انتخابات الشورى المصرية: إقبال ضعيف وأجواء مشحونة بالعنف

الإخوان استبقوا النتيجة بالطعن في نزاهتها * اللجنة العليا للانتخابات: «سارت بانتظام»

صندوق اقتراع في أحد المراكز التي أعدت لانتخابات مجلس الشورى المصري التي جرت أمس ( إ.ب.أ)
TT

الإسكندرية: أحمد صبري بورسعيد: يسري محمد

* وسط إقبال ضعيف وفي أجواء مشحونة بالعنف شهدت سقوط جرحى، اقترع المصريون أمس على انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، وهي الانتخابات التي تعتبر، مع انتخابات مجلس الشعب في الخريف المقبل، مقدمة لانتخابات الرئاسة عام 2011. واستبقت جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبر التيار المعارض الرئيسي في البلاد، إعلان نتيجة الشورى المقرر إعلانها اليوم (الأربعاء)، وطعنت في نزاهتها أمام القضاء، قائلة إنها شهدت تدخلا من قبل السلطة التنفيذية، فيما شهد الكثير من اللجان الانتخابية اشتباكات بين الشرطة وأنصار مرشحي الجماعة الذين خاضوا الانتخابات كمستقلين تحت شعار «الإسلام هو الحل».

وتنافس في انتخابات أمس 439 مرشحا على 74 مقعدا في 27 محافظة، ومن المتوقع أن يحصل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك، على غالبية المقاعد، على الرغم من التقارير المبدئية التي أصدرتها عدة جمعيات حقوقية تراقب الانتخابات قالت فيها إنها جرت وسط إقبال من الناخبين تراوح بين الضعيف والمتوسط في معظم الدوائر، وجاءت بعض التقارير تحت عناوين مثل «انتخابات بدون مندوبين»، و«وقوع انتهاكات» إلا أن المستشار انتصار سليم رئيس اللجنة العليا للانتخابات أعلن أمس أن العمل بداخل اللجان سار في انتظام تام، وأن اللجنة لم تتلق شكاوى تذكر تتعلق بسير العملية الانتخابية.

وقال مرشحون في وقت لاحق أمس إنهم انسحبوا من العملية الانتخابية، بسبب التلاعب فيها من قبل الشرطة والحزب الحاكم، وأعلن مرشحان لحزب الغد وجماعة الإخوان بمحافظة البحيرة (شمال غربي القاهرة)، هما عبد المالك صقر ومحمد الزيات، انسحابهما من العملية الانتخابية، قبل انتصاف يوم الاقتراع أمس، فيما تحدثت أنباء عن انسحابات من جانب مرشحين معارضين في دوائر أخرى، اعتراضا على «تزوير وتسويد صناديق انتخابية» لصالح مرشحين عن الحزب الحاكم.

كما شهد العديد من الدوائر أعمال عنف، من بينها الدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة، عندما أصيب اثنان فيها، هما شرطي وناخب (من أنصار مرشحي الإخوان) يدعى ياسر عرابي في إطلاق للنار، وبينما اتهمت الجماعة قوات الأمن، ردت المصادر الأمنية بقولها إن أنصارا للمرشح الإخواني هم من بدأوا بإطلاق أعيرة نارية بهدف ترويع مؤيدي المرشحين المنافسين.

وفي شمال ووسط سيناء (شمال شرقي القاهرة) أفادت مصادر الشرطة أن عناصر أطلقت النار أمام مقر لجنة انتخابية بمنطقة وادي العمرو. وفي وسط سيناء أفاد مرشحون أن عددا كبيرا من المواطنين قاموا بإغلاق لجان انتخابية عنوة بعد طرد رؤساء هذه اللجان المشرفة على الانتخابات، اعتراضا على ما قالوا إنه «إجبار الأجهزة الأمنية سائقي السيارات الخاصة على نقل الصناديق الانتخابية، إلى مقار اللجان الانتخابية». وأضافت مصادر بدوية بوسط سيناء لـ«الشرق الأوسط» أن «إجراءات الأمن تسببت في حالة من الاحتقان بين البدو».

وفي محافظة بورسعيد، على قناة السويس، قالت مصادر أمنية إنه تم إلغاء نتائج 14 صندوقا في ثلاث لجان بعد ثبوت قيام عناصر من الشرطة بعمليات تزوير بها. وأمر اللواء صلاح البرادعي مدير أمن بورسعيد بإلغاء جميع البطاقات التي تم تسويدها لصالح مرشحي الحزب الوطني، والتي يبلغ عدد أصواتها 12200 صوت في تلك اللجان، وتكليف ضابط شرطة بمديرية أمن بورسعيد بالتحفظ عليها وتسليم رؤساء اللجان ملفات جديدة تم فتحها أمام المرشحين المستقلين في ظل عدم وجود مندوبين لهم في اللجان.

وفي محافظة الغربية (وسط الدلتا) قالت الشرطة إن المرشح الإخواني عبد الحليم إبراهيم عبد الرحمن قام وبصحبته 15 من العناصر الإخوانية باقتحام مقار اللجان الانتخابية بمدرسة كفر جعفر الإعدادية بكفر الزيات وقاموا بكسر ثلاثة من صناديق الاقتراع والاستيلاء على عدد من بطاقات إبداء الرأي من داخل الصناديق قبل هروبهم.

وأضافت مصادر الشرطة أن المرشح المستقل محمد الشافعي بدائرة المنزلة بمحافظة الدقهلية تعدى وبصحبته نحو 200 من أنصاره على مقار اللجان وقاموا بكسر صناديق الاقتراع وتسديد بعض بطاقات إبداء الرأي لصالح المرشح المذكور والاستيلاء على بعض البطاقات السابق تسديدها بمعرفة الناخبين وإشعالهم النيران بمقر لجنة مدرسة الستايتة، وفروا هاربين. موضحا أنه تم إخطار اللجنة العليا للانتخابات وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وجار ضبط مرتكبي الواقعتين.

وفي الإسكندرية (شمال غرب) أصدرت محكمة القضاء الإداري 3 أحكام جديدة بوقف إجراء الانتخابات أو إعلان أية نتائج في ثلاث دوائر بعد أن قُبلت طعونهم ضد السلطات المشرفة على الترشيح، لكن الحزب الحاكم أعلن فوزه بالتزكية في خمسة مقاعد من إجمالي سبعة مقاعد بالمحافظة.

ورغم صدور حكم قضائي بوقف الانتخابات بدائرة المنتزه التي كان يشغل مقعدها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، فقد أجريت الانتخابات، وسط شكاوى من القيادي البارز بالحزب الحاكم محمد عبد اللاه من منع قوات الأمن أنصاره من الوصول لمقار الانتخاب. كما اعتبر حسين إبراهيم مرشح الجماعة في الدائرة نفسها إجراء الانتخابات بأنه باطل لأنه سبق حصوله على حكم قضائي بوقف الانتخابات في دائرة المنتزه. ومنذ فتح أبواب اللجان أمام المقترعين بث الموقع الرسمي للإخوان أنباء عن منع مندوبيهم من دخول مقار اللجان الانتخابية ومنع الناخبين من التصويت في مختلف المحافظات المصرية، وأعلنت الجماعة بعد سبع ساعات على بدء التصويت، تقديمها طعنًا أمام المحكمة الإدارية العليا لوقف انتخابات الشورى نتيجة ما سمته «التجاوزات التي شهدتها».

ومن جهته، قال الدكتور محمود عزت، نائب مرشد الإخوان، إن «ما حدث في انتخابات الشورى أسوأ أنواع البلطجة والتزوير.. والنزعة الإيجابية التي تحلى بها المواطنون فضحت النظام في زمن لم يعد من الممكن فيه إخفاء الحقائق». وأضاف عزت لـ«الشرق الأوسط» أن «الإخوان سيناضلون دفاعا عن حقهم وهم مستمرون في كشف ما حدث ويحدث من انتهاكات فاضحة وصلت إلى حد إطلاق الرصاص على الناس في حوش عيسى بمحافظة البحيرة وإصابة أحد أنصارنا برصاصة أدت إلى كسر في عظمة الفخذ وهو الآن يتلقى العلاج».

وتابع عزت «التزوير تم في كل الدوائر باستثناء دائرة واحدة في دمياط (191 كلم شمال القاهرة) بها مرشح مستقل ولا تشهد حضورا إخوانيا». لكن المستشار انتصار نسيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أعلن أن الانتخابات جرت بصورة طبيعية ومنتظمة ووفقا لتعليمات اللجنة، حيث توجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع منذ الصباح الباكر وحتى الساعة السابعة مساء، مشيرا إلى أنه حدثت بعض المشادات المحدودة في عدد من اللجان الانتخابية بين مؤيدي بعض المرشحين المتنافسين إلا أنها لم تؤثر على سير العملية الانتخابية أو انتظامها. وأوضح المستشار نسيم أنه بسبب حدة المنافسة بين المرشحين في بعض الدوائر وقعت احتكاكات فيما بين مؤيديهم، حيث قام بعض أنصار المرشحين باقتحام دائرتين انتخابيتين في دائرة بسيون بمحافظة الغربية، وقام آخرون باقتحام دائرتين انتخابيتين في الدقهلية، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ النيابة العامة عن تلك الأحداث والتي باشرت التحقيق فيها على الفور.