إدارة أوباما تناقش سياسة جديدة تجاه غزة

بايدن: الإدارة تسعى لإقناع إسرائيل بتغيير نهجها.. لكن من حقها تفتيش السفن

TT

اعتبر مسؤولون في الإدارة الأميركية أن الحصار على قطاع غزة بات غير مبرر، وأن الإدارة تخطط لممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل من أجل تبني سياسة جديدة تضمن أمن إسرائيل، وتسمح بمرور المزيد من الإمدادات إلى غزة، بعد الاعتداء على أسطول الحرية ومقتل 9 متضامنين دوليين مع غزة. ويرى المسؤولون الأميركيون في تصريحات لصحيفتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، أن الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي حاول كسر الحصار، ولقي إدانة دولية واسعة، خلق فرصة جديدة لفرض المزيد من التواصل مع السلطة الفلسطينية وسياسة أقل قسوة ضد غزة. ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول بالإدارة القول إن هناك إجماعا على أن الوقت قد حان لتبني سياسة جديدة إزاء غزة. ولكن هذا المسؤول لم يقدم تفاصيل حول كيفية تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع منطقة تسيطر عليها حركة تصفها الإدارة الأميركية بأنها إرهابية. وقال مسؤول آخر لـ«نيويورك تايمز» إن اجتماعات عقدت لاستكشاف السبل البديلة للتعامل مع السفن التي تحاول كسر الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين في غزة. وقال المسؤول إن «القوات المسلحة في كلا البلدين تجري مشاورات بشأن ذلك في الوقت الراهن». ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول طلب عدم ذكر اسمه، القول إن هذا التحول في السياسة لا يزال في مراحله الأولى، عاكسا توجها في المستويات العليا من الإدارة. وأضاف: «ما من شك في أننا بحاجة إلى تبني سياسة جديدة تجاه غزة». وأكد ذلك جو بايدن نائب الرئيس الأميركي بقوله في مقابلة تلفزيونية، بثت الليلة قبل الماضية، أن الإدارة تسعى إلى إقناع الحكومة الإسرائيلية لتغيير نهجها تجاه غزة،. وقال بايدن حسب صحيفة «واشنطن بوست»: «مارسنا ضغوطا كبيرة على إسرائيل لحملها على السماح بدخول مواد البناء وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى غزة». غير أن بايدن دافع عن حق إسرائيل في تفتيش السفن، بقوله حسب «واشنطن بوست»: «ربما يحق للبعض التساؤل حول ما إذا كان لإسرائيل الحق في إنزال قوات على تلك السفن أم لا.. لكن المؤكد أن إسرائيل في حالة حرب مع حماس، ولذا فإن لديها الحق في معرفة ما إذا كان يجري تهريب الأسلحة على تلك السفن أم لا».

وقالت «واشنطن بوست» إن مسؤولين في الإدارة الأميركية يلتقون بدبلوماسيين إسرائيليين ومسؤولين أمنيين لمناقشة سبل تغيير الحصار والسماح بمرور المزيد من المساعدات دون تعريض أمن إسرائيل للخطر. وقال مسؤولو البيت الأبيض إن أوباما أجرى اتصالات هاتفية كثيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب الاعتداء، كما التقى مستشار الأمن القومي الأميركي مع نظيره الإسرائيلي عدة ساعات هذا الأسبوع. وقال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي، إنه رغم أن مسألة رفع الحصار أمر غير مطروح للنقاش فإن إسرائيل تشارك الإدارة الأميركية الهدف في تحسين الأوضاع المدنية في قطاع غزة. وأضاف: «إننا منفتحون على مناقشة أفضل السبل للتوفيق بين الاحتياجات المدنية لأهالي غزة والمتطلبات الأمنية الإسرائيلية». في المقابل وحسب ما ذكرت «نيويورك تايمز»، فإن إسرائيل ستصر على أخذ ثلاثة عوامل بعين الاعتبار، أولها أمنها ومنع أي فائدة لحركة حماس، وإطلاق سراح الجندي الأسير لدى حماس جلعاد شاليط. وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحصار بأنه ضروري لحماية إسرائيل من تهريب الأسلحة والمقاتلين الذين ترعاهم إيران إلى غزة. وقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في كلمته الليلة قبل الماضية: «لو لم يفرض الحصار، لتحولت غزة إلى ميناء إيراني، ولذا ستواصل إسرائيل الحفاظ على حقها في الدفاع عن نفسها». لكن المسؤولين الأميركيين عبروا عن اعتقادهم بأنه حتى نتنياهو يدرك هو الآخر الحاجة إلى نهج جديد في التعامل مع غزة. فرغم أنه رفض الضغوط الأميركية في السابق، التي طالبت في البداية بتجميد كامل للمستوطنات، فإنه اضطر إلى قبول تجميد جزئي لمدة 10 شهور. وكانت إسرائيل قد سحبت قواتها ومستوطنيها من غزة قبل خمس سنوات ووضعت أسسا لحدود دولية، غير أن وصول حماس، التي ترفض وجود إسرائيل، للسلطة إثر فوزها بالانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006، خفضت إسرائيل من حجم السلع الداخلة إلى غزة. وفي أعقاب اختطاف الجندي شاليط في غارة في يونيو (حزيران) من العام نفسه تم خفض المزيد من البضائع التجارية. وقال المسؤول الأميركي البارز: «تحول الحصار في العالم العربي إلى رمز لكيفية تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين، ومن ثم لا بد لنا من تغيير ذلك. فنحن بحاجة إلى إزالة آثار الهجوم على السفينة، في ما يرى الإسرائيليون أن ذلك ليس أمرا قابلا للتطبيق». لكن مسؤولي إدارة أوباما أكدوا على أن الضحايا الذين سقطوا في الهجمة على الأسطول قدموا دلائل جديدة على الحاجة الماسة لتغيير تلك السياسة وإنهاء الأزمة الإنسانية. من جانبهم يرى المسؤولون الإسرائيليون أنه لا توجد أزمة معونات إنسانية في القطاع لأن وزارة الدفاع تتأكد من وصول كميات كافية من الغذاء. لكن منظمات المساعدات الدولية تؤكد على تنامي سوء التغذية الذي وصل إلى 10% وأن تلك المشكلات الخاصة بإمدادات الأدوية والصحة العامة آخذة في الارتفاع بشكل خطير بسبب الإغلاق المفروض. ويقول عاموس جلعاد، المسؤول البارز بوزارة الدفاع الإسرائيلية، لـ«نيويورك تايمز»: «بالنسبة لغزة لا يوجد لدينا سوي حلول سيئة، وحلول أسوأ، وأشد أنواع الحلول سوءا. فحماس منظمة إرهابية أقسمت على القضاء على إسرائيل، ونحن في المقابل نسهل لهم الحصول على كل أنواع الأطعمة والمواد، حتى إنهم يصدرون الفراولة والزهور».

وكتب ألوف بين، رئيس تحرير وكاتب الرأي في صحيفة «هآرتس» التي تتحدث بلسان اليسار الإسرائيلي يوم الأربعاء: «إن الوقت قد حان لتبني نهج جديد نحو غزة، فمحاولة السيطرة على غزة من الخارج، من خلال قوائم طعام أهلها، تلقي ضغوطا كبيرة على إسرائيل، وتزيد من عزلتها الدولية. إذ يجب على كل إسرائيلي أن يخجل من قائمة البضائع التي تعدها وزارة الدفاع التي ترسل لهم القرفة والدلاء البلاستيكية، بدلا من النباتات المنزلية والكزبرة. لقد حان الوقت لأن نبحث عن أشياء مهمة لضباطنا ومسؤولينا للقيام بها أكثر من تحديث القوائم». ودعا إلى إغلاق الحدود بين إسرائيل وغزة وإعلام المجتمع الدولي أن إسرائيل لم تعد مسؤولة عن القطاع بأية حال، بما يجبر غزة على اللجوء إلى مصر؛ لأنها ممرها الوحيد إلى العالم. لكن مصر دأبت على رفض مثل هذه الفكرة في الماضي، مؤكدة أن قطاع غزة هو مسؤولية إسرائيل؛ لأنها احتلته منذ عام 1967.