زيباري: لقاء خادم الحرمين الشريفين قيادات عراقية رسالة دعم.. وتحسن العلاقات مع دمشق مرهون بالحد من نشاط البعثيين

وزير الخارجية العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: نعد بغداد للقمة العربية المقبلة

هوشيار زيباري (أ.ف.ب)
TT

كشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن تفاصيل اجتماع اللجنة الوزارية الخماسية المكلفة بإعداد مذكرة إلى قادة الدول العربية الخمس لتحسين إدارة العمل العربي وتطوير الجامعة العربية، ورفع تقرير إلى القمة العربية الاستثنائية المقبلة. وقال زيباري في حوار مع «الشرق الأوسط» إن بلاده مع تطوير ميثاق الجامعة، لكن مع الإبقاء على اسم الجامعة العربية. وأفاد بأن اللجنة كلفت الأمانة العامة بإعداد مذكرة لتطوير ميثاق الجامعة.

كما تحدث زيباري عن الاستعدادات التي يقوم بها العراق لاستضافة القمة العربية التي تعقد في شهر مارس (آذار) عام 2011، وكذلك عن الأجواء السياسية والأمنية المطلوبة لعقد القمة، إضافة إلى مهام الحكومة العراقية الجديدة التي أشار إلى أنها ستشكل قريبا من تحالفات القوائم الأربع التي فازت في الانتخابات الأخيرة.

وأضاف زيباري أن الحكومة العراقية الجديدة سيكون أمامها برنامج تنفيذي لإغلاق الملفات القديمة العالقة مع دول جوار العراق في عدة مسائل، ومع التأكيد على التزام بلاده بالمقررات العربية والدولية في هذا الشأن. وقال إن لقاءات خادم الحرمين الشريفين مع قيادات عراقية تعتبر رسالة قوية بدعم السعودية للعراق، مشيرا أيضا إلى أن تعيين سفير للعراق في الكويت يعد كذلك رسالة تؤكد أن بغداد مع احترام سيادة الكويت ووحدة أراضيه، وأن العراق لم يعد لديه أي أوهام في أراضي الكويت. وأوضح أن علاقات بلاده مع سورية قابلة للمعالجة. وفيما يلي نص الحوار:

* ما هي نتائج اجتماعات اللجنة الخماسية الوزارية التي اجتمعت لبحث مبادرات تحسين أداء العمل العربي المشترك وتطوير هيكلة الجامعة العربية؟

- اللجنة الوزارية الخماسية تشكلت في قمة سرت بناء على قرار من القمة لمراجعة منظومة العمل العربي المشترك وهيكلة جامعة الدول العربية، وقُدمت مشاريع وأوراق من ليبيا واليمن والأمين العام للجامعة، تتعلق برابطة الجوار العربي. أما المبادرتان فهما تتحدثان عن تغيير اسم الجامعة العربية إلى اتحاد الدول العربية على غرار مسمى الاتحاد الأوروبي وغيره. وقد ناقشت اللجنة كل هذه الأفكار وإنضاج بعض العملية، وعليه فإن المناقشات التي دارت في الاجتماع كانت جدية وودية، لكن العراق لم يكن مع تغيير اسم جامعة الدول العربية باعتباره اسما تاريخيا، والإشكالية ليست في النظام والميثاق والهيكلية.. وقلنا إن إخفاقات العمل العربي جاءت نتيجة اختلاف الإرادات السياسية العربية، وإن الجامعة مظلومة في لومنا لها في كل شيء، لذلك كان هناك تقريبا شبه توافق في الآراء لأن يبقى اسم الجامعة العربية كما هو مع تحديث وتطوير هذه المنظومة، وعرض ما تتفق عليه اللجنة الخماسية على القمة العربية الاستثنائية التي ستعقد في ليبيا، وبرئاسة ليبية، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كما ناقشنا في الاجتماع الوزاري الخماسي عقد القمة العربية مرتين في العام، واحدة دورية ومرة أخرى تشاورية من دون بروتوكول ورسميات، في إطار تحسين أداء العمل العربي المشترك. والنقطة الثانية هي وضع المجالس الوزارية العربية التي يذهب عملها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي نعتبره أساس العمل العربي المشترك خاصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد طرحت فكرة أن يتولى رؤساء الحكومات هذا المجلس. والنقطة الثالثة كانت عن الميثاق، بمعنى أن الأمانة العامة للجامعة تعد ورقة لمراجعة بنود الميثاق وتحديث بعض البنود لمواكبة التطورات الجديدة، واتفقنا على عقد اجتماع آخر في ليبيا بعد إعداد الأمانة العامة لورقة تعديل الميثاق. وأتصور أن هذا الاجتماع قد يعقد مع نهاية الشهر الحالي.

* وماذا عن مستقبل مجلس الأمن والسلم العربي. وهل تم التطرق إليه خلال هذا الاجتماع؟

- بحثنا سبل تفعيل مجلس الأمن والسلم العربي من خلال تشكيل قوات حفظ سلام عربية تسهم فيها كل الدول العربية، وهي مسألة ممكنة التطبيق لكنها تحتاج إلى آليات، كما تحدثنا عن ميزانية الجامعة العربية التي لم تعد تستوعب نشاط الجامعة وهياكلها. وفي تقديري أن الاجتماع كان جيدا وعمليا.

* هل قدم العراق مقترحات تتعلق بتطوير هيكلة الجامعة؟

- قدمنا ورقة تتضمن مقترحات عملية في هذا الموضوع، والعراق من مؤسسي الجامعة العربية، لذلك حرص على إبقاء اسم هذه المنظومة كما هي «جامعة الدول العربية»، مع تحديث وتطوير الآليات الأخرى، واقترحنا كذلك تكثيف عمل الاجتماعات الوزارية وتقييم أداء المنظمات التابعة للجامعة من حيث فاعليتها والتركيز على بعض المنظمات التي تقدم خدمة للعمل العربي المشترك.

* لماذا صدر البيان الختامي للاجتماع الوزاري بشأن قافلة الحرية ضعيفا؟

- القرار صدر بالتوافق. وفى البداية كانت هناك أصوات ومطالب بسحب مبادرة السلام العربية وبقطع العلاقة مع إسرائيل وفتح المعابر، لكن بعد نقاش طويل الجميع وصل إلى هذا القرار، ولا أستطيع القول إن القرار ضعيف جدا، وإنما كانت له أنياب في الدعوة لكسر الحصار ومبادرة السلام، التي ستطرح على القمة القادمة، وتحرك الأمين العام للجامعة عمرو موسى مع مجلس الأمن لتوثيق جريمة القرصنة وملاحقة إسرائيل قانونيا.

* هل تم التطرق إلى عقد القمة العربية في العراق خاصة أن القرار عقدها برئاسة العراق والمكان متروك لتحسن الأوضاع الأمنية؟

- بحثنا هذا الموضوع في لقاء ثنائي بين الوفد العراقي ووفد الأمانة العامة والأمين العام، وقلنا إن هناك قرارا عربيا صدر عن قمة سرت لاستضافة العراق للقمة القادمة في بغداد، ونحن قبلنا الاستضافة والرئاسة، وبدأنا العمل مباشرة بعد انتهاء قمة سرت، وتشكلت لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية ووزراء الداخلية والإعمار والثقافة والسياحة والأمن والنقل، أي من كل مرافق الدولة المعنية، إضافة إلى محافظة وأمانة بغداد، وخصص مجلس الوزراء قبل يومين مبلغا ماليا وصلت دفعته الأولى إلى مائة مليون دولار، والدفعة الثانية إلى مائة وخمسين مليون دولار لإعداد البنية التحتية من إنشاء لقاعة مؤتمرات والإقامات للوفود، وأهم شيء بالنسبة لنا هو توفير الأمن وتأمين وصول القادة العرب إلى بغداد، وفى تقديرنا سيكون ذلك رسالة قوية جدا جدا من كل الدول العربية إلى الشعب العراقي والعالم بأن العراق عاد بكل قوة إلى موقعه وأشقائه، وهذه مسألة متبادلة.. أي من الواجب علينا أن نوفر الأمن والإعداد الكامل للقمة، وكل مستلزمات عقد القمة وكل الظروف الأمنية والسياسية واللوجيستية، وأن نتحرك باتجاه كل الدول العربية قبل انعقاد القمة لإطلاع الدول على ما قمنا بعمله من أجل عقد القمة في بغداد وبمشاركة عربية جيدة.

* هل ترى أن الأجواء السياسية مناسبة خاصة في ظل عقبة تشكيل الحكومة الذي قد يستغرق وقتا لحين ترتيب أوراقها ثم العلاقات العربية العراقية؟

- قبل انعقاد القمة وبوقت كاف سوف تعالج كل هذه القضايا، وسوف تشكل الحكومة العراقية، وقبل يومين المحكمة الاتحادية العليا صادقت على النتائج النهائية للانتخابات، ومن المنتظر أن تتشكل الحكومة من القوائم الأربع الفائزة في الانتخابات، أو فيما بينها، ونرى أن عملية التفاوض والتحالف الجدي سوف تبدأ من الآن فصاعدا.. نعم تأخرنا ثلاثة أشهر، لكن نظامنا القانوني يسمح لنا بتشكيل حكومة توافق في ظرف خمسة أشهر.

* هل من ملامح تبدو في الأفق حول من سيشكل الحكومة؟

- حتى الآن يمكننا القول إن الحكومة سوف تتشكل من هذه الكتل الأربع الموجودة، والتحالفات أساسية، وموازين القوى أصبحت واضحة بعد هذه الانتخابات.

* أسأل عمن يشكل الحكومة.. (إياد) علاوي أم (نوري) المالكي؟

- صعب جدا.. هناك اعتراضات من قبل كتل أخرى على المرشحين الموجودين. وكل طرف يحاول أن يعزز من موقعه من خلال تحالفات.. وستكون المعركة بأرقام.. أي 163 صوتا كحد أدنى لمن سيشكل الحكومة، لكن أي حكومة لا بد أن تحتاج إلى أغلبية مريحة في العمل وإقرار القوانين.

* وماذا عن مشكلات العراق مع سورية؟

- لا أحمل المالكي مسؤوليتها، لأن الحكومة اتخذت بعض القرارات في هذا الموضوع وليست شخصية، وقرار التعامل مع سورية، أشهد أمام الله وأمام المحكمة أنه كان قرارا حكوميا وبالإجماع وليس مالكيا أو أحاديا، وهو سحب السفراء والمطالبة بالتحقيق في التفجيرات التي حدثت، ومطالبة سورية بطرد المجموعات البعثية الموجودة على أراضيها.

* ما هي حكاية سحب سورية لمياه من نهر دجلة مؤخرا؟

- هذه المعلومات إعلامية، وتردد أن سورية تسحب بمضخات مياه دجلة لصالح مناطق زراعية لديها على أساس اتفاق بين سورية والعراق، وهذا حتى اليوم حسب تحقيقاتنا لم يتأكد لأن العملية نقوم بدراستها وكانت المشكلة في التمويل، كما ظهر في هذه النقطة أن البنك الكويتي للتنمية سوف يسهم في ذلك، وحتى الآن ليست لدينا معلومات موثقة، وسوف نتحقق من الأمر أولا.

* هل تعترضون على تمويل الكويت لهذا المشروع؟

- سبق أن أبدت بعض الدول الرغبة في تمويل مشروع مماثل لتركيا ونحن اعترضنا، وتحركنا دبلوماسيا وسياسيا وأوقفنا هذا لأنه يضر بمصالحنا وتفهمت هذه الدول موقفنا.

* هل هي أزمة افتعلتها الحكومة العراقية كما أعلنت سورية؟

- نحن في وزارة الخارجية لا نتعامل مع تقارير إعلامية وصحافية وإنما معلومات موثقة ومؤكدة، ومن خلال مصادر رسمية ودبلوماسية حقيقية، ويمكن القول إن الموضوع لم يصل مع سورية إلى مرتبة الأزمة.

* إذن لا مشكلة مع سورية خاصة أننا نتحدث عن أجواء انعقاد القمة العربية في العراق؟

- الإشكالية في علاقاتنا مع سورية أن السفراء مسحوبون، مع العلم بأن اللقاءات والزيارات والاتصالات مستمرة.

* إذن متى سيعود السفراء إلى بغداد ودمشق؟

- هذا هو السؤال. سحب السفير العراقي وكذلك سحب السفير السوري كان على خلفية التوتر السابق الذي حدث، وإذا تحسنت الأمور والظروف يمكن «عودة السفراء».

* بماذا تتحسن؟

- أن يأخذ الجانب السوري بعض الخطوات العملية للحد من نشاط المجموعات البعثية العراقية المعارضة الموجودة داخل سورية. وكلامي واضح.. لن أتهم سورية بشيء.

* هل قمت بإجراء اتصالات مع وزير الخارجية وليد المعلم لإصلاح ذات البين في العلاقة؟

- اتصالاتنا مستمرة، لكن نحتاج إلى قرار سياسي. وفي تقديري أن كل هذه القضايا سوف تحسم بعد تشكيل الحكومة العراقية القادمة.

* هل سيكون هناك جديد في سياسة الحكومة العراقية الجديدة في ملف العلاقات العربية العراقية؟

- كل الملفات ستكون جاهزة أمام الحكومة العراقية القادمة، وكل شيء قابل للمعالجة، ولدينا تركة تاريخية في موضوع تقسيم الحدود العراقية مع إيران، ومياه شط العرب، ومسألة القرارات الملزمة لنا بالنسبة لتحديد الحدود بيننا وبين الكويت، والتعويضات وقرارات مع مجلس الأمن، ومع تركيا لدينا مشكلة المياه.

* ومع السعودية ماذا تقول؟

- بالنسبة للتمثيل الدبلوماسي حتى الآن لا يوجد سفير وسفارة، ومن جانبنا لدينا سفير عراقي في الرياض، لكن مؤخرا الموقف السعودي تطور إيجابيا بعد استقبال خادم الحرمين الشريفين مجموعة من القيادات العراقية، وكان هذا نقطة تحول، خاصة استقبال كل من عمار الحكيم، وجلال طالباني، ومسعود بارزاني، وطارق الهاشمي، وهذا التوجه مشجع جدا ورسالة قوية بأن السعودية تريد أن تساعد العراق، وبالتالي فإن ملف العلاقات العربية العراقية، حقيقة، قابل للمعالجة، وفورا بعد تشكيل الحكومة العراقية ولا توجد عقد في هذا الملف أبدا.

* هل ترى أن مبادرة رابطة الجوار العربية تخدم العلاقة بين العراق وإيران بشكل إيجابي؟

- نحن من أوائل الدول التي طرحت مشروع الحوار العربي الإيراني انطلاقا مما للجامعة من علاقات بين الدول، ومنتديات حوارية مع الصين وتركيا واليابان وأميركا اللاتينية. والفكرة طورت في قمة سرت لأن يكون هناك حوار عربي إيراني مع رابطة الجوار الجغرافي في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط والعراق، يوافق على إقرار هذه الفكرة.

* ما هو موقف إيران في تقديرك خاصة أنها لم تعلق على أفكار الحوار العربي الإيراني حتى الآن بشكل عملي؟

- في تقديري سوف تتجاوب إيران مع فكرة طرح حوار عربي إيراني - ثقافي واجتماعي وسياسي - ولنا مثال على أهمية التعامل مع إيران وهو موقف البرازيل، وهي دولة تقع على بعد آلاف الأميال، ووقعت اتفاق تبادل الوقود النووي الإيراني، ونسأل: لماذا لا يكون ذلك مع مجموعة الدول العربية؟

* التقيت مؤخرا بممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لإخراج العراق من بند الفصل السابع. ما هي النتائج؟

- العراق قطع شوطا طويلا في هذا الموضوع، لأن العراق محكوم بـ73 قرارا دوليا ملزما من مجلس الأمن تحت بند الفصل السابع. وخلال العام الماضي وأشهر من العام الحالي أغلقنا الكثير من هذه الملفات، من بينها ملف نزع الأسلحة وأسلحة الدمار الشامل، ونعمل حاليا في ملف عقود النفط مقابل الغذاء التي لم تسدد، وسوف يتم إنجازه قريبا، وكذلك الحالة بين العراق والكويت، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي من الحكومة القادمة. ومؤخرا، وللتأكيد على جديتنا في التعامل مع الجار الكويتي، أرسلنا سفيرا للعراق في الكويت، وهى أول مرة منذ عشرين عاما. وهذا له معنى ورسالة وهى أننا نؤيد استقلال وحرمة وسيادة أراضي الكويت ووحدة أراضي الكويت، وأن العراق لم يعد لديه أي أوهام في أراضي الكويت، وبالتالي هناك تقدم، لكن في تقديري فإن الحكومة القادمة، أيا كان شكلها، أمامها برنامج صريح وواضح لتنفيذ التزاماتها الدولية والعربية.

* ما هو الموقف بالنسبة لخروج الأميركان من العراق؟

- الاهتمام الأميركي مركز على استراتيجية الخروج، التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك أوباما. وميدانيا خرجت القوات الأميركية من المنطقة الخضراء وبغداد، كما تؤكد أميركا أن التزاماتها تجاه دعم استقرار العراق موجودة وباقية، وأن التزاماتها السياسية والاستراتيجية سوف تنفذ.