مجلس الأمن يطالب بإجراء تحقيق محايد وشفاف حول الهجوم الإسرائيلي

ميدفيديف يدين القرصنة الإسرائيلية * كي مون يدعو إلى رفع الحصار عن غزة * برلمان الكويت يدعو للانسحاب من مبادرة السلام العربية

فلسطينيون يحملون مجسم سفينة في تظاهرة في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

تواصلت ردود الفعل الدولية والعربية أمس إزاء هجوم «الفجر الدامي» الذي نفذه أول من أمس كوماندوز إسرائيلي على «أسطول الحرية» الذي كان متوجها إلى قطاع غزة محملا بالمساعدات الإنسانية. وطالب مجلس الأمن أمس بإجراء تحقيق حول الهجوم العسكري الإسرائيلي، وبالإفراج الفوري عن السفن والمدنيين المعتقلين.

ودعا مجلس الأمن إلى «البدء بلا تأخير في تحقيق محايد يتمتع بالمصداقية والشفافية ويتطابق مع المعايير الدولية»، وذلك في بيان قرأه باسمه رئيسه خلال يونيو (حزيران)، سفير المكسيك، كلود هيلير.

وفي جنيف، بدأ مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس مناقشة حول الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية.

وقال دبلوماسيون إنه من المحتمل أن يتم اليوم (الأربعاء) إجراء تصويت على مشروع قرار يدعو إلى تشكيل بعثة تقصي حقائق دولية.

واعتبرت حركة حماس أن قرار مجلس الأمن المندد بالهجوم «منقوص ولا يحل المشكلة».

وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري، في تصريح صحافي مكتوب إن «المطلوب من مجلس الأمن هو إصدار قرار دولي ملزم للاحتلال برفع الحصار عن قطاع غزة لأن جوهر المشكلة هو الحصار».

وفي كمبالا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إسرائيل إلى رفع الحصار الذي تفرضه على غزة، مشددا على أنه لو كانت إسرائيل استجابت للنداءات الدولية في هذا الصدد لما وقع الهجوم على قافلة المعونة المتوجهة إلى القطاع.

وقال كي مون لـ«رويترز» أمس: «لو كانت الحكومة الإسرائيلية استجابت للنداءات الدولية ولدعوتي الملحة والقوية والمتواصلة إلى رفع الحصار عن غزة لما حدث هذا».

وفي موسكو، أكد الرئيس ديمتري ميدفيديف من جديد إدانة بلاده للقرصنة الإسرائيلية. وأشار ميدفيديف في المؤتمر الصحافي الذي عقد بمناسبة اختتام أعمال قمة «روسيا - الاتحاد الأوروبي»، في مدينة روستوف على الدون الروسية إلى أنه لا يرى مبررا لمصرع الذين فقدوا حياتهم نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي، وطالب بإجراء تحقيق شامل دقيق لتقصي كل ملابسات الحادث.

ومن جانبه، أعلن هيرمان فان رومبي، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد يطالب بسرعة إجراء التحقيقات اللازمة، مؤكدا ضرورة ضمان حرية انتقال المواطنين والسلع من وإلى قطاع غزة، معربا عن أسفه لضحايا ذلك الحادث، على حد تعبيره.

وفي بروكسل، ذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن آشتون قالت لرئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض أمس إنها «تعتزم تكثيف الجهود» من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة.

وجاءت تصريحات آشتون خلال مكالمة هاتفية مع فياض. واقترحت آشتون أن يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس غزة، وقالت لفياض إنها تعتزم لقاءه أثناء زيارته لبروكسل منتصف يوليو (تموز) المقبل.

وفي بروكسل أيضا، عقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) اجتماعا طارئا أمس لبحث الهجوم العسكري الإسرائيلي.

وقالت متحدثة باسم الحلف إنه تم استدعاء سفراء الدول الأعضاء في الحلف، وعددهم 28 دولة، لحضور الاجتماع. وأضافت: «لا نسميه اجتماعا طارئا، لكنه لن يدور أيضا حول الجلسة الأسبوعية الروتينية».

وفي لندن، أعلنت الحكومة البريطانية أمس أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، دعا إسرائيل إلى إبداء رد «بناء» على «النقد المشروع» الموجه إليها على خلفية الهجوم على «أسطول الحرية». وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن كاميرون وصف الهجوم الإسرائيلي على الأسطول بأنه «غير مقبول»، وذلك في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أول من أمس. وفي نيس، دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك على هامش القمة الفرنسية - الأفريقية في نيس. وقال: «هذه الكارثة كانت متوقعة» .

كما أعلن ساركوزي عن مبادرة مشتركة مع الولايات المتحدة تعمل خلالها الدولتان معا لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال: «يجب أن يتحدث كل منهم مع الآخر بصورة مباشرة». وأضاف أنه حان الوقت لأن يصبح سياسيو المنطقة رجال دولة حقيقيين ويعملوا على إنهاء الصراع.

وفي برلين، وجهت نائبتان من البرلمان الألماني (بوندستاج)، كانتا على متن «أسطول الحرية» المتضامن مع غزة، انتقادات حادة لإسرائيل عقب عودتهما إلى ألمانيا. واعتقلت السلطات الإسرائيلية النائبتين (حزب اليسار) مع مئات من النشطاء. وقالت النائبة إنجه هوجر في برلين أمس: «لقد كنا نشعر أننا في حرب ومخطوفين». ووصفت زميلتها أنيته جروت الهجوم بـ«العمل البربري».

وفي روما، ذكر مسؤولون إيطاليون أن إسرائيل تحتجز ستة مواطنين إيطاليين كانوا ضمن «أسطول الحرية».

وقال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إنه يأمل في إطلاق سراح المجموعة «في أقرب وقت ممكن».

وفي طهران، اتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس في خطاب بثه التلفزيون، إسرائيل بالتخطيط «لهجوم واسع» على قطاع غزة، مؤكدا أن ذلك سيؤدي إلى «عاصفة غضب في المنطقة ستجتث» إسرائيل، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وقال أحمدي نجاد: «لدينا معلومات محددة أنهم (الإسرائيليون) خططوا لهجوم كثيف ضد غزة للتعويض عن إخفاقاتهم الماضية»، وأضاف مخاطبا الإسرائيليين: «أحذركم. هذه المرة إذا ارتكبتم جريمة ضد غزة، فإن عاصفة الغضب في المنطقة ستجتثكم».

وحمل نجاد الولايات المتحدة وحلفاءها مسؤولية الهجوم المميت الذي شنته القوات الخاصة الإسرائيلية.

وقال نجاد في مدينة إيلام بغرب إيران إن «أميركا وحلفاءها يتحملون جزءا من المسؤولية عن تلك الجريمة بسبب تهاونهم المستمر حيال الجرائم الصهيونية»، وأضاف أن «تكرار مثل تلك الجرائم سوف يخضع الغرب للمحاكمة بتهمة إهانة البشرية»، وقال إن «الموقف الغامض وغير الواضح لأميركا يثبت مرة أخرى أن واشنطن تريد تجنب إبداء رد فعل واضح» تجاه ما سماه الجرائم الإسرائيلية.

وفي عمان، عرضت الحكومة الأردنية أمس التوسط في إعادة مئات الناشطين الذين تحتجزهم إسرائيل. وأمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الحكومة أمس الثلاثاء بالبدء فوريا بالعمل على نقل جرحى الهجوم الإسرائيلي على سفن أسطول الحرية إلى الأردن، وتوفير كل ما يلزمهم من علاج ورعاية.

وقال بيان للديوان الملكي الأردني إن الملك عبد الله الثاني أمر الحكومة أيضا بالتنسيق مع جميع الدول التي لها رعايا على متن السفن التي تعرضت للهجوم من أجل نقل رعاياهم إلى المملكة وتأمين وصولهم سالمين إلى بلدانهم، كما وجه الحكومة إلى تسيير قوافل جديدة من المساعدات الغذائية والإنسانية والدوائية الأردنية إلى قطاع غزة، عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية التي تتولى إرسال المساعدات إلى غزة منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل أكثر من عام.

وقال نبيل الشريف وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن سبع دول على الأقل وهي الكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والمغرب والجزائر وباكستان، طلبت حتى الآن مساعدة الأردن لإعادة مواطنيها الذين كانوا ضمن 600 ناشط من 32 دولة على متن قافلة السفن، وأضاف الشريف أن وزارة الخارجية تنسق مع جميع البلدان التي لها مواطنون محتجزون في إسرائيل لضمان إجلاء مواطنيهم إلى الأردن، وتقديم الرعاية الطبية للجرحى، واتخاذ الترتيبات اللازمة لإعادتهم إلى بلدانهم.

وفي الكويت أقر البرلمان توصية غير ملزمة للحكومة، بأغلبية 32 صوتا ضد 6 أصوات، تدعو الحكومة إلى الانسحاب من مبادرة السلام العربية، وذلك بعد اجتماع طارئ للمجلس. وقال وزير الاتصالات الكويتي، محمد البصيري، بعد الاجتماع، للصحافيين إن الحكومة ستتعامل بإيجابية مع التوصية. كما دعا المجلس الدول العربية والإسلامية التي لها علاقات مع إسرائيل إلى تعليقها.

وفي بيروت، تصدر الهجوم الإسرائيلي اهتمام القيادات السياسية والدينية، كما عمت الإضرابات والاعتصامات معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان، بينما أفيد أن قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان تسلمت من القوات الإسرائيلية البعثة اللبنانية التي كانت في عداد «أسطول الحرية» عند نقطة الناقورة.

من جهته، تناول الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اتصال أجراه مع نظيره التركي عبد الله غل، المجزرة الإسرائيلية وقدم له التعازي في الضحايا الأتراك.

وفي الرياض، عبر مجلس الشورى السعودي، عن إدانته الشديدة للمجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية أمس، ووصف المجلس هذا العدوان بأنه خطير، ومن شأنه تأجيج الصراع في المنطقة، فضلا عن أنه يعكس الممارسات غير الإنسانية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي وإمعانها في قتل الأبرياء، وتحديها السافر للعالم كله، وللقانون الدولي وإصرارها على تجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وفي القاهرة، دعت ليبيا، التي تترأس القمة العربية الحالية إلى مبادرة لجمع العرب حول مواقف عملية وجادة بشأن ما حدث من إسرائيل. وقال عبد المنعم الهوني، مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط»: يجب أن يكون على جدول أعمال القمة الاستثنائية المقبلة المطالبة بتحويل الأرصدة والاستثمارات العربية كافة إلى تركيا واليابان والدول الآسيوية، التي لديها مواقف معتدلة مع العرب»، مطالبا باتخاذ موقف إزاء «القواعد الأميركية في الدول العربية».

ومن جانبه، حث سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد القذافي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بلاده على سرعة التحرك لوقف القرصنة الإسرائيلية، كما حث الشعب الليبي على الخروج في مسيرات، تعبيرا عن استنكار الهجوم.