البشير يحل الحكومة السودانية.. و«الشعبي» يتجه إلى تشكيل حكومة ظل في البرلمان

الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع الإنساني في جنوب وغرب البلاد

TT

قرر الرئيس السوداني عمر البشير حل الحكومة في انتظار تشكيل وزارة جديدة تضم ممثلين للأحزاب التي شاركت في الانتخابات العامة في أبريل (نيسان) الماضي.وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء عمر محمد صالح للصحافيين إن «الرئيس البشير قرر حل الحكومة التي شكلت عام 2005 عقب اتفاق السلام الشامل (بين الخرطوم والمتمردين الجنوبيين) بانتظار تأليف وزارة جديدة». وأوضح أن القرار أعلن خلال اجتماع للحكومة التي تم حلها ترأسه الرئيس البشير.

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس السوداني قرر مع ذلك استمرار وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ووزير شؤون الرئاسة بكري حسن صالح ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء كامل عبد اللطيف.وتجري مشاورات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الفائز الأكبر في الانتخابات، والحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردين جنوبيين سابقين) لتشكيل حكومة جديدة مع أحزاب أخرى صغيرة موالية للنظام.

ومن جهته، لمح حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي المعتقل منذ أكثر من أسبوعين في سجن بالعاصمة الخرطوم إلى اتجاه حزبه إلى تشكيل حكومة في الظل لمراقبة الحكومة التي يسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير.وقال عضو البرلمان عن المؤتمر الشعبي دكتور إسماعيل حسين فضل لـ«الشرق الأوسط» إن حزب البشير يسيطر على البرلمان بأغلبية كبيرة ولديه اتجاه برفض وجود معارضة وزعيم لها من داخل قبة البرلمان، وأضاف «هناك اتجاه من قبل حزب المؤتمر الوطني الذي يشكل أغلبية في البرلمان لممانعة إقرار موقع (زعيم معارضة) في لائحة البرلمان التي تجرى مشاورات بشأن تعديلها والإصرار على إبقاء نظام الكتل البرلمانية المعمول به في البرلمان السابق»، ملمحا إلى اتجاه حزبه إلى تشكيل «حكومة ظل» لمراقبة أداء الحكومة غير أنه اعترف بعدم جدوى حكومة الظل مع وضعية النظام الرئاسي مقابل فاعليتها في الأنظمة البرلمانية، وقال إن حكومة الظل تستطيع مراقبة أداء الحكومة وتجعلها تعمل بشفافية أسوة بالتجربة البريطانية مع إقراره بالفروق في البيئة النيابية والسياسية في بلاده.وتعهد فضل - الذي كان عضوا في البرلمان الذي كان يرأسه الترابي قبل الانشقاق عن البشير - بقيادة معارضة شرسة من داخل البرلمان، وقال «إنها لن تكون معارضة من أجل المعارضة أو للكيد السياسي والتشفي». وشدد فضل على أن حزبه سينافس على منصب نائب الرئيس ورؤساء اللجان في البرلمان، الذي ينتظر أن يناقشه البرلمان في جلسته اليوم، مشيرا إلى ارتفاع عدد نواب المؤتمر الشعبي إلى 5 أعضاء، كاشفا أن أحد أعضاء البرلمان المستقلين الثلاثة ينتمي إلى المؤتمر الشعبي وهو نائب عن إحدى الدوائر من دارفور، وقال إن بعض نواب المؤتمر الوطني صوتوا له لرئاسة المجلس، مشددا على قدرة حزبه على التمدد في أوساط جميع الكتل المشكلة للبرلمان بما فيها كتلة المؤتمر الوطني من خلال «الطرح الموضوعي» بحسب تعبيره.

إلى ذلك، اختتم مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جون هولمز الأحد جولة في جنوب وغرب السودان حذر خلالها من تدهور وضع السكان جراء النقص في المواد الغذائية وانعدام الأمن. وبدأ هولمز زيارته الخميس، لكن عاصفة رملية أدت السبت إلى إلغاء قسم من لقاءات كان سيعقدها في الفاشر عاصمة شمال دارفور.

ورغم ذلك، تمكن هولمز من أن يلتقي السبت في نيالا بجنوب دارفور الكثير من النازحين جراء الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2003 والتي أدت إلى نزوح نحو 2.7 مليون شخص. وتقدر الأمم المتحدة أن النزاع في دارفور أسفر أيضا عن مقتل 300 ألف شخص في حين تكتفي حكومة الخرطوم بالحديث عن عشرة آلاف قتيل.

وقال هولمز للصحافيين إن «الوضع يكاد يكون على حاله (منذ عام). نشهد مزيدا من المعارك بين الحكومة وحركة العدل والمساواة وبين الحكومة وحركة تحرير السودان». وتدارك «ولكن في الوقت نفسه، التقيت بعد ظهر اليوم أناسا انتقلوا إلى مخيم كيلما في منطقة ساكالي قرب نيالا، وهو أمر جيد أن نرى أناسا يبدأون حياة جديدة». والتقى هولمز حكماء ونساء في ساكالي أكدوا عدم قدرتهم على العودة إلى قراهم بسبب الهجمات. ويواجه هؤلاء صعوبات كبيرة في مخيمات النازحين ويعولون في شكل كامل على المساعدات الدولية. ولفت هولمز إلى «مشكلة تتمثل في الوصول إلى السكان في المناطق البعيدة» حيث «تراجع حضور المنظمات غير الحكومية وتضاعف انعدام الأمن».

وأعرب عن «قلقه البالغ لتعويل الناس الذين يقيمون في المخيمات على المساعدة الدولية بشكل كامل»، محذرا من «كارثة إنسانية» وشيكة في حال عدم اتخاذ تدابير لتحسين وضع النازحين. واعتبر مسؤول في قوة السلام المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أن «التنقل بات شبه مستحيل». وأضاف هذا المسؤول، رافضا كشف هويته، أن أعمال السرقة وجرائم القتل تصاعدت، إضافة إلى عمليات الخطف.وفي جنوب السودان، اطلع هولمز على النقص في المواد الغذائية وأشاد بتعهد الحكومة تقديم 35 مليون دولار إلى السكان عند الحاجة. وبعد لقائه هولمز في جوبا، أقر نائب رئيس حكومة جنوب السودان ريك مشار بأن «الوضع خطير»، واعدا بالقيام بكل ما يلزم لمعالجته.

ونبه مكتب تنسيق الأنشطة الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان إلى أن «عدم معالجة الأزمة الإنسانية في جنوب السودان من شأنه تهديد المرحلة الأخيرة من عملية السلام».