أوساط أميركية تحث سياسيين إسرائيليين على تشكيل حكومة سلام

ماكينة الدعاية الإسرائيلية تصر على روايتها

إسماعيل هنية يتحدث في مسجد العمري في غزة أمس (رويترز)
TT

كشفت مصادر إسرائيلية مقربة من أحزاب الائتلاف الحاكم، عن أن أوساطا سياسية في الولايات المتحدة تسعى لإحداث انعطاف سياسي وحزبي في إسرائيل، كجزء من خطة تهدف إلى مساعدة إسرائيل على استعادة مكانتها في المجتمع الدولي بعد الانخراط الجدي في عملية سلام. وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية أبلغت إسرائيل أنها معنية بمساعدتها على وقف التدهور في مكانتها، الذي بلغ أوجا جديدة مع مسلسل الأخطاء الفادحة في معالجة موضوع «أسطول الحرية» والسيطرة عليه بالقوة الحديدية وقتل 9 ركاب أتراك. وأكدت أن وضع إسرائيل بات خطيرا إلى درجة تحتاج إلى سلسلة إجراءات درامية وتغييرات شجاعة في السياسة الإسرائيلية تصبح حديث الناس في كل دول العالم وتغطي على أحداث «أسطول الحرية». ومن هذه الإجراءات، فك الحصار عن قطاع غزة وتحريك مسيرة السلام مع الفلسطينيين والتقدم فيها بخطوات كبيرة.

وتنسجم هذه المعلومات مع الخطوات التي بدأت الحكومة الإسرائيلية في اتخاذها، بناء على مقترحات ونصائح أميركية. فقد نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه مستعد لوقف الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة إذا ضمن رقابة دولية على السفن القادمة إليه، هو اقتراح أميركي. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، إن واشنطن اقترحت رزمة إجراءات تنصح إسرائيل بتنفيذها لكي تخرج من أزمتها الدولية، بينها: إعادة النظر في سياسة الحصار، والتفكير الخلاق في حلول للمشكلات الإسرائيلية الناجمة عن سياسة حماس في قطاع غزة بحيث لا توقع نفسها في ورطات شبيهة بورطة «أسطول الحرية» في المستقبل، وإجراء تحقيق إسرائيلي مقنع للعالم حول الهجوم العسكري الإسرائيلي على سفينة «مرمرة»، وسبب قتل 9 أتراك من ركابها وإصابة 45 راكبا آخر بجروح متفاوتة ما بين خفيفة وقاسية، و«سحب البساط» من تحت أقدام «حماس» ومثيلاتها، والامتناع عن الانجرار وراء هذه الحركة ومثيلاتها.

كما تنسجم هذه المعلومات مع مضمون الاتصال الهاتفي الذي بادر إليه المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل، مع وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، مؤكدا أن ما جرى من أحداث حول «أسطول الحرية» وردود الفعل المعادية لإسرائيل في العالم كله يؤكد أهمية وحيوية عملية السلام وكم هي إسرائيل في حاجة إلى عملية سلام ناجحة ومتقدمة.

وكشف النقاب عن لقاء سري جرى في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، بين باراك ورئيسة حزب «قديما» المعارض، تسيبي لفني، يقال إنه يصب في التوجه الأميركي لإعطاء دفعة قوية وجدية لعملية السلام. فقد تباحث باراك ولفني حول إمكانات التعاون لتغليب موضوع السلام على السياسة الحكومية وإمكانات إحداث تغيير في تركيبة الائتلاف الحكومي الحالية وضم حزب «قديما»، الذي يعتبر اليوم أكبر الأحزاب في إسرائيل (29 نائبا مقابل 28 نائبا لليكود)، والتخلص من الأحزاب اليمينية المتطرفة أو بعضها. وقد اتفق الطرفان على أن هناك ضرورة لإحداث هذا التغيير في سبيل عملية السلام.

وحسب عناصر مقربة من لفني فإن وجود أحزاب مثل إسرائيل بيتنا بقيادة أفيغدور لبرمان وزير الخارجية، وحزب شاس بقيادة ايلي يشاي، يعرقل إمكانات التقدم في المسيرة السلمية لأن أغلبها غير متحمس لعملية السلام.

الجدير ذكره أن ماكينة الدعاية الإسرائيلية تواصل نشاطها المحلي والدولي للبرهنة على أن الرواية الإسرائيلية إزاء ما حصل على سفينة «مرمرة» هي الرواية الصحيحة، وفي مركزها أن بضع عشرات من الركاب الأتراك على السفينة خططوا سلفا للصدام مع القوات الإسرائيلية المهاجمة. وعممت مؤسسة إسرائيلية - أميركية ذات علاقة مع الحكومة في القدس الغربية، تدعى «البرنامج الإسرائيلي»، معلومات أشارت فيها إلى أن امرأة عربية من الولايات المتحدة صورت وهي تشتم الأتراك الذين يهاجمون الإسرائيليين وتقول لهم إن هجومهم على الجنود الإسرائيليين يضر بمعركة «أسطول الحرية». كما ذكرت أن شابا عربيا آخر من ركاب السفينة، تصدى للركاب الأتراك بالقوة وحمل في وجوههم عصا حديدية مهددا بضربهم إذا هاجموا الجنود الإسرائيليين وهو يصيح: «أنتم تخدمون أهداف إسرائيل بهذا الهجوم، نحن نريد نضالا سلميا هنا». وقالت إن نشطاء سلام أوروبيين أيضا تصرفوا على هذا النحو وقالوا إن العنف لا يلائم معركتهم لفك الحصار عن غزة.

واستخدمت الإذاعة الإسرائيلية تقريرا بثته قناة «الجزيرة»، وقام مراسلها على السفينة بتصويره، يبين أن الركاب الأتراك حاولوا خطف 4 جنود إسرائيليين ممن هاجموا السفينة. وقالت إن هذا برهان آخر من مصدر عربي وليس إسرائيليا يفيد بأن الجنود الإسرائيليين تعرضوا للخطر وعندما أطلقوا الرصاص فعلوا ذلك وهم يدافعون عن أنفسهم.