أوباما يصف الهجوم على «أسطول الحرية» بـ«المأساوي» ويطالب بتحقيق في الحادثة

الإدارة الأميركية تفضل عنصرا دوليا في التحقيق.. وتواصل سياسة عزل حماس

قوات إسرائيلية تقترب من مجسّم لباخرة تشبه «أسطول الحرية» خلال مظاهرة في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» بـ«المأساوي». وعبر أوباما في حديث لقناة «سي إن إن» عن «أسفه» لما حدث. إلا أنه لم ينتقد قرار الحكومة الإسرائيلية لاستخدام القوة لصد الأسطول ولم يدن الحادثة، قائلا إنه من الضروري انتظار نتائج التحقيق الإسرائيلي في الحادث.

وقال أوباما: «كانت هناك وفيات غير ضرورية، ولهذا نطالب بتحقيق فعال في كل ما حدث. أتصور أن الإسرائيليين سيوافقون على تحقيق ذي معايير دولية لأنهم يعرفون أن هذا لا يمكن أن يكون شيئا جيدا لأمن إسرائيل على المدى البعيد». وأضاف: «لدى إسرائيل قلق (أمني) شرعي. ولكن من الجهة الثانية، هناك حصار يمنع الشعب الفلسطيني في غزة من فرص العمل والقابلية لخلق الأعمال والتجارة وأن يكون لديهم فرصة للمستقبل». وشدد أوباما على أهمية التركيز على عملية السلام، معتبرا أنه من الضرورة «استخدام هذه المأساة كفرصة كي نفهم كيف يمكن لنا أن نعالج قلق إسرائيل الأمني ولكن في الوقت نفسه نبدأ في فتح الفرص للفلسطينيين والعمل مع كل الأطراف المعنية؛ السلطة الفلسطينية والإسرائيليين والمصريين وآخرين. واعتبر أنه «يمكن أن يكون لتركيا صوت إيجابي في العملية كلها بعد أن نعالج هذه المأساة وأن نجلب الكل معا لمعرفة كيف يمكن لنا الحصول على حل الدولتين ليعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب في سلام وأمان».

وفي حين ترفض إسرائيل السماح بدور دولي في التحقيق، عبر مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى عن رغبة في إدخال عامل دولي إلى التحقيق. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس إن على إسرائيل أن تجري تحقيقا «يتماشى مع المعايير الدولية»، مضيفة: «نحن منفتحون على طرق مختلفة لضمان مصداقية التحقيق، بما فيها الحث على مشاركة دولية مناسبة».

وهذا ما عبر عنه وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس، قائلا: «سيكون من المساعد جدا، خاصة من وجهة نظر إسرائيل، إذا كان هناك تحقيق، أن يكون فيه جانب دولي ليضيف إلى مصداقيته أمام العالم الخارجي».

وتحصر الإدارة الأميركية تصريحاتها حول الواقعة في التركيز على التحقيق في القضية، متوخية الحذر من إبداء رأي أو آخر. وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركي بي جي كراولي أن الولايات المتحدة «تتوقع أن تقوم إسرائيل بتحقيق سريع وشفاف وذي مصداقية حول ما حدث على تلك السفينة». وأضاف: «الكل يريد أن يفهم ما حدث على السفينة والكل يريد ضمان وفعل كل شيء ممكن لمحاولة تجنب مثل هذه المأساة»، موضحا: «في محاولة فهم ما حدث على السفينة يجب أن يكون التحقيق ذا مصداقية... والتدخل الدولي في التحقيق هو الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك».

من جهة أخرى، أوضح كراولي أن دراسة الولايات المتحدة لسياسة جديدة مع غزة متواصلة. وقال: «لدينا قلق، خاصة في ما يخص مواد البناء، ليس فقط لعيش أهالي غزة، بل تحسين مستوى حياتهم على الأرض»، وشدد في الوقت نفسه على «قلق إسرائيل الأمني» الذي يجب أخذه بعين الاعتبار. ولكن يبدو من الواضح أن دراسة السياسة الحالية تجاه غزة لا تشمل مراجعة سياسة مقاطعة حماس، التي تعتبرها واشنطن «منظمة إرهابية». وشرح كراولي: «نحن واعون بمصالح إسرائيل التي تشاركها فيها الولايات المتحدة لعزل حماس، وهي منظمة إرهابية اختارت عدم المشاركة في عملية السلام واختارت عدم الاعتراف بإسرائيل واختارت إطلاق الصواريخ التي تهدد أمن إسرائيل واختارت عدم احترام الاتفاقات الدولية في ما يخص عملية السلام». وهذه هي الشروط التي تضعها واشنطن والرباعية الدولية للتعامل مع حماس التي تعيش قيادتها منعزلة في غزة منذ عام 2007. وأوضح كراولي أن السياسة الأميركية الحالية هي «البحث عن وسائل لتحسين حياة مواطني غزة بينما يتم عزل حماس وحماية أمن إسرائيل»، مضيفا: «سنبحث مع إسرائيل لمعرفة إذا ما كانت هناك تحسينات في طرق العمل الحالية للسماح بتدفق مزيد من السلع لأهالي غزة، وأسلحة أقل».

وهناك اهتمام في الولايات المتحدة حول الخطوات المقبلة في ما يخص السياسة تجاه غزة وحماية عملية السلام. وطالبت مجموعة «الأميركيون للسلام الآن» أن «يظهر الرئيس أوباما القيادة حول هذا الموضوع»، مطالبين إياه «بالعمل مع المجتمع الدولي، بما فيه مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، لخلق نظام أمني جديد لغزة».

وهناك أصوات كثيرة تدعم إسرائيل وتصرفها على الساحة الإعلامية الأميركية؛ من المرشح السابق للرئاسة الأميركية السناتور جون ماكين الذي قال إن على الولايات المتحدة أن تدعم مخاوف إسرائيل الأمنية، إلى عضو الكونغرس الديمقراطي أنتوني وينر الذي اعتبر الهجوم على «أسطول الحرية» جزءا من عملية لإثارة ضجة دولية. إلا أن هناك أصواتا أخرى بدأت تظهر في معاهد ووسائل إعلام أميركية تتساءل حول تصرفات إسرائيل. وقال المفكر الأميركي المتنفذ أنتوني كوردسمان من «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» إن «روابط أميركا بإسرائيل لا ترتكز أولا على مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية»، مضيفا: «الواقع هو أن الهدف الحقيقي وراء التزام أميركا نحو إسرائيل أخلاقي». وبينما يؤكد كوردسمان في مقال عنوانه «إسرائيل كضعف استراتيجي» أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن هذا الالتزام، شرح أن «عمق الالتزام الأخلاقي لا يبرر تصرفات حكومة إسرائيلية تجعل إسرائيل مصدر ضعف استراتيجي.. ويعني هذا أنه يجب ألا تدعم الولايات المتحدة حكومة إسرائيلية تفشل في السعي إلى السلام مع دول جوارها».