استفسار رئيس البرلمان عن مصروفات الحكومة السابقة يثير تساؤلات حول معركة تصفية حسابات

مصادر السنيورة لـ«الشرق الأوسط»: إصرار بري على طرحه في الإعلام له أهداف سياسية

TT

يوما بعد يوم يتوضح أن التفسيرات التي طلبها رئيس مجلس النواب نبيه بري عن صرف 11 مليار دولار خارج القاعدة الاثني عشرية في عهد حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة تتجاور إطار الرقابة والمساءلة التي هي من صميم مهام البرلمان ورئيسه، إنما هي مؤشر أولي لما يشبه تصفية حساب مع السنيورة الذي تفردت حكومته الأولى باتخاذ مئات القرارات بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، الأمر الذي أثار غضب بري وكل فريق المعارضة السابقة، الذي طالب ولا يزال بإعادة النظر في كل القرارات التي اتخذتها تلك الحكومة لأنها لم تكن تحظى بالإجماع الوطني، وتخوفت مصادر متابعة أن يقود هذا المطلب إلى مطالب أخرى، تفتح الباب على أزمة ربما تعرض التضامن الحكومي للاهتزاز إن لم تزعزع بنيان حكومة الائتلاف الوطني.

وفي هذا الإطار أعلنت مصادر الرئيس فؤاد السنيورة لـ«الشرق الأوسط» أن «لا تفسير لموقف الرئيس بري حتى الآن»، وقالت المصادر «من حق رئيس المجلس أن يسأل عن الأرقام ويستفسر عن أي أمر، لكن المستغرب إصراره على إثارة الموضوع عبر وسائل الإعلام يعني أن الطرح بعيد عن هدفه الحقيقي، وربما له أهداف سياسية، وهذا يطرح أكثر من سؤال عن المغزى»، وعما إذا كان استفسار بري قد يؤثر على التضامن الحكومي أوضحت المصادر أن «هذا الأمر رهن بما ستحمله جلسات مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء»، آملة أن «يعود النقاش حول هذه المسألة وغيرها إلى مكانه الطبيعي وهو مجلس النواب». وكان السنيورة رد على بري بخصوص أرقام الإنفاق خلال السنوات الماضية، فأكد في بيان أصدره مكتبه الإعلامي أنه آثر «عدم الانجرار إلى سجالات عبر وسائل الإعلام بخصوص ما تناوله بري عن أرقام الإنفاق، علما أن جميع المعلومات والأرقام والمبالغ وأوجه إنفاقها منشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية وبإمكان من يريد الوقوف على تفاصيل ذلك الإنفاق الاطلاع عليها كاملة». وأكد السنيورة أن «المكان الصحيح والمناسب لمناقشة هذه المواضيع وغيرها هو المجلس النيابي».

واستدعى رد السنيورة ردا مباشرا من بري على ما اعتبره «نفي الرئيس فؤاد السنيورة باطنا (بشخص وزير المالية السابق جهاد أزعوره) ظاهرا حول ما ذكره بري عن المخالفة الدستورية التي نتجت من الإنفاق خارج القاعدة الاثني عشرية»، وأوضح أن «أرقام آخر موازنة للعام 2005 وفق جدول منشور على الصفحة الإلكترونية لوزارة المالية تظهر أن الإنفاق العام بلغ 10129 مليار ليرة، الأمر الذي يرسم حدود الإنفاق على القاعدة الاثني عشرية للسنوات التي تليها». واعتبر أنه «لا يمكن التذرع بزيادة رواتب وزيادة نفقات لأن كل ما أقره المجلس النيابي لا يتجاوز 800 مليون دولار دفع نحو ثلث هذا المبلغ». وتواصل السجال حول طرح بري فاستبعد وزير البيئة محمد رحال أن «يؤدي السجال الدائر إلى عدم إقرار الموازنة»، معربا عن اعتقاده بأنه «من الطبيعي أن يدور النقاش حول عملية الصرف خلال 5 سنوات، خصوصا أن البلد من دون موازنة منذ فترة». وحول ما أثاره بري عن صرف 11 مليارا خلال الـ5 سنوات الماضية، لفت رحال إلى أنه «تم طرح هذا الموضوع داخل مجلس الوزراء، وهناك مبالغ صرفت في السنوات الخمس الماضية، والكل يعرف، وليس بالأمر الخفي، ولكن اللجنة التي شكلت هي التي ستأخذ الإجراءات».

بدوره اعتبر وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة أن «الجدل يجب أن يتحول إلى داخل المؤسسات، ومن حق الرئيس بري أن يطرح ما يريد، مع وجوب طرحه في إطاره الصحيح وضمن المؤسسات»، متسائلا ما «إذا كان سبب الطرح سياسيا أو أبعد من مسألة الأرقام، مع العلم أن هذه الأرقام تعود للسنوات الماضية».

من جهته أوضح وزير الصحة العامة محمد جواد خليفة أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري كان دعا منذ البداية إلى التركيز على الأرقام في الموازنة عبر اللجنة الوزارية المشكلة، لكي يكون كل شيء واضحا ودستوريا». مؤكدا أن «المقصود من الموضوع ليس زعزعة الوضع الحكومي، إلا أن الرئيس بري كان واضحا، لجهة أن كل الأمور القانونية والدستورية يجب أن تسلك طريقها، وبالعكس فإن الرئيس بري يساعد الحكومة، والأمر الذي قاله هو قانوني ودستوري، ولا يمكن أخذه في غير منحاه».

واعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر أن «موضوع الموازنة حمل أكثر مما يحتمل»، لافتا إلى أنه «حتى لو لم يكن هناك تجاوز للقاعدة الاثني العشرية ولم يتجاوز الإنفاق موازنة عام 2005 فإن قطع الحساب ضروري لأن الدستور واضح في هذا الخصوص».