الصحف الغربية تنتقد رد فعل إسرائيل.. وبعضها يبرره

بين القلق من آثار الحادث والعطف على الضحايا

TT

تعددت ردود الفعل في الإعلام الأميركي على العملية التي شنتها قوات البحرية الإسرائيلية على ناشطي الباخرة التركية الإنسانية المتوجهة إلى غزة، وانقسمت الآراء بين مؤيد لإسرائيل وناقد لها. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن الكوماندوز الإسرائيليين الذين نزلوا في السفينة التركية «لم يكونوا مستعدين لما سيحدث لهم: عشرات من المتطرفين بسكاكين وعصى حديدية». وقالت إن ما حدث يعتبر «هزيمة دبلوماسية» لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وإن ما قامت به إسرائيل كان «مضللا ولم ينفذ بصورة مقبولة».

غير أن افتتاحية الصحيفة قالت: «لا نعطف على نوايا المسافرين في القافلة البحرية. وهم إما أوروبيون عاطفون على الرأي الفلسطيني أو إسرائيليون عرب أو أتراك متطرفون. وإن هؤلاء، أكثر من مساعدة الفلسطينيين، كانوا يريدون التحرش بإسرائيل».

وقالت افتتاحية صحيفة «نيويورك بوست» إن «الإسلام المتطرف» وراء ما حدث قبالة ساحل غزة. وأضافت: «تسمى قافلة سلام، ولم تكن قافلة سلام. كانت سلاحا ضد إسرائيل في أيدي الإسلام المتطرف بهدف الإساءة إلى إسرائيل، وإلحاق الأذى بها. وأيضا بالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط». وأضافت: «إذا كانت القافلة الإرهابية وصلت إلى غزة، كانت ستضع نهاية لحصار إسرائيل على الدويلة الإرهابية التي تسمى غزة بعد أن سيطرت عليها منظمة حماس الإرهابية قبل خمس سنوات».

غير أن افتتاحية صحيفة «بوسطن غلوب» قالت إن الحكومة الأميركية يجب أن تدين الهجوم الإسرائيلي. وأضافت: «يجب أن تدين الحكومة الأميركية الهجوم الإسرائيلي، ولكن بهدف تحريك عملية السلام. يريد حلفاؤنا في الشرق الأوسط من الرئيس أوباما أن ينضم إلى المجتمع الدولي الذي أدان إسرائيل. ونحن نؤيد ما يريدون. كان الهجوم العسكري على مدنيين في مياه دولية عملا متحرشا».

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن الموقف الرسمي الأميركي الذي أشار إلى «القلق» على ما حدث، وإلى «العطف» على الضحايا والجرحى، وتحاشى «الإدانة» يدل على الخوف من إغضاب إسرائيل وأصدقائها في الولايات المتحدة، وخاصة في الكونغرس. وإن التوتر الأخير في العلاقات بين أميركا وإسرائيل، وخاصة بين أوباما ونتنياهو، وضع أوباما في موقف صعب لا يقدر فيه على انتقاد إسرائيل خوفا من أن يتهمه أصدقاء إسرائيل بأنه انحياز ضد إسرائيل انحيازا كثيرا. وأشار هؤلاء إلى غضب أصدقاء إسرائيل على إدارة أوباما لأنها، قبل أسبوع، صوتت مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أشار إلى الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل. وقبل ذلك، قابل أوباما نتنياهو مقابلة باردة في المكتب البيضاوي، ورفض التقاط صورة رسمية مشتركه لهما. وقبل ذلك، كرر أهمية تجميد المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية.

وكتب جاكسون ديل، معلقا في صحيفة «واشنطن بوست»: «عقد أوباما سياسته بنفسه، وعقد مساعي الوصول إلى حل، وأغضب مؤيدي إسرائيل في الكونغرس وفي الحزب الديمقراطي».

ونقلت إذاعة «صوت أميركا» الحكومية أن «إدانة إسرائيل القوية تحدث في كل العالم، بينما قال البيت الأبيض إنه يأسف على القتلى والجرحى».

وفي بريطانيا، تصدر الخبر معظم الصفحات الأولى للصحف الصادرة أمس. وانتقدت معظم الصحف أيضا رد فعل إسرائيل. وكتبت صحيفة الـ«ديلي تليغراف» اليمينية، تحت عنوان «الهجوم على سفن غزة: توقيت سيئ لإسرائيل»، أن إسرائيل تحت قيادة رئيس وزرائها «المزعج» بنيامين نتنياهو اكتسبت مهارة جديدة وهي اختيار التوقيت السيئ. وقالت الصحيفة إن المبررات الإسرائيلية لن تنجح هذه المرة في التصدي للاتهامات الموجهة لها بأنها دائما ما تلجأ إلى رد فعل مبالغ فيه وهي الاتهامات التي تكررت على مدى السنوات الماضية. ورأت الصحيفة «أن العواقب الدبلوماسية المترتبة على وقوع الاعتداء الأخير ستكون وخيمة فرد فعل العالم العربي يمكن تنبؤه إلا أن المثير للقلق هو علاقة إسرائيل بتركيا أقرب دولة مسلمة، فالعلاقات قد توترت بالفعل وربما سيكون من الصعب إعادة إحياء هذه العلاقات. أما الولايات المتحدة وأوروبا ستكون أكثر حذرا في رد الفعل على الأقل حتى تتضح الحقائق ولكن قد يشارك بعض الدبلوماسيين روسيا رأيها أن العملية تمثل انتهاكا صريحا للقانون الدولي». وكتب روبرت فيسك في صحيفة الـ«إندبندنت» المستقلة مقالا بعنوان «قادة الغرب أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح». وقال إن «الحقيقة في الوقت الحالي هي أن أشخاصا عاديين أو ناشطين أو سمهم كما تريد هم من يتخذون القرارات لتغيير الأوضاع». وتساءل: «هل بعد حرب غزة وحرب لبنان وحتى الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة من الممكن أن يقبل العالم مزيدا من السيادة الإسرائيلية؟» وأجاب: «لا تفكر كثيرا فيكفي أن ترى البيان الصادر عن البيت الأبيض لتعرف الإجابة، فإدارة أوباما قالت إنها (ستعمل على فهم الملابسات المحيطة بالحادث المأساوي) ولم تصدر كلمة إدانة واحدة بحق إسرائيل، عشر جثث جديدة أضيفت إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط».

وكتبت صحيفة الـ«غارديان» اليسارية مقالا بعنوان «إسرائيل تظهر وجهها الحقيقي» وفي بدايته تساءلت كاتبة المقال أهداف سويف: «هل يمكن أخذ كل هذا بعين الاعتبار في إشارة للهجوم الإسرائيلي على أسطول زوارق الإغاثة في المياه الدولية واقتحام فرقة كوماندوز لسفينة تحمل إمدادات للسكان المدنيين المحاصرين في غزة ومقتل أكثر من 10 من نشطاء السلام؟». ثم أجابت «بالطبع يجب أخذ كل هذا بعين الاعتبار».

وقالت الكاتبة إن الضحايا انضموا إلى قائمة نشطاء السلام الذين ضحوا بحياتهم لمساعدة الفلسطينيين مثل راشيل كوري وتوم هيرندال وجيمس ميلر وبريان أفيري ولكن هؤلاء لم يذهبوا راغبين في الموت أو قبلوا أن يموتوا، فكل واحد منهم اعتقد أنه سيكون بأمان ما دام هناك حدود نسميها الحدود الشرعية وحدود الحضارة لن تستطع إسرائيل تخطيها، ولكنهم كانوا مخطئين ولإثبات أنهم على خطأ كشفت إسرائيل مرة أخرى عن وجهها الحقيقي للعالم. وأضافت أن «هذا الوجه ليس بجديد على الفلسطينيين وهم يرونه كل يوم منذ أن كانوا صغارا..».