المغرب: توتر بين الأصوليين والأمن لدى استقبال المشاركين في «أسطول الحرية» بمطار الدار البيضاء

رئيس المجموعة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»: سنرفع دعوى قرصنة على السلطات الإسرائيلية

TT

تحول حفل استقبال المغاربة المشاركين في «أسطول الحرية»، عند وصولهم أمس إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، إلى عملية لي الذراع بين السلطات الأمنية والمنتمين لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، وجماعة العدل والإحسان شبه المحظورة. فعلى طول الطريق البري المؤدي من الدار البيضاء إلى مطار محمد الخامس نصبت قوات الأمن والدرك المغربي مجموعة من الحواجز لمنع النشطاء الأصوليين من الوصول إلى المطار. وحاول بعض النشطاء اختراق الحواجز عبر التوجه إلى المطار على الأقدام، الشيء الذي واجهته السلطات الأمنية باستدعاء تعزيزات أمنية من القوات المساعدة (قوات شبه عسكرية) للتدخل قصد منع المتسللين من بلوغ مطار محمد الخامس.

وأمام باب المطار، حيث الحاجز الأمني الأخير، اجتمع نحو 300 شخص، بينهم قياديون أصوليون وبعض نواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان، وسط حصار أمني مشدد.

ومما زاد من حدة التوتر أن العائدين الأربعة رفضوا مغادرة المطار عند وصول طائرتهم في الساعة الثانية بعد الظهر، وقرروا الاعتصام في المطار احتجاجا على عدم سماح السلطات الأمنية لعائلاتهم باستقبالهم في المطار. ولم ينفرج الوضع إلا بعد الساعة الرابعة من يوم أمس، عندما خرج العائدون الأربعة من المطار، وتم استقبالهم بالزغاريد والهتافات، وتم حملهم على الأكتاف.

وتأسف عبد الصمد فتحي، عضو جماعة العدل والإحسان المشارك في «أسطول الحرية»، للاستقبال الرسمي الذي وصفه بـ«العنيف»، كما تأسف لعدم تمكن أسرته من الوصول للمطار لاستقباله. أما لطفي حسني، الذي شارك بدوره في «الأسطول»، فقال: «هذه المرة لم نتمكن من الوصول إلى غزة، ولكننا نعد إخواننا في فلسطين بأننا سنعيد الكرة، وسنصل إليهم في المرة القادمة بالدعم والإغاثة».

وقال مسؤول أمني في المطار لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا أن نجازف بفتح المطار أمام إنزال للحركات الأصولية وتحويله إلى منطقة للتظاهر والاحتجاج». وأضاف المصدر الأمني، الذي رفض ذكر اسمه، أن العدد الهائل للأشخاص الذين كانوا قادمين للمشاركة في استقبال العائدين، من شأنه أن يخل بالسير العادي للمطار».

واستنكر عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، منع المشاركين في تظاهرة الاستقبال من بلوغ المطار. وقال بنكيران، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر يتعلق هنا بقضية إنسانية، إلا أن الأمن المغربي أبى إلا أن يحولها إلى مصدر لتوتر مجاني. وأضاف: «هذا عبث، وإذا كان وزير الداخلية قد اتخذ القرار، فهو قرار خاطئ ولا يليق بوزير داخلية مغربي. للأسف بلادنا دائما تضيع مواعدها. كان الأجدر أن يتم الاستقبال في حفل رسمي بحضور الوالي ومسؤولي المطار. فهؤلاء الشباب رفعوا رأس المغرب بمشاركتهم في هذا الحدث التاريخي الذي قد يكون سببا في رفع الحصار على غزة».

من جهتها، قالت ندية ياسين، ابنة مرشد جماعة العدل والإحسان لـ«الشرق الأوسط»، ليس هناك قانون يمنع المغاربة من المجيء بشكل سلمي لاستقبال مغاربة شاركوا في قافلة سلمية لإيصال مساعدات إنسانية، كما لا يوجد قانون يمنع «أسطول الحرية» من الذهاب إلى فلسطين، والتعبير عن مطالب مشروعة بشكل سلمي.

وأضافت: «نحن جئنا مسالمين فرحين بعودة هؤلاء الأبطال الذين مثلوا الشعب المغربي، فإذا بنا نحاصر ونعامل كإرهابيين».

وبدوره، قال خالد السفياني، رئيس المجموعة المغربية لدعم فلسطين والعراق: «إن دماء شهداء أسطول الحرية لم تذهب سدى، فالعالم كله اليوم يتحرك من أجل التنديد بالتعسف والإرهاب الإسرائيلي والمطالبة برفع الحصار عن غزة. اليوم أعطتنا إسرائيل الذريعة لمتابعتها قضائيا في 45 دولة. فكل واحد من المشاركين في الأسطول، الذين ينتمون إلى 45 جنسية يمكنه أن يرفع دعوى قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية في بلده بتهمة القرصنة». وقال السفياني إن هناك أسطولا آخر يستعد للذهاب إلى غزة، وسيشارك فيه عدد أكبر من البواخر».

إلى ذلك, حظي اللبنانيون الأربعة الذين اعتقلتهم إسرائيل من سفن أسطول الحرية باستقبال الأبطال لدى عودتهم إلى بلادهم منتصف ليل أول من أمس. وعند نقطة رأس الناقورة على الحدود مع فلسطين المحتلة استقبل المحامي هاني سليمان وحسين شكر الملقب بـ«أبو الشهداء» ومراسل قناة «الجزيرة» القطرية عباس ناصر والمصور في هذه القناة أندريه أبو خليل بالزغاريد ورش الورود وسط تجمهر عدد كبير من المواطنين الذين حملوا الأعلام اللبنانية والتركية والفلسطينية وأعلام حزب الله.

وغلبت الحماسة والفرحة الكبيرة على العائدين الذين طبعت ملامحهم علامات التعب والإرهاق، فعجت منازلهم بالمهنئين وبممثلي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الذين جاءوا ليسمعوا تفاصيل رحلة أسطول الحرية، ما سبقها وما لحقها. ويتلقى رئيس البعثة اللبنانية في «أسطول الحرية» هاني سليمان المصاب في رجليه العلاج في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وكشف أنه بصدد «إقامة دعوى في الأراضي المحتلة ضد السلطات الإسرائيلية كما رفع دعوى في لبنان».

سليمان روى لـ«الشرق الأوسط» من سريره ما وصفه بأنه «أجمل اللحظات على الأراضي المحتلة»، فقال: «عيون الفلسطينيين هناك كانت تتلهف لرؤيتنا، أرادوا ضمنا وشمنا.. لولا صمودهم هناك لما بقيت فلسطين.. هم كانوا وسيظلون متمسكين بأرضهم وهويتهم». يتذكر سليمان فلسطين «المغتصبة» قائلا: «إنها جميلة وجميلة جدا.. مفارق طرقها جميلة.. أشجارها جميلة ومبانيها جميلة بالرغم من اللمسة الصهيونية إلا أن رائحة التراب والهواء عربية تماما كطعم المياه.. الأرض هناك وكما يقولون تتحدث بالعربية».