مخاوف عراقية إثر تقارير عن توجه سوري لـ«تغيير» مجرى نهر دجلة

مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط»: المشروع اتفق عليه مع بغداد عام 2002 والعراق يفتعل ضجة

TT

أكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية علي هاشم أن بلاده سترفض أي مشروع جديد تقيمه سورية على دجلة إلا إذا تم ذلك بموجب اتفاقيات مشتركة تدخل فيها تركيا أيضا. وسبق أن حذر العراق من مغبة تبني الكويت دعم مشروع سوري لسحب جزء من مياه نهر دجلة إلى الأراضي السورية وسط تقارير أخرى أفادت بوجود توجه لتغيير مجرى النهر إلى الأراضي السورية. وأشار تقرير بثه التلفزيون السوري مؤخرا إلى أن المشروع سيسهم في زيادة رقعة الأراضي الزراعية المروية إلى نحو 200 ألف هكتار.

وينبع نهر دجلة وطوله 1718 كلم من مرتفعات جنوب شرقي هضبة الأناضول في تركيا ويمر في سورية لمسافة 45 كلم فقط في ضواحي مدينة القامشلي ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فيش خابور التابعة لمحافظة دهوك.

وأفاد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في تصريحات نشرت أمس أن وزارته تتابع برسمية واهتمام بالغ مشروع تحويل مجرى دجلة إلى داخل الأراضي السورية، منوها بقدرة العراق على منع وقوع أي ضرر يلحق بحقوقه المشروعة من المياه. وبين زيباري بشأن المشروع أن «وزارته لا تخضع إلى ما ينشر في تلك الوسائل وإنما لقنواتها الدبلوماسية للتحقق من أي معلومة من خلال الأدلة والوقائع والبراهين»، موضحا أنه «قد يكون المقصود من مشروع تحويل مياه دجلة هو الاتفاقية التي وقعها النظام المباد عام 2002 وأعطى بموجبها لسورية سحب كميات محددة من المياه ومتفق عليها لغرض إرواء الأراضي الزراعية حينذاك، بيد أن تنفيذ هذا المشروع يحتاج إلى تمويل مالي كبير»، مشيرا إلى أن عملية تحويل مجرى مياه دجلة غير واقعية، فضلا عن وجود اتفاقات دولية تنظم مسألة تقسيم المياه بين دول المصب والمنبع والممر».

وبشأن تصريحات زيباري، قال هاشم: «إن تصريحات وزير الخارجية جاءت ردا على التهويل الإعلامي الذي حدث بعد الإعلان عن نية تنفيذ مثل هذا المشروع بتمويل كويتي»، مشيرا إلى أن «الجهات العراقية حتى الآن لا تملك معلومات عنه فهل هو نفسه الذي وقع في زمن النظام السابق أم غيره؟ فإذا كان نفسه فيفترض تطبيق بنوده وإعطاؤنا معلومات، أما إذا كان مشروعا آخر فنحن نتحرك حاليا من خلال القنوات الدبلوماسية والاتصال مع الجانبين السوري والتركي لمعرفة حجم المشروع للوصول إلى تفاهمات لكون واردات دجلة مهمة جدا للعراق وأي استغلال لها خارج الاتفاقيات سيؤثر سلبا علينا».

وبين المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية أن «جميع المعلومات الموجودة لدى الوزارة سواء من الناحية الفنية أو الهندسية أو من ناحية مشاريعها وخططها المستقبلية مع كل من سورية وتركيا لا تشير إلى هذا الموضوع»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن وزارته «طالبت الأطراف المعنية بتزويدنا بمعلومات حول هذا الموضوع». كما حذر مدير الموارد المائية عون ذياب من مغبة مثل هذه المشاريع، وقال: «إن ما تخطط له سورية عبر تحويل جزء من نهر دجلة إلى عمق أراضيها يعد التفافا على الاتفاقات الدولية للمياه»، مطالبا الحكومة العراقية بأن تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد.

بدورها وصفت مصادر سورية الضجة العراقية حول المشروع بأنها «مفتعلة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع جر مياه نهر دجلة يعود لعام 2002، حيث سبق أن اتفق الجانبان السوري والعراقي على قيام الجانب السوري بإنشاء محطة ضخ على الضفة اليمنى لنهر دجلة في الأراضي السورية وبسعة تصريفية لإرواء 150 ألف هكتار كمرحلة أولى. وينص الاتفاق أيضا على التزام الجانب السوري «بعدم تصريف مياه الصرف الزراعي وأي مياه أخرى كمياه الصرف الصحي إلى نهر دجلة أو أي مجار مائية ترد إلى الأراضي العراقية من داخل الأراضي السورية من المشروع باعتبار أن ذلك يمثل عاملا مؤثرا في زيادة تلوث مياه النهر الواردة إلى الأراضي العراقية». وقالت المصادر المتابعة إن هذا المشروع «واجه عراقيل كثيرة أدت إلى تأجيله أهمها معارضة الحكومات التركية والاختلاف في المفاهيم والمصطلحات فيما يخص تقاسم نهري دجلة والفرات باعتبارهما من الأنهار العابرة للحدود» ولكن أضافت المصادر: «وكثمرة لتحسن العلاقات السورية - التركية جاء إعلان دمشق مؤخرا عن مشروع جر مياه نهر دجلة، الذي ينبع من هضبة الأناضول، إلى داخل الأراضي السورية بهدف ري نحو 200 ألف هكتار من أراضيها». واعتبرت المصادر الضجيج العراقي حول المشروع «ضجة مفتعلة» لأن «المشروع ليس جديدا».