«التقدم والاشتراكية» المغربي ينتخب نبيل بن عبد الله أمينا عاما

منافسه السعدي يتمسك بوحدة الحزب.. والمؤتمر ودع العلوي باكيا

TT

انتخب نبيل بن عبد الله، وزير الإعلام المغربي السابق، أمينا عاما جديدا لحزب التقدم والاشتراكية اليساري، المشارك في الحكومة، خلفا لإسماعيل العلوي، بعد حصوله على نسبة كبيرة من أصوات أعضاء اللجنة المركزية، التي انتخبها المؤتمر الثامن، الذي اختتم أعماله أمس في بلدة بوزنيقة (جنوب الرباط).

وكلف المؤتمر الأمين العام السابق رئاسة مؤسسة جديدة هي «مجلس الرئاسة».

وفاز ابن عبد الله، وهو عضو المكتب السياسي، بأمانة الحزب بفارق كبير على منافسه سعيد السعدي، وهو أيضا عضو في المكتب السياسي، ووزير سابق.

وحصل ابن عبد الله على 332 صوتا من أصوات أعضاء اللجنة المركزية التي يخولها القانون الأساسي للحزب اختيار الأمين العام، في الوقت الذي حصل فيه السعدي على 234 صوتا، أما المرشح الثالث للأمانة العامة عبد الحفيظ ولعلو فقد حصل على صوتين فقط.

وقال تقرير لجنة الفرز التي أشرفت على عملية انتخاب الأمين العام، إن عدد أعضاء اللجنة المركزية بلغ 684 عضوا، وكان عدد الأصوات الصحيحة 578 صوتا، بينما بلغ عدد الأصوات الملغاة 10.

وقال ابن عبد الله بعد فوزه بأمانة الحزب لـ«الشرق الأوسط» إنه يشعر بالمسؤولية والتأثر العميق وبابتهاج كبير في الوقت نفسه، لنجاح المؤتمر الثامن للحزب، الذي، حسب قوله، جاء ليوطد وحدة الحزب، ويكرس مكانته في الساحة السياسية.

وزاد ابن عبد الله قائلا: «إن المنافسة حول الأمانة العامة للحزب كانت شريفة وسليمة ووفية لأخلاق ومبادئ الحزب». ونوه ابن عبد الله بكل من السعدي وولعلو على هذه الخصال.

وحول الأوليات التي سيركز اهتمامه عليها بصفته أمينا عاما جديدا للحزب، قال ابن عبد الله إن الحزب يسعى إلى تحقيق «جيل جديد من الإصلاحات»، الذي تبناها شعارا له خلال المؤتمر، وأن يحظى بتوافق كبير في الساحة السياسية الوطنية، حتى يسهم ذلك في توطيد الديمقراطية، وفي توفير تقدم أكبر بالنسبة للمغرب، وإشاعة عدالة اجتماعية أكبر.

أما منافسه السعدي، فقال بعد إعلان ابن عبد الله أمينا عاما إنه كان هناك تمرين على ممارسة الديمقراطية، مشيرا إلى أن لديه ملاحظات على ما جرى عند انتخاب الأمين العام الجديد للحزب، وأنه سيتحدث مع رفاقه في الحزب، وسيتم تقييم التجربة ككل، بهدف تحديد موقف واضح يحافظ على وحدة الحزب، التي قال إنها فوق كل اعتبار، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه السعدي خلال إلقائه كلمة أمام المؤتمرين بطلب من إسماعيل العلوي.

وأوضح السعدي أنه رغم بعض الملاحظات التي أبداها بعض المؤتمرين حول تجاوزات عرفت انتخاب الأمانة العامة، فإنه هنأ ابن عبد الله بفوزه، مؤكدا تشبثه بوحدة الحزب حتى النخاع. وعرف المؤتمر الثامن لحزب التقدم والاشتراكية خلق مؤسسة جديدة بعد تعديل القانون الأساسي للحزب، أطلق عليها اسم «مجلس الرئاسة». وقال نائب رئيس المؤتمر، عبد الواحد سهيل، في كلمة ألقاها بالمناسبة، إن إنشاء هذا المجلس يهدف إلى الاعتراف بالجميل والتضحية ونضال خيرة مناضلي وقادة الحزب الذين أسدوا خدمات كبيرة للحزب. ويهدف مجلس الرئاسة إلى لعب دور الوساطة، وضمير الحزب، إذ ستكون له سلطة الإنذار. وضم المجلس في عضويته 10 أعضاء من كرادلة الحزب هم: إسماعيل العلوي بصفته رئيسا له، وعبد المجيد الدويب، وعمر الفاسي الفهري، والطيب الشكيلي، ومحجوب الكواري، وعبد العزيز بنزاكور، ومحمد كرين، ورحال الزكراوي، ومحمد بنبلة، ومحمد مشارك.

ولم يكن انتخاب ابن عبد الله أمينا عاما لحزب التقدم والاشتراكية سهلا، فقد عرف المؤتمر توترات بين التيارات المتصارعة داخل الحزب.

وبعد المصادقة بالإجماع على البيان الختامي للمؤتمر، وعلى مجلس الرئاسة، شهدت مرحلة تحديد أعضاء اللجنة المركزية صراعا قويا بين الرافضين للمعايير التي اعتمدتها لجنة الفرز رغم تصويتها بالإيجاب على التقرير بنحو 40 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، في حين امتنع 9 أعضاء عن التصويت، ومصادقة المؤتمرين عليها أيضا بغالبية كبيرة.

وارتكز جوهر الخلاف حول الرفع من عدد أعضاء اللجنة المركزية إلى 620 عضوا ليبلغ خلال نهاية المؤتمر إلى 686 عضوا، في الوقت الذي راهن فيه المحتجون على أن لا يتجاوز أعضاء هذه اللجنة 300 عضو، على أبعد تقدير، معتبرين أن الرفع من عدد أعضاء اللجنة المركزية، هو خدمة لأحد المرشحين للأمانة العامة، كما احتج ممثلو بعض الجهات والأقاليم إما على نقص أو عدم زيادة في عدد مقاعد أعضائها في هذه اللجنة لحساب مناطق الدار البيضاء والرباط، إلى جانب إقصاء أعضاء قدامى في الحزب لصالح أعضاء جدد.

وأمام هذا التوتر ارتأى رفع الأمر إلى مجلس الرئاسة في أول مهمة له قبل التصويت عليه بدقائق قليلة للتدخل والاجتماع مع لجنة الانتداب والفرز والترشيح، وبعدها سيقرر تأكيد أن الأغلبية الساحقة للمؤتمرين انتخبت اللجنة المركزية، وإن كان هناك تظلم أو طعون يجب أن تحال إلى مجلس الرئاسة كحكم، ليتوجه بعدها أعضاء اللجنة المركزية إلى انتخاب الأمين العام الجديد، وبدأت عملية الانتخاب في حدود الرابعة صباحا ولم تنته إلا في حدود الثامنة والنصف من صباح أمس، ليبدأ بعدها فرز الأصوات أمام وسائل الإعلام، الذي أكد تفوق ابن عبد الله على السعدي بفارق مهم.

وبعد الإعلان عن فوز ابن عبد الله، توجه هذا الأخير إلى إحدى خيام المؤتمر التي كان يوجد بها السعدي، حيث تبادل الجانبان التحيات والتهنئة، وإن كانت علامات الاستياء بادية على السعدي. في حين أجهش ابن عبد الله وزوجته بالبكاء، وهما يتلقيان التهاني من طرف الأنصار. بينما كان الأمين العام السابق يحاول تلطيف الأجواء، إذ بعد تقديمه التهنئة لابن عبد الله، اتجه يبحث عن السعدي الذي توارى برهة عن الأنظار قبل أن يلتحق إلى الخيمة والجلوس رفقة قيادة الحزب، بعد مناشدة من العلوي. وجلس السعدي إلى جانب ابن عبد الله، وإن لم يستطع إخفاء استيائه من النتيجة.

وعاش المؤتمرون لحظات مؤثرة عندما قدم ابن عبد الله للعلوي هدية هي عبارة عن كتاب، وهو الرمز الانتخابي للحزب، تضمنت عبارات وشهادات في حقه جعلت أغلب الحاضرين ينخرطون في البكاء جراء التأثر.