مصدر في ائتلاف الحكيم لـ «الشرق الأوسط»: المالكي يعول على تفتيت القوائم الأخرى

حديث عن عرض مناصب وحتى مبالغ مالية.. وقائمة علاوي الأكثر استهدافا

TT

تخلت الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية عن سياسة إرخاء حبالها خلال المناقشات والاجتماعات طيلة ما يقرب من شهرين، وبدأت بشد هذه الحبال باعتبار أن «هذه الحوارات غير رسمية وأن الحوارات التي ستتخذ طابعا رسميا وأكثر جدية تبدأ بعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات» على حد تأكيد رافع العيساوي، نائب رئيس الوزراء ورئيس اللجنة المفاوضة عن القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس في نية القائمة العراقية التنازل عن حقها الدستوري في تشكيل الحكومة، وأن لا صحة في قبول القائمة بمنصب رئيس البرلمان»، مشددا على أن «قوة القائمة وكلمتها الموحدة واختيارها لعلاوي كمرشح لرئاسة الحكومة القادمة».

الكتل بدأت بشد حبالها في سلسلة من ألعاب وتحديات شد الحبل، وتبدو أن هذه اللعبة مركبة ومتشابكة في آن واحد، فهي تجري داخل الكتلة الواحدة هنا، وبين هذه الكتلة بصورة عامة وبقية الكتل، هناك. ويجري ذلك إثر تصديق المحكمة الاتحادية الثلاثاء الماضي على النتائج وإعلان أسماء أعضاء البرلمان الجديد.

قائمة علاوي التي تبدو في الظاهر مسترخية وهادئة، إلا أنها في الجوهر تعمل على نسج حبالها بصبر وحكمة لتقوى منها استعدادا لجولات من لعبة شد الحبل مع بقية الكتل سعيا «لتنفيذ استحقاقها الدستوري لتشكيل الحكومة القادمة كونها القائمة الفائزة الأولى (91 مقعدا في البرلمان القادم)، والقائمة في انتظار تكليف رئيس الجمهورية لمرشحها علاوي بتشكيل الحكومة، حسبما نص عليه الدستور العراقي» حسب عدنان الدنبوس، القيادي في القائمة العراقية.

في غضون ذلك يشتد توتر العضلات والحبال في لعبة الحوارات التي تجري داخل الائتلاف الوطني العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي من جهة، وأيضا داخل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، من جهة ثانية، ثم بين الائتلاف الوطني العراقي مجتمعا، وائتلاف دولة القانون.

وإذا كان هناك ثمة استرخاء بين الائتلافين شهدته مباحثات الأسابيع الماضية، فإن الشد اليوم يبدو أكثر جدية وقوة، وهذا يتصاعد طرديا مع مرور الأيام وبدء العد التنازلي لعقد أول جلسة للبرلمان الجديد.

محمد علاوي، القيادي في العراقية، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس «نحن مستمرون في إجراء الحوارات مع التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى والتيار الصدري وحزب الفضيلة والتوافق للوصول إلى صيغة لتشكيل حكومة مشاركة وطنية لا تهمش أي أحد ولا تضع الخطوط الحمراء على أي جهة»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «الحوارات مع دولة القانون لم تتوقف وإن كانت تجري بوتيرة أقل نشاطا».

لكن أعضاء في العراقية ودولة القانون، سربوا لـ«الشرق الأوسط» معلومات عن وجود «نية حقيقية لدى أعضاء في قائمة المالكي للانضمام إلى قائمة علاوي بعد أن شعر هؤلاء بتهميشهم منذ البداية من قبل حزب الدعوة والمالكي، وأن لا أحد يصغي لآرائهم في موضوع ترشيح بديل عن رئيس القائمة والأمين العام لحزب الدعوة من أجل حلحلة الأوضاع الراكدة في العملية السياسية»، مشيرين إلى أن «هناك بعض المتحالفين مع المالكي قد يتخلون عنه وينضمون إلى الائتلاف الوطني».

سياسة تفتيت القوائم وقضمها من قبل قوائم أخرى، التي بدأت منذ إعلان النتائج نشطت في الأيام الأخيرة والأبرز تحركا في هذا الاتجاه هم أعضاء من قائمة دولة القانون، وأكثر القوائم المستهدفة هي القائمة العراقية التي لا يزال البعض يراهن على تفتتها وانشطارها كونها «تضم عناصر وشخصيات من اتجاهات سياسية غير متوافقة وقابلة للانشطار»، على حد قول عضو في دولة القانون الذي يصر بأن قائمته «هي الأقوى تماسكا كونها قائمة حزب واحد (الدعوة) ولا تزال مصرة على آرائها في ترشيحها للمالكي رئيسا للحكومة القادمة» ولكن هل يستحق هذا الإصرار خسارة القائمة لمناصب كبيرة في الحكومة القادمة، وخسران مشروع التحالف مع الائتلاف الوطني العراقي الذي ما زال «مجرد تحالف قيد الاختبار»، مثلما وصفه عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية، والقيادي في المجلس الأعلى ومرشحهم لرئاسة الحكومة القادمة. لكن محمد علاوي يسخر من هذه الآراء، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» قوة القائمة العراقية «فهي اليوم أكثر تماسكا ووحدة وجميع قيادييها وأعضائها يعرفون أن قوتهم بقوة القائمة، وأن برنامجها الوطني هو ما يجمعهم، البرنامج الذي ينبذ المحاصصة الطائفية، ويعتمد بناء دولة المؤسسات».

ويأتي ذلك وسط تأكيدات من قبل قيادي في الائتلاف الوطني بسعي «دولة القانون المستمر لتفتيت القوائم الأخرى، وخاصة العراقية والائتلاف الوطني عن طريق تقديم مغريات مادية ووعود بمناصب وزارية إذا ما تمكن المالكي من البقاء في منصبه كرئيس للحكومة القادمة». وأضاف هذا القيادي الذي رفض نشر اسمه، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «قائمة المالكي تراهن على جهودها بتفتيت القوائم الأخرى، فهم تحركوا على عناصر شيعية وسنية في آن واحد في القائمة العراقية لترك ائتلافهم مقابل وعود مغرية، وإن الوعود بدأت بتقديم مبالغ طائلة لمن يترك العراقية فقط، لكن هذه الجهود باءت بالفشل حتى اليوم»، مشيرا إلى أن «وعودا أخرى من قبل دولة القانون قدمت لأعضاء في الائتلاف الوطني مقابل الانضمام إلى قائمة المالكي التي تتحرك أيضا للتحالف مع الحزب الإسلامي (السني) ومنح منصب رئاسة البرلمان لإياد السامرائي زعيم الحزب الإسلامي لإظهار مشاركة المكون السني العربي في حكومة يشكلها المالكي، لكن المفاوضات هذه تبدو صعبة إذ يخشى الإسلامي من غضب أنصاره ومؤيديه إذا ما انضم حزبهم إلى دولة القانون وتحالف مع حزب الدعوة الشيعي».

من جهة أخرى، كانت رؤوس المراقبين السياسيين قد اتجهت إلى إقليم كردستان التي جمعت الثلاثاء الماضي وبمناسبة بدء أعمال المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الكردستاني، وإلى الاجتماعات التي جرت وراء الأبواب المغلقة بين القادة العراقيين العرب ونظرائهم الكرد.

فقد استبق المالكي ووفد حزبه الجميع في زيارة أربيل قبل يوم واحد من افتتاح مؤتمر الاتحاد للقاء رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وأمضى ليلته هناك. مصادر مقربة من اجتماعات بارزاني والمالكي أشارت إلى «عدم توصل الطرفين إلى نتائج معينة، أو على الأقل، المالكي لم يحصل على وعود محددة من رئيس إقليم كردستان الذي تحدث معه بصيغة قريبة من الدبلوماسية، ومؤكدا أن الأكراد مع الدستور ومع ما يقرره ومتمسكا بحقوقهم بكركوك وتطبيق المادة 140، ولم يملك رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها تقديم وعود معينة بصدد هوية أو عائدية كركوك، إذ سبق وأن قدم الكثير من هذه الوعود في عهد وزارته ولم يطبق أيا منها».

وفي السليمانية عقدت سلسة من الاجتماعات بين بارزاني ورافع العيساوي، القيادي في العراقية، وكذلك بين بارزاني والتيار الصدري، وكان آخر هذه الاجتماعات لقاء الحكيم ورئيس الإقليم في ذات الفندق الذي أقام فيه الرئيس طالباني مأدبة غداء لضيوفه الثلاثاء الماضي، وبعد الغداء مباشرة، ولم تصدر عن أي جهة أي تعليقات حول هذه اللقاءات والاجتماعات.

الوفود كلها عادت من السليمانية إلى بغداد باستثناء محمد علاوي الذي غادر إلى أنقرة قبل يوم واحد من وصول الرئيس بارزاني إليها، وليلتحق بهما هناك علاوي قادما من لندن، وعلى الرغم من أن الأنباء لم تتحدث عن زيارة رئيس القائمة العراقية إلى العاصمة التركية، ولا عن لقاء قد يكون ضم بارزاني وعلاوي هناك، فإن المراقبين السياسيين يعولون على مثل هذا اللقاء إن حدث، وإن كان علاوي يصر على حدوث أي لقاءات تتعلق بتشكيل الحكومة القادمة في العراق، سواء ببغداد أو أربيل.