القمة الأفريقية ـ الفرنسية: خلافات حول التمثيل في مجلس الأمن

مبارك وبوتفليقة تصافحا بحرارة في بداية أول اجتماع مغلق

مبارك وبوتفليقة في حديث جانبي على هامش القمة (رويترز)
TT

افتتحت القمة الفرنسية - الأفريقية الخامسة والعشرون بعد ظهر أمس في مدينة نيس الفرنسية وسط خلافات حادة حول موضوعين رئيسيين، هما: موقع أفريقيا في المؤسسات العالمية، وخصوصا في مجلس الأمن الدولي ومجموعة العشرين وغيرها من المحافل الدولية من جهة، وموضوع البيئة والغازات المسببة للاحتباس الحراري من جهة ثانية. وحرص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في كلمته الافتتاحية أمام 39 رئيس دولة وحكومة وممثلي 12 دولة آخرين على التطرق إلى الموضوعين معا، ساعيا إلى طرح نفسه مدافعا عن المصالح الأفريقية وعن موقع القارة السوداء في العالم.

واعتبر ساركوزي أنه من غير الممكن «إدارة شؤون القرن الحادي والعشرين بمؤسسات القرن الماضي»، داعيا إلى إفساح المكان لأفريقيا في المؤسسات الدولية باعتبار أنه «لم يعد ممكنا اليوم إدارة شؤون العالم من غير أفريقيا». وفي رأي الرئيس الفرنسي، فإنه «من غير الطبيعي ألا يكون لأفريقيا مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي».

وتعد مسألة موقع أفريقيا، القارة المستعمرة سابقا، الملف الأول الذي تناقشه القمة الراهنة. والمشكلة أن الجانب الأفريقي يشكو من مسألتين: الأولى، أن كل الطروحات التي تناولت إعادة تشكيل مجلس الأمن بقيت مجرد طروحات نظرية بعيدة كل البعد عن التنفيذ بسبب رفض الدول الكبرى فتح النادي المغلق أمام دول ناشئة، والثاني أن أفريقيا، كما أعلن ذلك، بعض من وزراء خارجيتها في اجتماع أول من أمس مع الوزير كوشنير، يريدون مقعدين دائمين للأفارقة ومقعدين غير دائمين، علما أن لأفريقيا اليوم ثلاثة مقاعد غير دائمة من أصل 15 مقعدا بينما تضم 53 بلدا، أي ما يزيد على ربع بلدان العالم. وطالب ساركوزي بإصلاح مجلس الأمن كما وعد بطرح مبادرات ذات معنى عندما سترأس فرنسا مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين العام القادم. وذهب ساركوزي إلى حد اعتبار أن مستقبل فرنسا وأوروبا «في أفريقيا التي تفرض نفسها أكثر فأكثر لاعبا رئيسيا على المسرح الدولي».

غير أن مصادر وزارية أفريقية شككت أمس في «جدوى» التأكيدات الفرنسية باعتبار أن لباريس صوتا واحدا من عدة أصوات في مجلس الأمن. وبالمقابل، فإن باريس تعتبر أن المطالبة الأفريقية «غير واقعية» وهو ما لمح به الوزير كوشنير عندما اعترف بالخلاف مع أفريقيا، لكنه رأى أن الوزراء «عثروا على الطريقة ليكونوا أكثر واقعية». وكان اجتماع وزراء الخارجية ليل الأحد - الاثنين استمر ست ساعات، مما ألزم كوشنير إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان ينوي عقده.

ومباشرة بعد الجلسة الافتتاحية، بدأت جلسة مغلقة حول موقع أفريقيا تلاها اجتماع حول الأمن والاستقرار في أفريقيا، مما يتضمن الإرهاب وعمليات التهريب على أنواعها والقرصنة وتهديد الأمن والاستقرار. وتوقعت مصادر فرنسية أن يثار موضوع دارفور من خلال الجلسة المذكورة باعتباره ليس بندا منفردا على جدول الأعمال. وفي هذا السياق، وبعيدا عن القمة، سينظم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة اجتماعا لدول الجوار السودان للتداول في وضع دارفور وجنوب السودان. ودعيت فرنسا إليه باعتبارها البلد المضيف.

وذهب الرئيس المصري حسني مبارك، الذي ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية باعتبار مصر البلد المضيف للقمة القادمة في عام 2013، في الاتجاه عينه وشدد على أن من أهداف القمة مساعدة أفريقيا على مواجهة التحديات والصعاب الجديدة، «ومن أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية». وحث مبارك الأفارقة على تحمل مسؤولياتهم باعتبار أن «تحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوبنا هو مسؤوليتنا»، مشيدا بما حققته أفريقيا على طريق التعاون وبناء المؤسسات الخاصة بها، داعيا إلى وضع حد لـ«تهميش» أفريقيا بحيث «تشارك بصوت قوي ومسموع في صنع القرار السياسي والاقتصادي على المستوى الدولي». ودعا مبارك إلى إنشاء آلية متابعة لمقررات القمة وإلى التركيز على قضايا التنمية الاجتماعية والبشرية، إلى جانب الملفات السياسية.

ولم تغب عن كلمة ساركوزي الإشارة إلى موضوع عادة ما يثير حقوق الإنسان من زاوية أنه يفضي إلى زعزعة الاستقرار. وغالبا ما أثار إصرار باريس عليه حنق الجانب الأفريقي الذي يرى فيه «وصاية» من الدولة المستعمرة السابقة. لكن ساركوزي الذي يرأس أول قمة فرنسية - أفريقية منذ وصوله إلى الرئاسة استبق الانتقادات وأكد أنه يريد علاقات «ثقة وتكافؤ ومساواة» مع أفريقيا، ولكن أيضا «من غير عقد» بحيث يستطيع الجانبان «أن يتحدثا عن كل شيء». وكان لافتا، في الجلسة المغلقة الأولى، المصافحة الحارة التي تمت بين الرئيسين المصري والجزائري حسني مبارك وعبد العزيز بوتفليقة، اللذين لم يلتقيا منذ توتر العلاقات بين البلدين بسبب مباريات كرة القدم بين البلدين في تصفيات كأس العالم، غير أن مصادر من الوفدين أفادت بأنه لم يلحظ اجتماعا خاصا بين الرئيسين.

تنتهي القمة الخامسة والعشرون ظهر اليوم بمؤتمر صحافي يسبقه صدور بيان بتوصيات المؤتمر.