التبدلات التي أفرزتها الانتخابات البلدية تفرض على فريقي 14 و8 آذار استخلاص العبر

فتفت المتفاجئ بخسارة الضنية يتوقع أن تكون الأسباب خدماتية وسياسية

TT

ما إن طوى لبنان الصفحة الأخيرة من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلته الأخيرة، في محافظتي الشمال وعكار أول من أمس، حتى انصرفت القوى السياسية التي خاضت غمار معاركه في كل المحافظات إلى قراءة متأنية ودقيقة إلى النتائج واستخلاص العبر في ضوء التبدلات التي طرأت على المزاج الشعبي في مختلف المحافظات اللبنانية، وإن كانت بنسب متفاوتة، بحيث كانت التبدلات لصالح فريق «14 آذار» في مناطق محسوبة على قوى «8 آذار»، ولصالح الأخير أحيانا في بلدات كانت غالبيتها تدين بالولاء السياسي لفريق الأكثرية. وكانت النتائج الأولية غير الرسمية أظهرت إحراز تحالف قوى «14 آذار» مع «العائلات» نحو 18 بلدية في قضاء البترون، في مقابل ست بلديات للوائح المدعومة من التيار «الوطني الحر» وسائر حلفائه في قوى «8 آذار»، بما فيها بلدية مدينة البترون، التي حقق فيها التيار العوني وتيار «المردة» والحزب «السوري القومي الاجتماعي» فوزا كاملا على اللائحة المدعومة من «14 آذار»، وهذا الفوز أرسى معادلة سياسية جديدة أعادت التيار الوطني إلى الساحة البترونية بعد خسارته المعركة النيابية العام الماضي. أما في قضاء الكورة ففاز تحالف قوى «14 آذار» و«العائلات»، بأكثرية 20 بلدية، بما فيها بلديتا كفرعقا وكوسبا بنتيجة 15–0 في كل منهما، في حين حصد الحزب القومي متحالفا مع «المردة» والعونيين مقاعد بلدات أميون (عاصمة القضاء) وبشمزين وكفر حزير.

وفي قضاء زغرتا فازت اللوائح المدعومة من رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض و«القوات اللبنانية» و«14 آذار» في تسع بلدات، في مقابل فوز اللوائح المدعومة من تيار «المردة» في البلدات المتبقية، وعددها 21 بما فيها بلديتا زغرتا وإهدن. في حين أحرزت «القوات اللبنانية» فوزا تاما في كل بلدات قضاء بشري، في حين لم تجر الانتخابات في بلدة بزعون بعد أن انسحب أعضاء اللائحتين المتنافستين على خلفية الإرادة المشتركة في تجنيب البلدة معركة انتخابية بعد مقتل اثنين من أبنائها.

وإذ حققت لائحة قوى «14 آذار» فوزا كاملا في بلدة القبيات أكبر القرى المسيحية في عكار، كانت النتيجة الإجمالية في معظم البلدات المسيحية تميل إلى اللوائح المدعومة من «التيار الوطني الحر» و«المردة» والقوميين، في حين أن البلدات السنية لم تغير من ولائها للوائح تيار «المستقبل» باستثناء بلدة حلبا (عاصمة عكار) التي فاز فيها تحالف المعارضة مع الجماعة الإسلامية، وبلدة فنيدق التي فازت فيها اللائحة المدعومة من النائب السابق وجيه البعريني. وفي عاصمة الشمال طرابلس، التي كانت نسبة الاقتراع فيها متماشية مع انعدام التنافس، كان الفوز حليف لائحة «وحدة طرابلس» كما فازت أيضا لائحة «وحدة المينا» مع خرق وحيد لصالح رئيس البلدية الحالي عبد القادر علم الدين، إلا أن المفاجأة هناك تمثلت في خسارة اللائحة المدعومة من النائب أحمد فتفت في بلدته سير الضنية، وبلدات أخرى، منها بخعون إحدى كبرى قرى القضاء.

ومن المؤكد أن تكون قوى «14 آذار»، وتحديدا تيار «المستقبل» الذي فاجأته النتيجة في أكثر من مدينة وبلدة شمالية أول المهتمين ببحث أسباب تغير المزاج الشعبي، وخسارته في بعض البلدات الشمالية الكبرى، التي تعتبر من أهم روافد جمهوره، مثل بلدتي حلبا وفنيدق في عكار، وسير الضنية وبخعون في قضاء الضنية، مما يستدعي إعادة تقييم شاملة للواقع الشعبي على الأرض بشكل مدروس، والوقوف على حقيقة التململ في بعض المناطق.

وفي إطار تقييمه للخسارة التي مني بها في بلدته سير الضنية، وخسارة تياره عددا من قرى القضاء، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الشرق الأوسط» أن «النتائج فاجأتنا، فقد خسرنا في بعض القرى، وهذه الخسارة تحتاج إلى تقييم هادئ»، مشيرا إلى أن «الانتخابات البلدية لها خلفيات عائلية ومحلية، كما لها خلفيات سياسية، ولا شك أن الفريق الآخر دفع أموالا في معركته ضدنا، غير أن ذلك لا يغني عن القول إن الناس التي عبرت عن رأيها في الانتخابات، ربما كانت تتطلع إلى تحقيق متطلبات أكثر لها في السياسة والخدمات والإنماء، وقد يكون الناخبون أعطوا في هذه البلدات رأيهم في موقفنا السياسي العام، الذي ربما لم يفهمه الناس جيدا». وردا على سؤال عما إذا كان هو شخصيا يتحمل مسؤولية خسارة «المستقبل» بلدات مهمة في الضنية قال فتفت: «لا يمكنني أن أحدد المسؤولية قبل أن يصدر تقييم كامل وموضوعي، لكني أؤكد احترامي لخيار الناس والقبول به، وسنتعاطى على أساس النتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات من الآن فصاعدا، وبعد عشرة أيام عندنا انتخابات نيابية فرعية (انتخاب خلف لنائب المنية - الضنية هاشم علم الدين الذي توفي) وسنكون أمام معركة اختبار ستقرر ما إذا كان الناس ما زالوا مع خيارات (14 آذار) وتيار (المستقبل) أم لا».

من جهته قال عضو تكتل «لبنان أولا» النائب رياض رحال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لم أتدخل في هذه الانتخابات حتى داخل بلدتي (الشيخ طابا) التي انتخبت فيها كمواطن، ويعود للناس حق المحاسبة، وأن يتحملوا مسؤولية اختيارهم، أنا كنائب وطبيب وصاحب مؤسسة (مستشفى رحال) سأبقى للجميع، ولم أحاسب أحدا يوما ما، حتى الذين لا ينتخبونني». كاشفا أنه سيدعم المجلس الفائز شرط أن يعمل لخدمة البلدة.