مقتل أبو اليزيد الرجل الثالث في القاعدة بضربة صاروخية شمال وزيرستان

أصوليون لـ «الشرق الأوسط»: محاسب بن لادن ومصدر ثقته.. وضمن القتلى زوجته و3 من بناته وحفيدته وعدد من الجيران.. وإعلان اسم خليفته خلال أيام

أبو اليزيد المصري في أحد أشرطة «سحاب» الذراع الإعلامي للقاعدة (أ.ف.ب)
TT

قال مسؤولون أميركيون إنه يعتقد أن القيادي الثالث في تنظيم القاعدة الشيخ سعيد المصري (المحاسب)، المعروف أيضا باسم مصطفى أبو اليزيد الذي تمتد مسؤولياته من العمليات إلى جمع الأموال، قتل في الآونة الأخيرة في ضربة جوية صاروخية على المناطق القبلية في باكستان. ونعت «القاعدة» في بيان على الإنترنت أبو اليزيد (56 عاما) ووصفته بأنه صاحب سيرة جهادية ناصعة امتدت لأكثر من 22 عاما. ولم يفض بيان نعي «القاعدة» لأبو اليزيد في ذكر وقائع العملية التي أودت بحياته وحياة أفراد أسرته، لكنه أشار إلى مقتل رجال ونساء وأطفال آخرين في العملية. وكانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.أيه» قد كثفت من هجماتها بطائرات من دون طيار مستهدفة المستوى الرفيع من قيادات «القاعدة» وحركة طالبان وكذلك مقاتلين أدنى درجة غير معروفين إلى حد كبير.

وقال مسؤول أميركي أول من أمس إن أبو اليزيد، وهو مصري الجنسية، كان يعتبر على نطاق واسع القيادي الثالث في تنظيم القاعدة وقناة الاتصال الرئيسية مع زعيم التنظيم أسامة بن لادن.

وقال المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه: «لدينا سبب قوي يدعونا إلى الاعتقاد.. أن المصري قتل في الآونة الأخيرة في المناطق القبلية لباكستان».

وأضاف بقوله: «من منظور مكافحة الإرهاب سيكون هذا نصرا كبيرا». وذكر أن أبو اليزيد كقائد لعمليات «القاعدة» كان له يد في كل شيء من الشؤون المالية إلى تخطيط العمليات. وقال مسؤول أمن باكستاني إن قناة الاتصال الرئيسية مع زعيم التنظيم أسامة بن لادن قتل على الأرجح خلال ضربة صاروخية لمنطقة وزيرستان الشمالية ليل 21 مايو (أيار).

وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: «وصلنا تقرير في ذلك الوقت عن مقتل عربي في تلك الغارة مع عدد من أفراد أسرته وأعتقد أنه كان على الأرجح هو». واستهدف الهجوم منزلا يملكه رجل قبلي على بعد نحو 25 كيلومترا إلى الغرب من ميران شاه البلدة الرئيسية في منطقة وزيرستان الشمالية، وهي معقل لمتشددي «القاعدة» وطالبان على الحدود الأفغانية. وقال مسؤولو مخابرات في ذلك الوقت إن ستة متشددين قتلوا، لكن السكان قالوا إن 12 قتلوا من بينهم أربع نساء وطفلان. وذكر السكان أيضا أن ست نساء وطفلين عولجوا في مستشفى ميران شاه.

وفي وقت سابق من أول من أمس قالت جماعة «سايت»، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها وتراقب المواقع الإسلامية، إن «القاعدة» أعلنت في بيان عن موت المصري في موقع على الإنترنت.

وقال البيان: «نزف إلى أمتنا الإسلامية نبأ استشهاد قائد من قادتها وأمير من أمرائها المسددين وهو مصطفى أبو اليزيد القائد العام لتنظيم قاعدة الجهاد في أفغانستان». وجاء في البيان أنه إضافة إلى المصري قتلت أيضا زوجته وثلاث من بناته وحفيدته ورجال آخرون ونساء وأطفال.

وذكرت «سايت» أن المصري كان قائدا لـ«القاعدة» في أفغانستان وأن آخر بيان معروف له صدر في الرابع من مايو لتأبين قادة كبار قتلوا في العراق. وقال المسؤول الأميركي إنه يعتقد أن المصري قتل في وقت سابق من شهر مايو لكنه لم يحدد تاريخا.

وصرح ليون بانيتا مدير «سي.آي.أيه» بأن الهجمات التي استهدفت «القاعدة» في المناطق القبلية في باكستان اضطرت بن لادن وزعماء آخرين إلى الاختباء أكثر، مما جعل التنظيم غير قادر على التخطيط لعمليات كبيرة. لكن البيت الأبيض الأميركي حذر الأسبوع الماضي من «مرحلة جديدة» خطيرة من تهديدات الإرهاب، مشيرا إلى المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب أميركية يوم عيد الميلاد وأيضا محاولة فاشلة أخرى لتفجير سيارة ملغومة في ساحة «تايمز سكوير» بمدينة نيويورك الأميركية في وقت سابق من شهر مايو. وذكر مسؤول كبير بالمخابرات في إسلام آباد أن الرجل الثالث في «القاعدة» كان أخطر منصب في التنظيم. وقالت المفوضية الأميركية، التي حققت في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، إن المصري هو قائد «القاعدة» في أفغانستان وأكبر مسؤول عن شؤونها المالية وإنه كان بناء على ذلك مسؤولا عن إنفاق كل أموال «القاعدة»، مما يجعله محل ثقة التنظيم ومن أبرز قادته. كما كان المصري عضوا مؤسسا لجناح الرجل الثاني في «القاعدة» أيمن الظواهري، الجهاد الإسلامي في مصر، وهي من الجماعات الأولى التي اندمجت مع «القاعدة». وقضى المصري فترة في السجن مع الظواهري في أعقاب اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981. وأمس، نعى عدد من أبناء الحركة الأصولية بلندن أبو اليزيد، ونعى «المرصد الإسلامي» في بيان، تلقته «الشرق الأوسط»، مصطفى أحمد محمد عثمان أبو اليزيد، الذي قضى نحبه وزوجته وثلاث من بناته وحفيدته ورجال ونساء وأطفال من جيرانه، بحسب مسؤول المرصد أبو عمار المصري. وأوضح المرصد الإسلامي، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم: «أن أبو اليزيد من محافظة الشرقية بمصر من مواليد عام 1955 وحاصل على بكالوريوس التجارة من جامعة الزقازيق واشتهر باسم الشيخ سعيد المحاسب، وكان زاهدا حريصا على وحدة الصف».

وقال ياسر السري لـ«الشرق الأوسط» إن أبو اليزيد أحد المطلوبين الـ14 لأجهزة الأمن في مصر، وأوضح السري لـ«الشرق الأوسط» أن أبو اليزيد من أهل الثقة في أداء عمله، مما جعله يحوز ثقة بن لادن الذي ائتمنه على المحاسبة المالية لشركاته في السودان، وبينها شركة تدعى «العقيق».

وأضاف السري أن أبو اليزيد ذهب إلى أفغانستان عام 1988، ولم يكن محسوبا على أي تنظيم جهادي في ذلك الحين، مشيرا إلى أن أبو اليزيد الذي عرف باسم (الشيخ سعيد) كان عضوا في مجلس شورى «القاعدة» لسنوات قبل أن يتبوأ موقع الصدارة والمسؤولية في أفغانستان. وكشف السري، الصادر ضده حكم بالإعدام والسجن المؤبد غيابيا في مصر، أن أبو اليزيد كان ضمن قائمة وقع عليها الرئيس بوش عام 2002 وتتعلق بتجميد أرصدة 27 من الجماعات وبعض الأفراد بتهمة مساندة الإرهاب، ورقمه 15 على هذه القائمة الأميركية. ولكن أخطر ما كشفه السري هو أن أبو اليزيد هو نفسه الشيخ سعيد الذي كان مسؤولا عن تمويل عملية 11 سبتمبر. وقد سافر أبو اليزيد أو الشيخ سعيد إلى قطر ثم إلى دبي لمتابعة الجوانب المالية لعملية 11 سبتمبر. ووفقا لمكتب المباحث الأميركية، فإن أبو اليزيد هو الذي حول الأموال عن طريق دبي إلى محمد عطا ومروان الشحي ووائل الشهري، وهم ثلاثة من خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأميركية.

إلى ذلك، كشف الدكتور هاني السباعي مدير مركز «المقريزي» بلندن في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، أمس، أن إعلان اسم خليفة أبو اليزيد من الأفغان العرب سيكون في غضون أيام، وتوقع أن يصدر الظواهري نائب بن لادن أو كلاهما بيانا ينعيان فيه أبو اليزيد خلال فترة قصيرة.

وقال إن أبو اليزيد كان مع بن لادن عندما أجبرت حكومة السودان الأفغان العرب وقادة المجاهدين وعوائلهم على مغادرة العاصمة الخرطوم، حيث رجعوا مرة أخرى إلى أرض الجهاد في أفغانستان وهناك استقبلهم يونس خالص وجلال الدين حقاني وقادة المجاهدين الأفغان وكانت طالبان في بداية ظهورها فرحبت بهم وآوتهم».

ويقول الإسلامي المصري السباعي لـ«الشرق الأوسط» أبو اليزيد ابنته الكبرى تسمى شيماء، وإحدى بناته تسمى جهاد، وهي زوجة لمحمد ابن الدكتور عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية المحتجز في أميركا. وكان محمد قد اعتقل في أفغانستان عقب التدخل الأميركي نهاية عام 2001، ثم سلم للأميركيين، وأرسل إلى غوانتانامو، وبعد سنوات سلم للسلطات المصرية وأودع سجن طرة. ويضيف الإسلامي المصري: «أن أبو اليزيد على الرغم من أنه القائد العام لتنظيم قاعدة الجهاد في أفغانستان فإنه أيضا كان مبايعا للملا محمد عمر زعيم حركة طالبان، وكان على تحالف وعلاقة حميمة مع جميع قادة طالبان». وكشف بيان المقريزي: «أن أبو اليزيد كان قد تزوج أرملة الإسلامي عادل عوض الشهير بأبو النضر، الذي كان الظواهري يعتز به كثيرا وكان يلقبه بـ(الرجل الشبح)، لأنه قد دوخ الأمن، ويعتبر من أحد أبرز قادة الجهاد، وقد قتل في كمين في محافظة الجيزة بمصر عام 1994».