انتقادات شديدة في وسائل الإعلام الإسرائيلية للاعتداء على «أسطول الحرية»

رئيس «الموساد» يهاجم أوباما: تحولنا من كنز إلى عبء في نظر أميركا

TT

في الوقت الذي تبحث فيه إسرائيل كيفية صد الهجمة الدولية عليها بسبب عدوانها الدموي على أسطول الحرية، شن الجنرال مئير دغان، رئيس «الموساد»، جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية، هجوما على السياسة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما، وقال في اجتماع للجنة الخارجية والأمن، أمس، إنه «إذا كانت الولايات المتحدة ترى في إسرائيل كنزا في سنوات التسعينات، فإن الإدارة الجديدة في واشنطن باتت تتعامل معها على أنها عبء عليها».

وقال دغان، في لقائه مع لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، التي بحثت في الهبة العالمية ضد إسرائيل بسبب اعتدائها على أسطول الحرية، إن عهد أوباما يتسم بالرخاوة والمهادنة. وهذا يجعل دورها ضعيفا، وتأثيرها قليلا. فلم تعد تدافع عن إسرائيل بحزم وتتهادن مع الدول العربية والأوروبية. ولا تحتمل السياسة الإسرائيلية كما كانت تفعل من قبل، عندما كانت سيدة العالم والشرطي الدولي فيه.

وكان القادة الإسرائيليون قد ذهلوا من الرد العالمي على اقتحام سفينة «مرمرة» وقتل 9 متضامنين مدنيين على الأقل وجرح 43 آخرين على متنها. فقد فاجأهم قرار مجلس الأمن الدولي، فجر أمس (حسب ساعة القدس)، الذي طالب بلجنة تحقيق نزيهة تكشف حقيقة ما جرى وتحاكم المسؤولين عن الاعتداء وفاجأهم أكثر امتناع الولايات المتحدة عن التصويت. وفاجأهم الموقف الأوروبي الإجماعي والحازم ضد هذا العدوان ومن أجل التحقيق.

ووضع المجلس الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية، أمس، على طاولته تقريرا عن هذه الهبة العالمية، ولم يخف الوزراء قلقهم من خطر تشكيل لجنة تحقيق دولية تعيد إلى الأذهان تقرير غولدستون، الذي حقق في الحرب العدوانية الأخيرة على غزة وخرج بالاستنتاج أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب.

كما أعربت الحكومة الإسرائيلية عن قلقها إزاء ردود الفعل الجارفة في إدانتها والخطوات التي اتخذت في تركيا بالذات، وفي مقدمتها إلغاء 3 مناورات عسكرية كانت مقررة للشهرين المقبلين بين الجيشين، وارتفاع أصوات تتحدث عن انتقام تركي من العدوان الإسرائيلي. وقال أحد الوزراء إن تركيا كانت حتى الآن تكتفي بخطاب سياسي حاد ضد إسرائيل، ولكنها واصلت التعاون الأمني والعسكري والشراكة الاقتصادية. واليوم، مع إلغاء هذه التدريبات، يسود الشعور بأن تركيا قد توقف النشاطات السرية في العلاقات بينهما. وقرر المجلس الوزاري وضع خطة جديدة مخالفة لخطة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لصد الهجمة الدولية على إسرائيل، في مركزها اتخاذ خطوات إيجابية في التعامل مع المتضامنين المعتقلين لإطلاق سراحهم باحترام، والتعجيل في نقل حمولة الأسطول البحري من المساعدات إلى قطاع غزة وإدخال مواد أخرى إسرائيلية، وفي موازاة ذلك «كشف الوجه الحقيقي لمنظمة «آي. إتش. إتش» التركية التي نظمت أسطول حرية غزة وفتح ملفاتها كمنظمة مسجلة في الكثير من دول الغرب كمنظمة إرهابية» وكذلك «التذكير بأن هدف هذه المنظمة ليس إغاثة غزة، بل دعم الحكم غير الشرعي لحركة حماس في قطاع غزة».ولكن هذه الإجراءات لم تكف حتى لاقناع الإسرائيليين بصحة موقف الحكومة، صاحبة القرار الأول بمنع أسطول الحرية بالقوة من الوصول إلى غزة، أو بصحة العملية العسكرية نفسها وتدهورها على هذا النحو الذي أدى إلى قتل وجرح عشرات المتضامنين المدنيين.

وظهرت أمس عشرات المقالات في الصحف الإسرائيلية تدين هذه العملية وقرار الحكومة. أحدها بعنوان «أين العقل؟» كتبته محررة الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وآخر بعنوان «ليستقل باراك» في الصحيفة نفسها، ومقال افتتاحي لصحيفة «هآرتس» يدعو إلى إقامة لجنة تحقيق قضائية رسمية ذات صلاحيات لمحاكمة المسؤولين عن هذه العملية الدموية وعنوان صارخ على الصفحة الأولى في الصحيفة يقول «فشل عملية الجيش الإسرائيلي يوقع إسرائيل في ورطة دولية». وخرجت وزيرة التعليم السابقة، البروفسورة يولي تمير، التي اعتزلت الحياة السياسية في حزب العمل فقط في مايو (أيار) الماضي، بالدعوة إلى استقالة باراك من قيادة حزب العمل وإعادة النظر في وجود هذا الحزب في الائتلاف الحكومي والتوصل إلى قرار بالانسحاب من الحكومة أو بتشكيل ائتلاف حكومي جديد يضم 3 أحزاب هي: الليكود، والعمل، و«كديما»، والتخلص من اليمين المتطرف في الحكومة.