لبنان: تقرير «الشرق الأوسط» يعيد إحياء السجال حول الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة

مصدر في المعارضة يحذر من عدم الأخذ برأي بري بما يؤدي إلى طرح الثقة في الحكومة

TT

أثار نشر «الشرق الأوسط» أمس نص التوصية التي بعث بها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئاسة مجلس الوزراء، موجة من ردود الفعل في ضوء إعلان بري «عدم دستورية» الاتفاقية الأمنية الموقعة بين السفارة الأميركية والحكومة اللبنانية السابقة التي كان يرأسها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

وأعاد موقف بري موضوع «الاتفاق الأمني» إلى الواجهة مجددا، وسط توقعات بعودة التجاذب حوله بين فريقي «14 آذار» والمعارضة السابقة التي شنت حملة عنيفة في وقت سابق على التعاون مع الولايات المتحدة، واتهمت سفارتها بـ«التجسس» على اللبنانيين. وقد بحث الموضوع في حينه داخل لجنة الاتصالات البرلمانية التي أخفقت في الوصول إلى اتفاق حول كيفية التعاطي مع هذا الملف. وقالت مصادر في المعارضة السابقة لـ«الشرق الأوسط» إن عدم إقدام الحكومة على إدراج موضوع الاتفاقية على جدول أعمال مجلس الوزراء وفقا لتوصية بري الذي رأى ضرورة إعادة بحث هذا الموضوع انطلاقا من كون «الاتفاقات الدولية» من اختصاص رئيس الجمهورية ومجلس النواب، قد يؤدي بأحد النواب إلى تقديم استجواب للحكومة في هذا الموضوع، فإذا لم يقتنع بأجوبتها يمكن أن يطرح الثقة في هذه الحكومة أمام البرلمان. ورد أمس مقرر لجنة الإعلام والاتصالات النائب عمار الحوري (عضو كتلة المستقبل التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري) على كتاب رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء المتعلق بـ«الاتفاق الأمني»، موضحا أن «عنوان كتاب الرئيس بري هو تقرير لجنة الإعلام والاتصالات، وتبيانا للحقيقة فإن التقرير المذكور عائد لرئيس لجنة الإعلام والاتصالات الزميل حسن فضل الله، حصرا، ونحن لم نطلع عليه حتى الآن كلجنة إعلام واتصالات، على الرغم من مطالباتنا الكثيرة والمتكررة بذلك، وعلى الرغم من مرور كل هذا الوقت على إرساله»، مؤكدا مرة جديدة «عدم وصول لجنة الإعلام والاتصالات في حينه إلى رأي موحد حول الموضوع، كما أن أي تصويت لم يحصل في اللجنة، والأمر الوحيد الذي اتفقت عليه اللجنة هو أنها مختلفة حوله».

ولفت حوري في بيان أصدره إلى أن «إحالة الموضوع أساسا إلى لجنة الإعلام والاتصالات، تم للبحث في موضوع الاستمارة، وخطاب الرئيس بري في فقرته الأولى، يؤكد أنها لم تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ ويستخلص أنه يقتضي إهمالها»، مضيفا: «إن الاستنتاج بدستورية أو لا دستورية الموضوع المطروح لا يمكن أن ينطلق فقط من تقرير رئيس لجنة الإعلام والاتصالات تحت عنوان تقرير لجنة الإعلام والاتصالات، مع كامل الاحترام لشخص الزميل الكريم».

وتساءل عضو كتلة المستقبل، النائب عاطف مجدلاني، عن «سبب إعادة فتح ملف الاتفاقية الأمنية الموقعة بين السفارة الأميركية وقوى الأمن الداخلي على أبواب وصول الموازنة إلى مجلس النواب». وأوضح أن «الاتفاقية ليست اتفاقية أمنية إنما هبة لمساعدة قوى الأمن الداخلي في التدريب على كيفية متابعة الاتصالات وليس التنصت أو التجسس»، لافتا إلى أن «لجنة الإعلام والاتصالات النيابية انتهت من مناقشة هذا الملف وقد تبين أن تقرير اللجنة الأولى التي شكلها وزير الاتصالات شربل نحاس ذهب في هذا الاتجاه لكن تقرير اللجنة الثانية أتى مغايرا لمحاضر اللجنة الأولى». وأكد مجدلاني «إمكان مناقشة وجهة نظر رئيس مجلس النواب نبيه بري علما بأن موقفنا واضح لجهة أن هذه الاتفاقية لا تمس الدستور»، مشيرا إلى أن «وجهة نظر بري هي نفسها وجهة نظر الفريق الآخر في لجنة الإعلام والاتصالات أثناء المناقشات». واستغرب مجدلاني «اتخاذ هذا الموقف في وقت تهدف الاتفاقية أساسا إلى تقوية قوى الأمن الداخلي وزيادة كفاءاتها ومحاربة الإرهاب والتهريب بكل أنواعه». ولفت عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش إلى أن «الرأي الذي صدر عن الرئيس نبيه بري في كتابه حول الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الولايات المتحدة ولبنان، إلى رئيسي الجمهورية والحكومة، كان موضع مناقشة سابقا في اجتماعات لجنة الإعلام والاتصالات»، معربا عن اعتقاده بأنه «ربما كان خطأ ما في هذه الاتفاقية». وأكد أن «90 في المائة من الاتفاقية الأمنية مع واشنطن تم تطبيقه، ويبقى أمرها متروكا لمجلس الوزراء»، موضحا أنه «لو كانت هذه الاتفاقية موقعة مع روسيا بدلا من الولايات المتحدة، لما أثيرت هذه الضجة حولها».

وفي موقف لافت، أيد رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية»، سمير جعجع، إعادة طرح الاتفاقية على مجلس الوزراء على الرغم من إعلانه «الاختلاف في الرأي» مع بري في هذا الموضوع. وعن موقف بري قال جعجع: «لدي ضعف تجاه بري ولكن فيما يتعلق بهذه الاتفاقية فهذا رأيه وبالطبع آراؤه ليست مبنية على العدم، فأنا أخالفه الرأي في هذا الشأن ولكن أؤيد ما طرحه بضرورة إعادتها إلى مجلس الوزراء واستعراضها ومناقشتها مجددا باعتبار أن لا أحد منا متعصب لهذه الاتفاقية التي ليست اتفاقية أمنية بل اتفاقية تجهيز وتدريب، فإذا كانت تصب في صالح لبنان نستمر في السير بها، أما إذا أثبت العكس فنأخذ التدابير اللازمة».