مراسم إحياء ذكرى وفاة الخميني تتحول إلى ساحة تراشق بين حفيده وأنصار نجاد

الرئيس الإيراني يهدد المعارضة بـ«الإقصاء».. وكروبي يمنع من زيارة ضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية * موسكو تحذر من العجلة في التصويت على العقوبات

المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، يحيي الحضور خلال مراسم ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية، الخميني، ويظهر خلفه حسن الخميني، جنوب طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما أحيا الإيرانيون أمس الذكرى الـ21 لوفاة آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، تحولت مراسم الحفل الذي أقيم في ضريحه جنوب طهران إلى ساحة للتراشق بين حفيده، حسن، المؤيد للتيار المعارض، وبين أنصار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. ووجه نجاد انتقادات شديدة اللهجة إلى المعارضة الإيرانية مهددا بإقصائها من المسرح السياسي.

وحضر مراسم إحياء الذكرى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، كما حضر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وألقى كل منهما خطابا بالمناسبة.

وألقى حسن الخميني خطابا كعادته كل عام، غير أن عناصر من المناهضين للمعارضة وأنصار أحمدي نجاد رددوا هتافات وشعارات احتجاج على دعم حفيد الخميني للمعارضة والحركة الإصلاحية في الجمهورية الإسلامية، مكررين عبارة «الموت للمنافقين»، وهو الشعار الذي تطلقه السلطات على المعارضة.

وطلب حسن الخميني من الحضور الاستماع إليه وأن يدعوه لينهي خطبته، غير أنهم استمروا في مقاطعته لمرات عدة، الأمر الذي اضطره إلى ترك المنصة قبل أن ينهي كلمته. وقال حسن الخميني قبل أن يغادر مراسم الحفل إن «قدسية المناسبة لا تستحق ما فعلته مجموعة صغيرة من الحضور». ونقلت وسائل إعلام إيرانية أن أقارب آخرين للخميني غادروا الحفل أيضا احتجاجا على الحادث. ومن جانبه توعد نجاد في خطبته باتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضة قبل أيام من مظاهرات الاحتجاج المقررة لإحياء ذكرى الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي جرت في 12 يونيو (حزيران) العام الماضي.

وقال أحمدي نجاد في خطابه: «من يريدون تشويه صورة البلاد ونظامها سيجرى إقصاؤهم من المسرح (السياسي)».

وخيمت الاتهامات بالتزوير التي قادت إلى احتجاجات واسعة بظلالها على الانتخابات، حيث لم تعترف المعارضة لا بنتائج الانتخابات ولا بإعادة انتخاب أحمدي نجاد. وقمعت الحكومة الاحتجاجات واتهمت زعماء المعارضة بكونهم عملاء للغرب.

وقال أحمدي نجاد: «الانتخابات التي جرت العام الماضي كانت الأكثر ديمقراطية في العالم، حيث إنه لا يوجد في أي مكان في العالم 40 مليون ناخب يدلون بأصواتهم في الانتخابات. وبالانتخابات كسرنا بالفعل الرقم القياسي العالمي في الديمقراطية».

وأدت المظاهرات ضد أحمدي نجاد إلى موجة من الاعتقالات وصدرت أحكام طويلة بالسجن ضد أكثر من مائة متظاهر، من بينهم وزراء سابقون ومشرعون. وقتل 36 شخصا على الأقل في الاحتجاجات. وتزعم المعارضة إن العدد أعلى. وأعدم اثنان وينتظر ستة آخرون تنفيذ حكم الإعدام ضدهم. وقدمت المعارضة طلبا للسماح بتنظيم مسيرة احتجاجية في 12 يونيو، ويعتقد على نطاق واسع أن وزارة الداخلية سترفض الطلب. وحذر نجاد مخاطبا الحشد من أن الحكومة لن تقبل تجدد الاحتجاجات الأسبوع القادم عندما تحل الذكرى الأولى للانتخابات.

وعلى الرغم من الحر الشديد وقف الرجال، والنساء وهن يرتدين النقاب الأسود الذي يغطيهن بالكامل، في ضريح الخميني. وقالت وسائل إعلام إنه تم نقل أكثر من مليوني إيراني بـ50 ألف حافلة للمشاركة في المناسبة. ويأتي إحياء الذكرى وسط ارتفاع نسبة التضخم والبطالة، ناهيك بالقيود الاجتماعية، بالإضافة إلى حركة المعارضة التي تصر على الاستمرار رغم محاولات قمعها من قبل السلطات.

ومن جانبه، وجّه خامنئي انتقادات ضمنية إلى أطراف المعارضة متهما إياها بـ«خيانة» إرث مؤسس الجمهورية الإسلامية. وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية إن «الذين يسعون إلى تغيير هوية الثورة لا يرفعون علما رسميا أو ملصقا، بل يقومون أحيانا بحرف الثورة عن مسارها من خلال اتخاذ خطوات تظهر أنهم يعملون على حماية الحرکة الثورية»، وأضاف أن «أعداء‌ الإمام (الخميني) والثورة يسعون للقضاء على الثورة من خلال حرف نهجها الأصيل».

وفي إشارة واضحة إلى اتهامات المعارضة للحكومة بتزوير الانتخابات، قال القائد الإيراني الأعلى: «لقد قاطع هؤلاء الذين لم يسايروا أسس ثورة 1979 الإسلامية»، ووسط هتافات الحشود المنادية بسقوط «المنافقين»، في وصف لقادة المعارضة، قال خامنئي: «لا يمكن أن تكون متبعا للإمام الخميني إذا كنت تدعم علنا الأحداث المخزية التي جرت الأشهر الماضية... وتدعم هؤلاء الذين خلقوا مثل هذه الأحداث».

وفي السنوات السابقة اعتاد السياسيون من جميع الاتجاهات على حضور مراسم إحياء ذكرى وفاة الخميني لإعلان «وفائهم» لمؤسس الجمهورية الإسلامية، غير أن سياسيين معتدلين، أمثال الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، لم يحضروا المناسبة أمس. وفي سياق متصل، تعرض مهدي كروبي، أحد قادة المعارضة الإيرانية، لهجوم من أنصار النظام حين كان يحاول الوصول مساء أول من أمس إلى ضريح الخميني. وبحسب وكالة «فارس» فإن عشرات آلاف الأشخاص الذين كانوا في محيط الضريح هتفوا بشعارات معادية للرئيس الأسبق للبرلمان الذي اضطر إلى مغادرة المكان تحت حماية حراسه الشخصيين.

وكان كروبي ورئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي، المرشحان للانتخابات الرئاسية، نددا بعمليات تزوير واسعة طالت الاقتراع، واحتجا على إعادة انتخاب أحمدي نجاد.

واتهم كروبي على موقعه على الإنترنت القادة الإيرانيين الحاليين بمصادرة إرث الإمام الخميني. وقال كروبي: «إنهم (المسؤولون الإيرانيون) يتحدثون وكأن الإمام الخميني ملكهم وحدهم». وأضاف: «باسم الإسلام أضعفوا النظام بشكل خطر وأضروا بالطابع الجمهوري له. ونحن اليوم قلقون جدا على طابعه الإسلامي».

وشجب كروبي، الذي أصبح أحد وجوه المعارضة الإصلاحية منذ الانتخابات المثيرة في يونيو 2009، سعي النظام «لاتهام كل من يتحدث عن تزوير في الانتخابات بأنه من أعوان الموساد والـ(سي آي إيه)». وأضاف: «إن مصير الانتخابات بأيدي الباسيج (الميليشيا الإسلامية) والباسدران (الحرس الثوري)».

وعلى صعيد آخر، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي قوله أمس إن روسيا والصين ضد التعجيل بالتصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

ونقلت الوكالة عن لافروف قوله في العاصمة الصينية بكين: «نحن ضد الضغط من أجل إجراء تصويت»، وأضاف أن العمل على القرار اقترب من نهايته وأن المصالح الاقتصادية الروسية والصينية وضعت في الاعتبار في مسودة القرار، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».

وكان البيت الأبيض ودبلوماسيون غربيون قد قالوا إن من المتوقع أن يصوت مجلس الأمن الأسبوع القادم على مشروع القرار الذي تفرض بموجبه عقوبات جديدة على إيران لعدم إسهامها في تهدئة المخاوف بشأن برنامجها النووي.

وعلى مدى شهور حاولت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إقناع روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) بالموافقة على فرض مزيد من العقوبات على إيران.

وتقول الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى وإسرائيل إن إيران تستخدم برنامجها لتخصيب اليورانيوم كستار لإنتاج قنبلة نووية. وتنفي إيران هذا.