تقرير سري لوكالة الطاقة: إيران أنتجت 5.7 كلغ من اليورانيوم عالي التخصيب

قالت إن سورية اعترفت بإجراء تجارب لمعالجة اليورانيوم في الفترة بين مارس ومايو عام 2004

وزير الخارجية الايراني يصافح نظيره الياباني في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا عن أن إيران أنتجت ما لا يقل عن 5.7 كلغ من اليورانيوم عالي التخصيب حتى بداية أبريل (نيسان)، وهي مادة تقول طهران إنها مخصصة لمفاعل الأبحاث الذي تملكه، إلا أنها يمكن أن تساعد إيران في تحويل برنامجها من سلمي إلى عسكري. وأورد التقرير أنه «في السابع من أبريل 2010، سحبت إيران 5.7 كلغ من يورانيوم +يو إف 6+» من موقعها الرئيسي للتخصيب في ناتانز. وأكد التقرير أنه «وفق إيران، فإن هذا اليورانيوم مخصب بنسبة 19.7 في المائة». وأوضح دبلوماسي رفيع المستوى قريب من عمليات التفتيش التي قامت بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران أن كمية اليورانيوم عالي التخصيب التي تملكها إيران حاليا أكبر من الكمية المذكورة. وأضاف الدبلوماسي أن «الـ5.7 كلغ كانت في بداية أبريل. ولكن مذذاك واصلت إيران إنتاج اليورانيوم، وهذا يعني أن هناك كمية أكبر». كما قال التقرير إن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب ارتفع إلى 2.43 طن من 2.06 طن منذ نهاية يناير (كانون الثاني)، وإن الوكالة تشعر بقلق بشأن أن إيران تعكف حاليا على تصميم صاروخ نووي وسط مؤشرات بأن إيران تجهز معدات إضافية لتخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى.

وأكد التقرير الذي رفعه عصر أمس، يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس أمنائها، أنه في حين تواصل الوكالة التحقق من عدم تحريف المواد النووية المعلنة في إيران، فإن إيران «لم تقدم التعاون اللازم لتمكين الوكالة من التأكد من أن جميع المواد تندرج في نطاق الأنشطة السلمية»، كما قال التقرير إن طهران لم تنفذ الشروط الواردة في القرارات ذات الصلة الصادرة من مجلسي الأمن والأمناء، خاصة فيما يتعلق بالمسائل العالقة التي تثير قلقا حول الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي.

كذلك أوضح التقرير أن إيران تجهز معدات لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى أعلى، إلا أنها أتاحت لمفتشي الأمم المتحدة مراقبة أفضل على المواقع النووية الإيرانية. وقالت إيران للوكالة الدولية إن الأجهزة الإضافية للطرد المركزي ستعزز عملها في تنقية اليورانيوم إلى نسبة نقاء 20 في المائة. ولم تعمل الأجهزة بعد، إلا أن الوكالة قالت إنها لا تزال تشعر بقلق من احتمال أن تؤدي الأنشطة الحالية في إيران إلى تطوير مواد نووية لصنع صاروخ.

وتابع التقرير موضحا أن الوكالة لا تزال قلقة أيضا بشأن احتمال وجود أنشطة غير معلنة ذات صلة بالأسلحة النووية في إيران تشارك فيها هيئات ذات علاقة بالمجال العسكري، بما في ذلك أنشطة ذات صلة بتطوير شحنة متفجرات نووية لصاروخ، مشيرا إلى وجود دلائل إلى أن بعض هذه الأنشطة ربما تكون قد تواصلت إلى ما بعد 2004، مطالبا بضرورة الحصول على جميع الوثائق والسماح لمسؤولي الوكالة بمقابلة جميع الأشخاص المعنيين من دون مزيد تأخير.

من جانب آخر، أكد التقرير أن إيران لم تعلق الأنشطة المرتبطة بتخصيب اليورانيوم على مواصلة تشغيل محطة تخصيب الوقود والمحطة التجريبية للتخصيب في ناتانز، بالإضافة إلى تشييدها محطة في فوردو. كما أظهر أن الوكالة من أجل التحقق من التسلسل الأصلي في محطة فوردو تطلب من إيران إمدادها بالوثائق والتصميمات اللازمة للمحطة، مشيرا إلى أن إيران لم تكشف كذلك عن أماكن المواقع النووية الجديدة التي تقوم حاليا بتشييدها، مضيفا أنها تعمل على مواصلة بناء المفاعل «آي آر 40»، بالإضافة إلى الأنشطة ذات الصلة بالماء الثقيل من دون أن تسمح للوكالة بأخذ عينات.

في سياق مواز، أكد التقرير أن الوكالة تقوم حاليا بعمليات إشراف أدق على أنشطة التخصيب بالنسبة العالية (20%)، موضحا أن الوكالة وضعت أختاما على جميع الطرق الممكنة لخروج سادس فلوريد اليورانيوم وعلى جميع أنابيب التوصيل المستخدمة لاختبار أجهزة الطرد المركزي التي أصبحت إيران تملك 3 آلاف جهاز منها.

كما كررت الوكالة في تقرير عن الملف النووي السوري فشلها في إحراز أي تقدم لحسم القضايا التي لا تزال عالقة، والمرتبطة بحقيقة موقع دير الزور السوري، وما كان يدور فيه من أنشطة قبل أن تقدم القوات الإسرائيلية على تدميره في سبتمبر (أيلول) 2007. وأشار التقرير الذي سيناقشه مجلس أمناء الوكالة في اجتماعه القادم بتاريخ 7 يونيو (حزيران) إلى ضرورة أن تبذل سورية المزيد من التعاون مع الوكالة، وأن توفر مزيدا من المعلومات حول ذلك الموقع وثلاثة مواقع أخرى لها صلة به، بجانب السماح للوكالة بمعاينة وثائق تقنية ذات علاقة.

وقالت الوكالة إن سورية كشفت لها عن تفاصيل بشأن إجراء تجارب نووية سابقة، إلا أن الوكالة أوضحت أن دمشق لم تبد أي تعاون غير ذلك.

وتسببت عدم الشفافية السورية حتى الآن في عدم تمكن الوكالة من التحقق من الموقع الذي قصفته إسرائيل عام 2007 للاشتباه في أنه مفاعل نووي سري يجري بناؤه بمساعدة كوريا الشمالية.

وفي أثناء التحقيق، اعترف مسؤولون سوريون بأنه تم إجراء تجارب لمعالجة اليورانيوم في الفترة بين مارس (آذار) ومايو (أيار) عام 2004.

وقال دبلوماسي رفيع المستوى مطلع على عمل الوكالة في سورية إنهم «لم يبلغوا عن هاتين التجربتين».

لكنه أوضح أن من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت هاتان التجربتان مجرد مشروعات علمية بحتة صغيرة حقا، كما تزعم سورية، أم أنه تم القيام بعمل إضافي في هذا المجال.

وأجريت التجربتان اللتان ذكرتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مفاعل أبحاث صغير بالقرب من دمشق وقد تم إبلاغ الوكالة عنه.

إلا أن قادة سورية نفوا حتى الآن أن الموقع الذي تم قصفه، والذي يعرف باسم «الكبر»، كان مفاعلا ثانيا.

وزارت الوكالة الدولية الموقع مرة واحدة وعثرت على جسيمات يورانيوم مصنع هناك، فضلا عن أدلة تشير إلى أن الموقع موقع نووي. إلا أنه لم يتم السماح لمفتشي الوكالة برؤية الأنقاض التي تمت إزالتها بعد القصف أو الإطلاع على الوثائق الرئيسية أو مقابلة مسؤولين.

وكتب المدير العام للوكالة يوكيا أمانو في التقرير: «وعلاوة على ذلك، تقل أهمية المعلومات مع الوقت، وقد تضيع تماما» وحث سورية على التعاون.

وفيما ينتظر المجتمع الدولي وصول ردود مجموعة فيينا، وهي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا، بشأن ما تسلموه من رد إيراني بخصوص اقتراح تبادل طهران لليورانيوم منخفض التخصيب مقابل توفير وقود نووي تحتاجه طهران لمواصلة تشغيلها لمفاعل طهران للأبحاث النووية، سربت مصادر أميركية وثيقة رسمية لما دار في لقاء عقده أربعة من كبار المسؤولين بالإدارة الأميركية شرحوا فيه وجهة نظر الإدارة في أكثر من قضية تتعلق بالموقف الأميركي تجاه ما تضمنه الرد الإيراني على مقترح التبادل «ليس وفق صيغته الأصلية كما طرحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي التي تنص على شحن إيران لـ1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب مقابل أن تقوم روسيا برفع درجة تخصيبه إلى 20% ومن ثم تحوله فرنسا إلى قضبان نووية تعود إلى إيران لتستخدمها كوقود لتشغيل المفاعل الذي يوفر علاجات إنسانية، وإنما وفق صيغة حملت توقيع إيران والبرازيل وتركيا تضمنت أن تشحن إيران اليورانيوم إلى تركيا ليخزن فيها لمدة عام بإشراف الوكالة الدولية حتى تتسلم إيران 120 كيلوغراما من الوقود النووي على أن يحق لطهران استعادة مخزونها إذا ما رأت ذلك».

ووفقا لما جاء في الوثيقة المسربة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أكد المسؤولون الأميركيون أن الرد الإيراني - التركي - البرازيلي الذي تسلمته الوكالة في خطاب بتاريخ 24 الماضي ورفعته لهم الوكالة «يدفع لطرح الكثير من التساؤلات ويتطلب المزيد من التوضيحات إذ لا يتناسب مع الاقتراح الأصلي الذي تقدمت به الوكالة الدولية ووافقت عليه الولايات المتحدة الأميركية كما وافقت عليه كل من روسيا وفرنسا بعد طرحه العام الماضي».

وفي حين أبدى أولئك المسؤولون تقديرهم للجهود التي بذلتها كل من تركيا والبرازيل لدفع إيران للرد إيجابيا على اقتراح تبادل الوقود كخطوة أساسية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، أثاروا شكوكا حول الأهداف التي دفعت إيران للموافقة رابطين تلك الموافقة بمحاولة إيرانية ترمي فقط لعرقلة الإجماع حول إصدار مجلس الأمن لعقوبات جديدة ضدها، مشددين على أهمية استيعاب حقيقة أن الإدارة الأميركية تعمل في مسار إصدار قرار بالعقوبات يقوي من مسار العمل الدبلوماسي كحافز لإيران لبدء التفاوض بجدية. إلى ذلك ذكر موقع الرئاسة الإيرانية الإلكتروني أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا سيتصل بنظرائه الفرنسي والروسي والصيني للحصول على دعمهم للاتفاق الثلاثي الإيراني - التركي - البرازيلي حول تبادل اليورانيوم. وقال لولا في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «للحصول على دعم الدول الأخرى لإعلان (طهران) سأواصل اتصالاتي مع القادة». وأضاف لولا «هذا الأسبوع سأتصل (بالرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي و(الرئيس الروسي ديمتري) ميدفيديف و(الرئيس الصيني) هو جينتاو»، بحسب المصدر ذاته. وأضاف لولا أن «اتفاق (طهران) وضع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في وضع حساس جدا».