضع أيدينا في أيديهم لكي نعمل معهم مرة أخرى».