الشلل يصيب المستشفيات السودانية بسبب إضراب الأطباء.. والسلطات تعتقل قياداتهم

عرمان لـ«الشرق الأوسط»: طريقة التعامل مع الأطباء امتداد لهجمة شرسة على الحريات

TT

نظم الأطباء السودانيون إضرابا مفتوحا في كل مستشفيات السودان التي أصابها الشلل التام، بعد أن اعتقلت السلطات الأمنية 5 أطباء، في وقت اعتبرت فيه الحركة الشعبية طريقة التعامل مع الأطباء «امتدادا لهجمة شرسة على الحريات». ونفت الخرطوم أمس مزاعم حركة العدل والمساواة بإسقاط مروحية تابعة للجيش السوداني في دارفور.

وقال بيان صحافي صادر من لجنة نواب اختصاصي الأطباء يوم أمس، إنها دخلت في إضراب شامل ومفتوح دون تغطية الطوارئ في كل المستشفيات، ابتداء من يوم أمس، وأصيب العمل الطبي في المستشفيات بالشلل التام، على الرغم من استعانة وزارة الصحة بعدد من أطباء الخدمة العسكرية الوطنية، وحشد أطباء موالين للحكومة.

وبدأت الأزمة بمطالبة الأطباء النواب بتحسين شروط المهنة، ودفع مستحقات مالية، ودخلوا في مفاوضات مع المسؤولين في وزارة الصحة، لكن الأطباء نظموا قبل يومين مسيرة سلمية، احتجاجا على اعتقال عدد من الأطباء. وقال بيان لهم: «إن سلسلة من الاعتقالات طالت أعضاء فاعلين باللجنة، حيث اعتقل الدكتور ولاء الدين بابكر وأفرج عنه ليعاد اعتقال رفيقه الدكتور الهادي بخيت وهو في ظروف صحية سيئة بسبب الاعتقال والتعذيب الوحشي»، واتهموا قوات الشرطة باستخدام الهراوات والعصي لتفريق تجمهراتهم قرب مستشفى الخرطوم التعليمي. يشار إلى أن الأطباء كانوا أول من نظم إضرابات ضد نظام حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري في منتصف ثمانينات القرن الماضي حتى سقوط حكمه في أبريل (نيسان) 1985. وهو ما يدفع السلطات لاحتواء تداعيات الإضراب وعزله عن أي مؤثرات سياسية.

وفي سياق ذي صلة، شجب نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان تعامل السلطات مع إضراب الأطباء، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن طريقة التعامل مع الأطباء هي امتداد للهجمة على الحريات والاعتقالات التي شملت الصحافيين والسياسيين في نسخة جديدة للإنقاذ لما بعد الانتخابات». وطالب بـ«الحوار وإطلاق سراح المعتقلين وحل قضايا الأطباء وفق استراتيجية جديدة هدفها المواطن». وفي حين شدد الناطق باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي حاتم السر على رفض حزبه لضرب واعتقالات الأطباء، دعا السلطات الحكومية إلى النظر في قضايا الأطباء المطلبية العادلة بما تستحق من تفهم. وطالب السر الحكومة بالكف عن المضايقات الأمنية، وبالإفراج عن المعتقلين السياسيين والنقابيين، وأشار إلى أن السلطات الأمنية السودانية «ما زالت ماضية في غيِّها وقمعها بما يهدد الحياة الديمقراطية والعمل النقابي والتجمعات المطلبية».

إلى ذلك شطبت نيابة أمن الدولة الاتهامات الموجهة لمدير عام شركة «دار الندوة» التي تصدر عنها صحيفة «رأي الشعب» ناجي دهب، وقررت إخلاء سبيله فورا، في حين أحالت بقية الصحافيين المتهمين إلى المحكمة. وأشار أمين الأمانة القانونية بحزب المؤتمر الشعبي دكتور محمد العالم إلى أن النيابة قررت إخلاء سبيل ناجي دهب، وأحالت كلا من نائب رئيس تحرير الصحيفة أبو ذر علي الأمين، والمحرر العام أشرف عبد العزيز، وسكرتير التحرير رمضان محجوب، ورئيس القسم السياسي الطاهر أبو جوهرة إلى المحكمة.

وقال إن الدفاع رفض استئناف القرار وفضل إحالتهم للمحكمة. وقال إنهم يواجهون تهما تحت القانون الجنائي تتعلق بـ(الاشتراك الجنائي، الاتفاق الجنائي النشر الضار، تقويض النظام الدستوري، إثارة الفتنة بين الطوائف، والإدلاء بمعلومات تضر بسمعة الدولة». وقال إن أبو ذر أضيفت إليه المادة 139، التي تتعلق بالأذى الجسيم، وتتراوح عقوبة هذه الجرائم ما بين الإعدام والسجن.

وكانت السلطات قد اعتقلت الصحافيين في منتصف الشهر الماضي تزامنا مع اعتقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي، وإغلاق الصحيفة لنشرها أخبارا وتقارير حول علاقة الخرطوم بالحرس الجمهوري الإيراني، ووجود عسكريين إيرانيين في مصنع «جياد» للتصنيع الحربي، بالإضافة إلى العمل على تخريب علاقات السودان الخارجية.

على صعيد آخر قالت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، إنها أسقطت طائرة عمودية تابعة للجيش السوداني بالقرب من مدينة نيالا عاصمة جنوب الإقليم، لكن الخرطوم نفت هذه الأنباء، واعتبرتها عارية من الصحة.

وقال الناطق باسم الحركة أحمد حسين آدم لـ«الشرق الأوسط»: إن قوات حركته أسقطت مروحية تابعة للجيش بالقرب من معسكر «كلمة» للنازحين، المجاور لمدينة نيالا، وقال إن 5 من طاقم المروحية لقوا مصرعهم، وأضاف أن قوات الحركة هزمت قوات الجيش في 8 مواقع بشمال وجنوب وغرب دارفور، واستولت على الكثير من الآليات العسكرية الثقيلة والخفيفة، لكن المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد نفى سقوط أي طائرة تابعة له في دارفور. وقال إن ادعاء حركة العدل والمساواة إسقاط طائرة قرب نيالا خبر كاذب، ولا أساس له من الصحة.

وقال آدم إن رئيس حركته خليل إبراهيم، الموجود في العاصمة الليبية طرابلس، التقى الوسيط الدولي المشترك جبريل باسولي أول من أمس، وأكد له رفض الحركة الذهاب إلى الدوحة «لأن الأولوية للحركة هي الدفاع عن شعب دارفور والهامش الذي يتعرض لقصف وإبادة يوميا».

من جهته نفى المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد في تصريحات أمس سقوط أي طائرة تابعة له في دارفور، وقال: «هذا الخبر كاذب ولا أساس له من الصحة، ليس لدينا أي طائرة أسقطت»، وقال إن قوات الحكومة حققت انتصارات كبيرة على متمردي العدل والمساواة في منطقة عدولة في ولاية جنوب دارفور، وأنها دمرت 35 سيارة، واستولت على أسلحة ثقيلة وخفيفة، مشيرا إلى أن قوات العدل والمساواة تكبدت خسائر في الأرواح، وأن القوات الحكومية تطاردهم، معتبرا أن قوات الحركة أصبحت مجموعات صغيرة، وليس لديها قاعدة تستند عليها. وقال: «عموما، الشرطة تقوم بتأمين الحركة التجارية، وهي منسابة هنا بسلام».