رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر: لا نريد السلطة على البلدان الأخرى.. ومستعدون لعقد اتفاقيات أمنية مع دول الجوار

السفير مجتبي أماني لـ«الشرق الأوسط»: نتمنى عودة العلاقات مع القاهرة في مستقبل ليس ببعيد

TT

دعا رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر، السفير مجتبي أماني، لمزيد من التعاون بين بلاده ومصر، المقطوعة علاقتها بطهران منذ نحو ثلاثة عقود، قائلا إن البلدين متفقان في عدة قضايا على رأسها قضية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ودعم الشعب الفلسطيني، وشدد في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» على أن إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، كما تشيع أميركا وإسرائيل، وأنها على استعداد للتمهيد للتعاون في مجال التقنية النووية للأغراض السلمية مع مصر والدول العربية، وأضاف أن طهران تسعى أيضا لعقد اتفاقيات أمنية عسكرية مع بلدان مجاورة لها كدليل على حسن النوايا، وأنه يمكن «حل سوء الفهم» بالنسبة لبعض القضايا العالقة، مشيرا إلى أن أحد أسباب «قوة العلاقة مع العراق»، تولي معارضين عراقيين كانوا أصدقاء لإيران زمن صدام حسين، الحكم في بغداد، نافيا أي صلة بين بلاده وتنظيم القاعدة أو حركة طالبان، وقال إن إيجاد خلاف بين الشيعة والسنة هو مشروع «أميركي صهيوني» لإضعاف الإسلام.

وقال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر إن العلاقات مع القاهرة مقطوعة منذ ثلاثة عقود بسبب دخول مصر «في طريق ما يسمى السلام مع الكيان الصهيوني عام 1979». لكنه أضاف أن سبب قطع العلاقات كان سببا خاصا، و«لا أريد أن أتحدث فيه كثيرا، لكنني أتمنى أن نحل هذه المشكلات بيننا على خلفية الأوضاع التي تشهدها المنطقة، خصوصا المواضيع المرتبطة بما نسميه السلام في المنطقة».

وقال السفير أماني إن الظروف الموجودة بين البلدين قد تغيرت بعد مرور ثلاثة عقود على قطع العلاقات.. «نرى أن التعاون بين البلدين يأخذ اهتماما كبيرا من جانب إيران ومصر على حد سواء. ونتمنى أن تعود العلاقات بين البلدين في مستقبل ليس ببعيد».

وعما إذا كان هناك أي اتفاق بين البلدين بخصوص الموقف من قطاع غزة، قال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر: «يوجد هناك اهتمامات ومواقف مشتركة بيننا مثل ضرورة رفع الحصار عن القطاع، وإمداده بالمساعدات»، مشيرا مع ذلك إلى اختلاف النظرة المصرية والإيرانية فيما يتعلق بالوضع في غزة، بسبب عدم اعتراف بلاده بإسرائيل، قائلا «نحن ننظر إلى القضية الفلسطينية من زاوية، ومصر تنظر من زاوية أخرى، ولكن هناك نقطة معينة أتمنى أن يكون المصريون مهتمين بها، وهي أن إيران لا تعترف بالكيان الصهيوني ولا بحدوده، ولا تسعى لأخذ موافقته على مرور المساعدات الإيرانية من داخل الحدود البرية والبحرية التي يسيطر عليها».

وتابع موضحا أن موقف بلاده، وفي إطار هذا الموضوع، هو أنها لا ترى إلا معبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة، كمنفذ لإدخال المساعدات الإنسانية الإيرانية، وصولا إلى شعب غزة، تحت إشراف مصر وفي إطار القوانين الدولية والمنظمات الدولية مثل الهلال الأحمر الإيراني والمصري. وقال: «نأمل في إيصال مساعداتنا الإنسانية إلى شعب غزة عبر مساعدة شقيقتنا مصر».

وعن قول القاهرة إن سبب الخلاف مع إيران، رعاية طهران لقاتل الرئيس المصري أنور السادات (خالد الإسلامبولي، عام 1981)، واتهام طهران للقاهرة بأنها استقبلت شاه إيران الذي أطاحت به الثورة الإسلامية (عام 1979)، علق السفير مجتبي أماني بقوله إنه لا يريد التحدث في مثل هذه المواضيع الصغيرة، التي لا يجب أن تؤثر في العلاقات بين بلدين كبيرين.

وعن مستقبل العلاقات الثقافية بين مصر وإيران، بعد أن ترددت أنباء عن منع كل منهما الأخرى من المشاركة في معرضها الدولي للكتاب، في القاهرة وطهران هذا العام، أجاب السفير أماني أن بلاده ترحب دائما بمشاركة فعالة للجانب المصري في معرض الكتاب بطهران. وقال إن بعض الشركات المصرية شاركت مؤخرا في المعرض الدولي هناك. لكنه زاد موضحا أن مصر لديها بعض التحفظات في بعض جوانب العلاقة الثقافية بين البلدين.. «أنا أريد أن أوضح شيئا وهو أن الثقافة مجالاتها كثيرة. إذا كان الجانب المصري تزعجه بعض الأقسام من هذا التعاون الثقافي فيمكن أن نتركها ونركز الاهتمام في المواضيع المشتركة».

وتابع أماني قائلا إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين موجودة، و«هي تتطور طوال الـ13 عاما الأخيرة»، مشيرا إلى أن بلاده لا تريد احتكار التقنية النووية، وأنها «على استعداد لتزويد البلدان الأخرى بهذا العلم.. هذه النية موجودة لدى إيران والتمهيد للتعاون في هذا المجال يمكن أن يحدث مع مصر ومع بعض الدول العربية.

وأضاف رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر أن مواقف القاهرة وطهران مشتركة فيما يتعلق بإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.. «كما يوجد اتفاق بين بلدان المنطقة بهذا الشأن، لكن أقول لكم إن إيران ومصر في طليعة المعارضين لوجود سلاح نووي وأسلحة دمار شامل في المنطقة»، منتقدا تزويد دول غربية لـ«الكيان الصهيوني بالسلاح النووي، الذي أكدته بعض الأخبار في الصحف الأوروبية قبل أيام»، قائلا إن هذا الأمر يعتبر «مسألة هامة تهدد الأمن وتقلب التوازن في المنطقة بأكملها».

وزاد السفير مجتبي أماني بقوله إن قصة سعي إيران لامتلاك سلاح نووي «كذب كبير»، وأرجع سبب انزعاج أميركا وإسرائيل من بلاده إلى «تقدم إيران في المجال العلمي.. وهم يعرفون تماما أن كل الفعاليات والنشاطات النووية في إيران تجري تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية» و«هم يعرفون تماما أنه لا يوجد عند إيران النوايا لامتلاك سلاح نووي».

وعن مخاوف البعض في المنطقة العربية من دور إيران في المنطقة، قال السفير أماني إن بلاده «لا تريد السلطة على البلدان الأخرى»، وأنها «تسعى لعقد اتفاقيات أمنية عسكرية مع بلدان مجاورة»، معتبرا أن هذا «دليل على مواقف ودية من جانب إيران تجاه هذه البلدان»، مشيرا إلى أن المناورات التي تقوم بها إيران بين وقت وآخر هي للرد على التهديدات التي تطلقها أميركا وإسرائيل ضد طهران، وتابع قائلا: «في الواقع عندنا جيش قوي والحرس الثوري قوي»، وعندنا خبرة في الحرب.

وفيما يتعلق بطرح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إنشاء رابطة لدول الجوار العربي، تضم إيران وتركيا، قال السفير أماني إن بلاده «ترحب بكل ما يعتمد على الحوار والتعاون»، وأوضح عن مشكلة الجزر الثلاث التي تشكل محورا للخلاف بين الإمارات وإيران، أن «هذه الجزر (أبو موسى والطنب الصغرى والطنب الكبرى) كانت ضمن مطالب لـ(الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين لوقف حربه على إيران»، و..«ليس معلوما أن صدام (كان) يقصد تسليم هذه الجزر الإيرانية لأي بلد. ثم إنه لا يوجد سوء فهم إلا بالنسبة لجزيرة أبو موسى وهذا طبقا للاتفاقيات الموجودة، وحل سوء الفهم بالنسبة لجزيرة أبو موسى سيتم بالحوار»، قائلا إن «إيران والإمارات لديهما علاقات على مستوى السفراء ولدينا قنصلية في دبي. والعلاقات الاقتصادية على مستوى أعلى بكثير».

وعن الاتهامات الموجهة لإيران بالتدخل في الشأن العراقي، أوضح السفير أماني بقوله إنه بعد الإطاحة بصدام تولى المعارضون العراقيون الذين هم أصدقاء لإيران، حكم البلاد بالطريق الديمقراطي.. «الآن عندنا علاقات متينة وقوية وودية بيننا. وأسألكم هل هذا أحسن أم إن الأحسن كان الحال أيام صدام حسين. أي شخص يريد التعاون والصداقة لا الحرب»، نافيا في الوقت نفسه أي علاقات لبلاده مع تنظيم القاعدة أو حركة طالبان، قائلا إن تفكير «القاعدة» «بعيد جدا عن تفكيرنا الإسلامي» وإن طالبان عملت ضد طهران حين كانت في الحكم، وقتلت تسعة دبلوماسيين في القنصلية الإيرانية في مزار شريف.

وعن الاتهامات التي تتردد بين الحين والآخر بأن إيران تسعى لنشر المذهب الشيعي في المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية، قال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر، إن الذي تسبب في إثارة الكلام حول نشر المذهب الشيعي «وجود خطأ في المفهوم». وضرب مثلا بالعراق قائلا: «لم يغير الشيعة مذهبهم ولم يغير السنة مذهبهم.. الشيء الذي حصل هو أنه بعد الإطاحة بصدام، أخذ الشيعة حقوقهم في الحكم في إطار الديمقراطية، كما حدث في بعض البلدان المجاورة لنا.. وتم أيضا في إطار الديمقراطية من مشاركة الشيعة في مجالس الشورى ثم في مجلس الوزراء».

واختتم السفير مجتبي أماني حديثه قائلا: «إذا نظرنا إلى الدعايات من السنة إلى الشيعة، ومن الشيعة إلى السنة، أقول لك بصراحة إن الحكومة الإيرانية لا علاقة لها بهذا الأمر»، وأن «ما يجب أن نهتم به هو التقريب بين المذاهب، ما يساعد على حل الخلافات الموجودة. وأؤكد أن إيجاد خلاف بين الشيعة والسنة هو مشروع وتخطيط أميركي صهيوني لإضعاف قدرة الإسلام».