القمة الفرنسية ـ الأفريقية تلتئم اليوم في نيس بغياب 4 قادة عرب

الخلاف حول مياه النيل لن يطرح فيها.. ومصر تستضيف في 2013 دورتها الـ 26

سيارة شرطة فرنسية تقف أمام مقر القمة أمس (أ.ب)
TT

انتهت أمس المشاورات السياسية على مستويي كبار الموظفين ووزراء الخارجية لتفسح الطريق أمام القمة الفرنسية ـ الأفريقية الخامسة والعشرين في الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم (الاثنين) في قصر المعارض - أكروبوليس في مدينة نيس الفرنسية المتوسطية، التي تبدو وكأنها في حالة حصار بسبب كثافة انتشار القوى الأمنية، التي طوقت مقر القمة، وأغلقت الشوارع المفضية إليها، وكثفت وجودها في مطار نيس - الشاطئ اللازوردي.

وتواصل أمس وصول الوفود الرسمية الـ53 التي ستحضر القمة، التي تعد الأولى من نوعها منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي إلى السلطة قبل ثلاثة أعوام. وتسهيلا لذلك، عمدت سلطات المطار إلى إغلاقه مساء أمس لبعض الوقت في وجه الطائرات التجارية وتخصيصه فقط للطائرات الرسمية. ويحظى المؤتمر بتغطية إعلامية واسعة إذ توافد إليه ما يزيد على 400 صحافي.

وأفادت مصادر رئاسة الجمهورية الفرنسية أن 34 رئيس دولة و5 رؤساء حكومات سيحضرون القمة التي ستتغيب عنها فقط مدغشقر وزيمبابوي. وسيغيب، من بين الزعماء العرب الأفارقة، الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي لم يدع شخصيا، بل وجهت الدعوة إلى السودان، والزعيم الليبي معمر القذافي، وكذلك عاهل المغرب الملك محمد السادس، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وباستثناء الرئيس السوداني الغائب بسبب مشاكله مع المحكمة الجنائية الدولية، فإن رؤساء الدول العربية لم يعطوا أسبابا لغيابهم، وفق ما قالته مصادر الرئاسة الفرنسية، التي أشارت إلى أن القذافي لم يحضر أبدا هذا النوع من القمم. وبالمقابل، سيحضر الرئيس المصري حسني مبارك الذي وصل والوفد المرافق مساء أول من أمس (السبت)، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله. وسيمثل ملك المغرب شقيقه الأمير مولاي الرشيد، بينما سيمثل السودان علي عثمان محمد طه النائب الثاني لرئيس الجمهورية، وسيمثل ليبيا موسى كوسا وزير الخارجية، وتونس محمد غنوشي رئيس الوزراء.

ولن يعالج موضوع دارفور كبند من بنود جدول الأعمال، وفق ما أكدته مصادر فرنسية بل ضمن جملة معطيات الأمن والاستقرار في أفريقيا.

وتمثلت المفاجأة السارة لفرنسا في إعلان الرئيس الجزائري حضوره القمة رغم «البرودة» التي تشوب العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية، التي تشهد أزمات صغيرة ولكن متلاحقة، وهو ما عكسه إرجاء الرئيس بوتفليقة زيارة الدولة التي كان من المفترض أن يقوم بها إلى باريس منذ العام الماضي.

وقالت مصادر فرنسية إنه «ليس من المقرر» أن يجري لقاء خاص بين الرئيسين ساركوزي وبوتفليقة، مشيرة إلى أنهما سيلتقيان بمناسبة جلسات العمل فضلا عن جلستي الافتتاح والختام. غير أن «البرودة» السياسية لا تنعكس سلبا على العلاقات الاقتصادية والتجارية «المزدهرة» بين الجانبين. وبالإضافة إلى جلستي الافتتاح والختام، فإن القمة ستشهد ثلاثة اجتماعات مغلقة، أهمها الاجتماع الثاني، الذي سيدور حول موضوع «السلام والأمن في أفريقيا»، الذي سيتم فيه تناول البؤر المتوترة في القارة السوداء من نزاعات منطقة البحيرات الكبرى إلى الوضع في السودان، والخلاف بين إثيوبيا من جهة وإريتريا والصومال وجيبوتي من جهة أخرى. وسيدور هذا الاجتماع المغلق الذي سيرأسه ساركوزي مع رئيس دولة أفريقية، من الناحية المبدئية حول ثلاثة محاور هي: التهديدات التي تتعرض لها أفريقيا وأهمها الإرهاب والقرصنة وتهريب السلاح، والهجرة غير المشروعة، والتدابير الواجبة لتثبيت الأمن والاستقرار في أفريقيا، وأخيرا دور فرنسا في دعم قدرات أفريقيا الذاتية لحفظ الأمن وتفادي الحروب. وأكدت باريس أنها تريد التوصل إلى «تدابير وإجراءات عملية والتزامات حقيقية» في هذا المجال من قبل الأطراف المجتمعة. ونصت توصيات القمة التي انفردت «الشرق الأوسط» بنشرها يوم الخميس الماضي على فقرة (الخامسة)، تذكر بالتزام قادة فرنسا وأفريقيا بمواجهة هذه التهديدات التي تطال كل دول أفريقيا من دون استثناء. أما الاجتماعان المغلقان الآخران فسيتناولان موقع ودور أفريقيا في العولمة والنظام متعدد الأطراف وإشكالية البيئة والتنمية.

وأفادت مصادر الإليزيه أن الرئيس ساركوزي سيجري لقاءات ثانوية كثيرة مع قادة أفارقة. ولن يبقى الرئيس المصري في نيس إلى حين انتهاء القمة بسبب انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في بلاده.

ورغم وجود الأكثرية الساحقة من القادة الأفارقة، فإن موضوع الخلاف حول مياه النيل لن يطرح. ودعت باريس أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون لحضور المؤتمر، وأبلغها بحضوره، كما وجهت الدعوة لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي اعتذر عن الحضور بسبب مشاغله.

وقالت مصادر في الرئاسة الفرنسية إن علاقة فرنسا، الدولة المستعمرة السابقة، مع أفريقيا تغيرت مع مر الزمن، منذ القمة الأولى التي انعقدت عام 1973 سواء في الميدان السياسي والعسكري أو في المجال الاقتصادي والتجاري.

ولن يغيب تزايد الحضور الصيني في أفريقيا عن المناقشات. وتعتبر باريس أنه من المجدي أن يفهم القادة الأفارقة أن هناك جوانب سلبية لهذا النفوذ كما أن له جوانب إيجابية، داعية الجانب الصيني إلى احترام عدد من المعايير منها المعايير البيئية والاجتماعية، غير أنها تفادت الحديث عن الجانب السياسي لتنامي النفوذ الصيني.

وستعقد القمة السادسة والعشرون عام 2013 في مصر. غير أن باريس ستستضيف في 13 يوليو (تموز) المقبل، وقبل يوم واحد من الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي قمة فرنسية ــ أفريقية ستكون هذه المرة مقصورة على 10 دول أفريقية ستشارك وحدات من قواتها المسلحة في العرض العسكري التقليدي الذي يجري في 14 يوليو من كل عام في جادة الشانزليزيه، تحت أنظار ساركوزي والرؤساء الأفارقة العشرة.