بكين ترفض ضغوط سيول وطوكيو في ملف الأزمة الكورية

تظاهرات في بيونغ يانغ وتحذير من الأسوأ

TT

رفضت الصين الرضوخ لضغوط كوريا الجنوبية واليابان اللتين دعتا إلى إدانة كوريا الشمالية لإغراقها بارجة كورية جنوبية، واكتفت بالدعوة إلى إزالة فتيل الأزمة الناجم عن هذا الحادث. وحاول الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك ورئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما خلال قمة استغرقت يومين، دفع رئيس الوزراء الصيني وين جياو باو إلى تحميل بيونغ يانغ مسؤولية غرق البارجة الكورية الجنوبية. لكن وين لم يشر إلى أن الصين مستعدة لدعم قرارات مجلس الأمن الدولي في حادث إغراق البارجة الذي أسفر عن مقتل 46 بحارا. وصرح وين خلال مؤتمر صحافي مشترك أن «الضرورة الملحة الآن تكمن في تفادي وقوع مواجهات وتهدئة التوتر بين الكوريتين». وأضاف أن «الصين ستفتح قنوات الحوار مع الأطراف المعنيين لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة بما يعود بالفائدة على المصالح المشتركة على الأجل البعيد».

وأعلنت كوريا الجنوبية عن اتخاذ تدابير ثأرية تشمل وقف المبادلات التجارية بعد أن خلص محققون دوليون في 20 مايو (أيار) الحالي إلى أن غواصة كورية شمالية أطلقت صاروخا على البارجة الكورية الجنوبية ما أدى إلى غرقها.

ونفت بيونغ يانغ ذلك وردت بدورها بالتهديد بشن حرب ما أسهم في تأجيج حدة التوتر في المنطقة. وفي رده الأخير قال نظام بيونغ يانغ إنه لا يملك مثل هذه الغواصات الصغيرة التي استخدمت في إغراق البارجة.

وقال الرئيس الكوري الجنوبي خلال قمة أمس، بحسب ما نقل المتحدث باسمه لي دونغ كوان: «قد يقول البعض إن المنطقة تواجه حالة من انعدام الاستقرار السياسي بسبب حادث إغراق البارجة. لا نخاف من الحرب لكننا لا نريد الحرب. ولا ننوي خوض حرب».

وكانت تصريحات وين حذرة منذ وصوله إلى كوريا الجنوبية يوم الجمعة. وخلال اجتماع مع لي الجمعة قال إن بكين ستدرس قبل إعلان موقفها، نتائج التحقيق الدولي في حادث غرق البارجة لكنها لن تحمي الطرف المسؤول عنه. وصرح الرئيس الكوري الجنوبي خلال مؤتمر صحافي على جزيرة جيجو أنه يتوقع «تعاونا حكيما» من الدول المجاورة في معالجة هذه القضية. أما هاتوياما الذي أعلنت حكومته الجمعة فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية فقال إن القادة الثلاثة اتفقوا على «أن المسألة خطيرة وتهدد السلام والاستقرار في شمال شرقي آسيا».

وأفادت وسائل إعلام كوريا الشمالية بأن مائة ألف شخص تظاهروا أمس في بيونغ يانغ ضد كوريا الجنوبية. وجرت المظاهرة في ساحة كيم ايل سونغ مؤسس كوريا الشمالية ووالد الرئيس الحالي كيم جونغ ايل. وفي شعارات كتبت بالطلاء على أماكن التجمع، تم وصف رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك بأنه «خائن». وأضافت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أن تشو يونغ ريم أمين لجنة حزب العمال الكوريين (الحزب الواحد) في العاصمة دعا المتظاهرين إلى الاستعداد لهجوم من كوريا الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة، مؤكدا أن شبه الجزيرة على شفير الحرب. وأفادت «يونهاب» بأن المسؤول كرر أن كوريا الشمالية لم تقصف بارجة تشيونان الكورية الجنوبية التي أغرقها طوربيد مما تسبب في مقتل 46 بحارا.

وأدانت دول عدة كوريا الشمالية لإغراقها البارجة فيما يعتبر أسوأ هجوم عسكري على الجنوب منذ الحرب بين 1950 و1953. وتقول كوريا الشمالية إن حكومة كوريا الجنوبية زورت الأدلة لأحداث توتر والحصول على دعم قبل الانتخابات المحلية هذا الأسبوع. وتحتاج كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة إلى دعم الصين لإدانة كوريا الشمالية في مجلس الأمن.

وقطعت بيونغ يانغ علاقاتها مع سيول وقالت إنها لم تعد تضمن أمن الكوريين الجنوبيين المتوجهين إلى الشمال وتفكر في منع الوصول إلى مجمع كايسونغ الصناعي الذي تموله سيول وبقطع شمال الحدود. ويعمل في مجمع كايسونغ 42 ألف كوري شمالي لحساب 110 شركات جنوبية تدر كل شهر ملايين الدولارات من المواد المصنعة من ملابس وأحذية وحقائب وأدوات مطبخ. ويشكل المجمع الذي افتتح في 2005، رمز التقارب بين الكوريتين لكن التوتر الثنائي عرقل إلى حد كبير العمل به. وهدد النظام الشيوعي من جديد بإطلاق النار على مكبرات الصوت الكورية الجنوبية التي تبث رسائل دعائية باتجاه الشمال. وقد استأنف الجنوب البث الإذاعي على الموجة القصيرة لهذه الرسائل.

وصرح مسؤول رفض الكشف عن اسمه لوكالة أنباء «يونهاب» أن الجنوب ينوي بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع. ووعد هاتوياما كوريا الجنوبية «بدعمها دعما تاما» عندما يرفع الملف إلى مجلس الأمن حسب ما أعلن متحدث باسمه. وقال مسؤولون كوريون جنوبيون إن هاتوياما أكد بوضوح أن استئناف المحادثات النووية السداسية غير وارد إلى أن تقدم بيونغ يانغ اعتذارا واضحا لمهاجمة البارجة الكورية الجنوبية.